كورونا والتحول الرقمي

سهام عبدالله الحوسني تؤكد أن الأزمة الحالية، وتواجد الجميع في بيوتهم قد ساهم في زيادة مبيعات الكتب الإلكترونية حول العالم بنسبة 10% خلال الأشهر الماضية.
رشا أيوب: "إن كانت كورونا ستسهم بتسريع كل ماهو رقمي فهي حتما لن تقضي على كل ما هو ورقي
ناشد نادر: ستؤكد لنا الأيام أن كورونا ستغير العالم إلى الأفضل، والمشكله لو ربنا أراد أن نعيش لنرى ذلك

مع امتداد الفترات الزمنية للعزلة الاجتماعية التي فرضها علينا فيروس كورونا المستجد، وتوقف جميع الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية في معظم دول العالم، ورفع شعارات مثل "خليك في البيت" و"ابق في بيتك"، والنصائح التي يقدمها الأطباء والعلماء والإعلاميون بأن البقاء في البيت هو أسلم الحلول لتفادي وباء كورونا أو محاولة تقليل الأعداد المصابة قدر المستطاع. 
وقد ظهرت الحاجة إلى تكثيف الاستعانة بأجهزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت وأجهزة الجوال أو الهواتف الذكية، وبادرت الكثير من المبادرات والمواقع الثقافية والجماعات الأدبية ومجالس الثقافة وقصور الثقافة وغيرها بالاتصال بالأدباء والشعراء والكتاب والمثقفين لتسجيل أعمالهم ومقالاتهم ومشاركاتهم صوتا وصورة وإرسالها لوضعها على قنوات اليوتيوب الخاصة بتلك الجهات، لخلق حالة من التفاعل الأدبي والثقافي والاجتماعي أثناء تلك العزلة. ليس هذا فحسب، ولكن أقرت وزارتا التربية والتعليم، والتعليمي العالي، كتابة أبحاث لطلابها بدلا من الامتحانات، وإرسال تلك الأبحاث عن طريق الوسائل الإلكترونية ليصححها المدرسون، وكلا الطرفين كان لا بد له من إجادة استخدام الكمبيوتر وشبكة الإنترنت للتواصل وتلقي الأسئلة والملاحظات وإرسال الإجابات، وخلق حالة من النقاش التعليمي والعلمي بين التلميذ وأستاذه،  
والسؤال الذي طرحتُه على صفحتي بالفيسبوك حول تلك الظاهرة يتعلق بمشاركة أدباء ومثقفين لم يكونوا من المؤمنين بدخول الزمن الرقمي في حياتنا الواقعية، فهل ستسهم أزمة كورونا بتسريع تحوّلهم الرقمي، هم وغيرهم من المتباطئين في استخدام التكنولوجيا، وتسهم في القضاء على كل ما هو ورقي في الفترة القادمة؟ وهل نحن جاهزون لهذا التحول؟
أجاب الكاتب صمويل شولي بقوله: "أتمنى، ولكن لا أظن"، بينما تمنى خالد بيومي، وقال: "يا ريت". وقال مصطفى علي: "بشكل عام على مستوى العالم بالفعل تم" وتدارك بقوله: "في مصر المستهلك والمستفيد من الخدمة غير جاهز"، أما الفنان التشكيلي محمد الطراوي فأجاب: "نعم بكل الحسابات الآنية"، بينما قالت رشا أيوب: "إن كانت (كورونا) ستسهم بتسريع كل ما هو رقمي فهي حتما لن تقضي على كل ما هو ورقي، كيف ورب الكون قد أقسم بالقلم؟!" وقد رددتُ على رشا أيوب قائلا: "ممكن القلم الإلكتروني، أو أقلام أخرى لا نعلمها. وهل عند نزول القرآن كانت هناك أقلام كالتي نستخدمها الان؟"
بينما أجاب القارئ محمد فضل بقوله: "نعم بدليل أبحاث المدارس والامتحانات بقيت عبر المنصة الإلكترونية". وقال الشاعر أحمد حسن "إن حدث ذلك فسوف تتقلص الحياة القديمة إلى حد كبير"، وقلتُ: فعلا .. هي في طريقها للتقلص .. وما نحن فيه الآن مجرد بدايات".
وقالت الكاتبة أنديرا محمد "الخوف على كل ما هو بشري، معدلات الإصابة في ارتفاع خاصة في مصر.. فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين"، وقال الشاعر ناشد نادر: "أكيد ستؤكد لنا الأيام أن كورونا ستغير العالم إلى الأفضل، والمشكله لو ربنا أراد أن نعيش لنرى ذلك".
القارئ حسن الأشقر أكد رأيه الشخصي بأن "الكتاب الورقي يبقي سيدا". أما الكاتب محمود قنديل فـجاب باقتضاب قائلا: "لا أعتقد"، وقال الشاعر نشأت المصري في اقتضاب أيضا: "منطقيا". وقال حسن فودة: "لا طبعا" وأوضح: "معنى كلامك أن تحدث هجرة عكسية بينما مسار الهجرة الطبيعية يكون من البيت للشارع لكسب العيش، ومهما زادت حدة الآوبئة ستظل النمطية المنتجة هي سيدة الموقف، ورغم انتشار ثقافة الإنترنت فإنها لن تستطيع زحزحة هذه النمطية لكن وجودها مقتصر على تخليص هذه النمطية من ضغط الدم الذي كان يصيبها من آن لآخر".
السفير المصري رضا الطايفي قال معقبا: "انتصرت الكورونا للثورة الرقمية بالفعل، وقد تؤثر سلبا على كل ماهو ورقي، وإن كنت أرى أنها لن تقضي عليه، بل ان كل ما هو ورقي يظل ضرورة حياة".
واستشعارا منها بأهمية الزمن الرقمي في عصر كورونا نظمت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي جلسة نقاشية افتراضية تحت عنوان "التطورات المستقبلية للكتب الإلكترونية" بمشاركة خبراء دوليين ومسؤولين عن قطاع النشر الإلكتروني.
تحدث في الجلسة كل من سهام عبدالله الحوسني، مديرة النشر الإلكتروني بدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، والخبير الأرجنتيني أوكتافيو كوليز، مستشار اليونسكو في القضايا ذات الصلة بالثقافة والإبداع الرقمي والذكاء الاصطناعي، وستيفن روساتو، المدير التنفيذي لتطوير الأعمال والمدير العام لشركة أوفردرايف، وجياكومو دانجيلو، الرئيس التنفيذي لـستريت ليب – وهي منصة توزيع عالمية لصناعة النشر الالكتروني، وجوليا بالوغ، المشرفة على قسم الحقوق المحلية والدولية والتراخيص في دار النشر النمساوية الرائدة أوبررويتر.

