"كورونا" يؤجل معرض الفنان التشكيلي مهني ياؤد

الفيروس المستجد يمنع طلاب ياؤد من حضور مناقشة أطروحته لنيل الدكتوراه في فلسفة الفنون الجميلة.
الفنان المصري: لا أخرج من بيتي إلا عند الضرورة القصوى. وأحاول كسب الوقت في إنتاج أعمال جديدة على أمل أن ينتهي هذا الكابوس، وتعود الحياة إلى طبيعتها
ياؤد: كان عندي معرض فردي من المفترض أن يفتتح ولكن تم تأجيله لحين تحسن الظروف

قلت له وقد لاحظت مدى تأثره لفقده شيئًا مهمًا لا يود أن يتحدث مع أحد في شأنه: علمت أنك أعددت معرضًا يصاحب مناقشة رسالتك لنيل درجة الدكتوراه في فلسفة الفنون الجميلة من كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا في جنوب مصر، ولكن الظروف الطارئة التي نمر بها في مصر والعالم، بسبب تبعات فيروس كورونا، حالت دون الحفاوة بهذا المعرض؟
فبادرني موضحًا بأن هذا المعرض يعتبر من الأحداث المهمة بالنسبة للباحث الذي يقدم مثل هذه الأطروحة، لأن المعرض يعد نتاج تجربته المرتبطة بأطروحته، ومن المهم  للباحث أن يُطلِع الجمهور على نتائج هذه التجربة، بالإضافة إلى أعضاء لجنة مناقشة رسالته والحكم عليها، وبالنسبة لي كمدرس في كلية الفنون الجميلة، كان من المهم للطلاب معاينة هذه الأعمال للاستفادة منها، والنقاش حولها، ولكن الظروف حالت دون ذلك، واقتصر الحضور على أعضاء لجنة المناقشة، ومجموعة قليلة من أساتذة الكلية، وذلك لمنع الطلاب من الدخول، وكذلك لخوف الكثير من الزملاء الأساتذة من الحضور بسبب تعليمات الوقاية. وعليه فأنا أحاول عرض صور هذه الأعمال على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعن الخسائر المادية والنفسية التي لحقت به من جراء إلتزامه بالاحتياطات المتخذة للوقاية من فيروس كورونا يقول الفنان الدكتور مهني ياؤد: كان عندي معرض فردي من المفترض أن يفتتح يوم 22 مارس/آذار 2020، لكن تم تأجيله لحين تحسن الظروف.
 والآن، أنا لا أخرج من بيتي إلا عند الضرورة القصوى. وأحاول كسب الوقت في إنتاج أعمال جديدة على أمل أن ينتهي هذا الكابوس، وتعود الحياة إلى طبيعتها.
وعما طرأ على نظامه اليومي من تغير بسبب هذا الظرف، وما أفاده من هذه المشكلة على المستوى الشخصي يقول: حتى الآن، أنا لم أستطع وضع نظام ثابت ليومي، فأنا غير معتاد على ذلك، ولكنني أحاول جاهدًا الاستفادة من الوقت، ومن الفراغ الإجباري المفروض على الإنسان.
وأعتبر أن احتياطات الوقاية التي نقوم بها في هذه الأيام مهمة جدًا، سواء من كورونا، أو من غيره، لترسيخ عادات صحية يجب أن تكون موجودة طوال الوقت.
وكانت رسالة الدكتوراه التي أعدها الفنان التشكيلي الباحث مهني محمد ياؤد، قد حملت هذا العنوان: "الأسطح غير المنتظمة الشكل والملمس كمثير إبداعي، وقيمة تشكيلية وتعبيرية في التصوير المعاصر"، وأوصت لجنة مناقشتها والحكم عليها بمنحه درجة الدكتوراه في فلسفة الفنون الجميلة "تخصص تصوير" من كلية الفنون الجميلة بالمنيا، وهي اللجنة التي ضمت: الدكتور محمود عبدالحليم الغايش، أستاذ التصوير، ورئيس قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا السابق، والدكتور سمير محمود عبدالفضيل، الأستاذ بقسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا "مشرفين"، والدكتور محمد عبدالمنعم إبراهيم، أستاذ ورئيس قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا السابق، والدكتور محمد ثابت محمد بداري، أستاذ التصوير، وعميد كلية الفنون الجميلة بجامعة أسيوط "مناقشين".
ويعد التجديد والتجريب من أهم السمات التي يتميز بها فن التصوير المعاصر، وذلك بغية الوصول إلى قيم تشكيلية وتعبيرية بحلول ورؤى مميزة ومبتكرة. ويظهر ذلك التجريب في صور متعددة منها: التجريب في استحداث الفكرة والموضوع، ومنها التجريب في استحداث خامات جديدة، أو تجميع أجزاء جاهزة الصنع على سطح اللوحة، أو استخدام التكنولوجيا الحديثة، والتكنولوجيا الرقمية في التصوير، بالإضافة إلى فن التجهيز في الفراغ.
ويشير الباحث الدكتور مهني ياؤد، إلى أن من أشكال هذا التجديد في التصوير المعاصر: استخدام الأسطح غير المنتظمة الشكل والملمس كسطح حامل للتصوير، لتكون مثيرًا ودافعًا إبداعيًا لدى المصور، تنتج عنها قيم تشكيلية وتعبيرية تعمل على إثراء العمل التصويري.
وفي ذلك نوع من الحرية وعدم التقيد حتى بالسطح ذاته، فضلًا عن إمكانية الإضافة والحذف في شكل ذلك السطح طوال فترة العمل عليه، وليس بالتلوين فقط.  فمع تعدد الأسطح في العمل الواحد، واختلاف مستوياتها، وملامسها، يتم الإيحاء بالعمق والبعد الزمني والحركة، كما أن شكل السطح يكون له دور فعال في تصميم العمل الفني، حيث يعتمد عليه ترتيب العناصر والكتل داخل العمل.
 وهنا لا تكون مهمته في العملية الإبداعية فقط كسطح حامل للتصوير، وإنما جزء من البناء التصميمي والهيكلي للعمل الفني.
ويضيف الباحث بأن المصور قد يستغل تلك الأسطح كمثير ودافع إبداعي ومحفز للتداعي الحر الذي يتولد من طبيعة ذلك السطح لما به من غنى وتنوع في الملمس، وقدرة على التعبير.
 وقوام الأطروحة ثلاثة أبواب رئيسة، تحتوي على ستة فصول، وهي مقسمة كالآتي:
الباب الأول: مدخل لمفهوم السطح الحامل للتصوير وأثره على القيم التشكيلية والتعبيرية في فن التصوير.

الفصل الأول: " دور السطح والخامة في بلورة العمل الفني لدى المصور"؛ ويحتوي على دراسة للمحفزات الإبداعية، مع التركيز على أهمية شكل الخامة  وطبيعتها، وملمس السطح الحامل للتصوير، وهيئته، وأثره على القيم التشكيلية والتعبيرية.

ومن هذا الفصل نستنتج أن مؤثرات عديدة حول الفنان تجعل أعماله تظهر بهذا الشكل، منها الذاتية ومنها الإجتماعية.  وقد نتجت عن ذلك أساليب متعددة لفنانين عدة يرتكزون على فلسفة في بناء أعمالهم تتناول طبيعة الخامة وقدرتها على التعبير، وكذلك على السطح الحامل للتصوير، الذي لم يَعُد في أغلب الأحيان مجرد حامل للمادة الملونة فقط، وإنما يُمثل جزءًا كبيرًا من شكل العمل وتكوينه مما يجعله مثيرًا إبداعيًا يَبنِي عليه المصور