وأدار الحوار صلاح شبارو، مؤسس ومدير موقع نيل وفرات، أحد أكبر وأهم المواقع لبيع الكتب العربية على الإنترنت.
وقالت سهام عبدالله الحوسني إن الأزمة الحالية، وتواجد الجميع في بيوتهم قد ساهم في زيادة مبيعات الكتب الإلكترونية حول العالم بنسبة 10% خلال الأشهر الماضية.
وأضافت أن دائرة الثقافة والسياحة اضطلعت بدورٍ مهم لدعم الطلاب في الدولة خلال فترة التعلم عن بعد ودعم الأفراد خلال فترة بقائهم في منازلهم، وسعت لتوفير محتوى تعليمي متنوع مجاناً على منصاتها، بالإضافة إلى إقامة شراكات جديدة لإتاحة الكتب التي نشرتها الدائرة على منصات متعددة.
وقال أوكتافيو كوليز إن قطاع الكتب شهد العديد من مبادرات التضامن العالمية لدعم متاجر بيع الكتب، وذلك استناداً إلى الإجماع على أهمية الكتاب المطبوع في المضمار الثقافي مضيفا أنه من خلال عمله مع اليونسكو أدرك الطبيعة المزدوجة للكتاب، فهناك الشق الاقتصادي لهذه الصناعة وهناك القيمة الثقافية التعليمية والإنسانية.
وأوضح ستيفن روساتو أن العديد من المكتبات العامة حول العالم ومنها مكتبات أبوظبي العامة ومكتبة الشارقة العامة تستخدمان منصات أوفردرايف، وقد اضطروا للعمل بجهد كبير لمواكبة الزيادة الهائلة في الطلب على الكتب الالكترونية خلال الأشهر الماضية، وأضاف أنه رأى الكثير من أوجه التضامن التي تطرق إليها أوكتافيو، حيث قامت العديد من دور النشر بتوفير الكتب مجاناً.
وأكد أن مبيعات الكتب الالكترونية عبر المنصات التي تديرها أوفردرايف قد زادت بنسبة 30% خلال أول أسبوع من تطبيق الحجر المنزلي، بينما حققت مبيعات كتب الأطفال زيادة تتراوح ما بين 65% إلى 75%خلال نفس الفترة.
وقال جياكومو دانجيلو، إنه بالرغم من النمو الكبير في مبيعات الكتب الإلكترونية فإنها أنها لا تزال تمثل 10% إلى 20% فقط من إجمالي مبيعات الكتب.
وأرجع ذلك إلى سياسة تسعير الكتب الإلكترونية على المنصات العالمية مثل متاجر آبل ستور وغوغل بلاي والتي تتبع السوق الأميركي، مما يجعل هذه الكتب خارج متناول القرَاء في معظم دول العالم، ولاسيما الدول النامية، ويزيد من ظاهرة قرصنة الكتب كنتيجة لعدم إمكانية الحصول على الكتب بشكل قانوني.
وأكدت جوليا بالوغ، أن دور النشر حول العالم تقوم بوضع سياسة تسعير الكتب الإلكترونية بحيث يقارب ثمنها الكتب المطبوعة بشكلٍ مقصودٍ، بحيث لا تتنافسان في السعر ويكون الفيصل في اختيار إحداها عوامل أخرى، مثل سهولة نقل الكتاب، وتحميله بين الأجهزة المتنوعة، والخصائص التفاعلية للكتب الالكترونية وما إلى ذلك.
واعتبرت أن الطفرات التكنولوجية المتلاحقة مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتقنية الجيل الخامس عوامل داعمة للتوسع في قطاع النشر الالكتروني.
وأعتقد أن كل هذه المنجزات تساهم في تسريع التحول الرقمي، وفي اختصار مسافات زمنية لو لم تكن كورونا لما لفتت انتباهنا في الشهور القليلة الماضية.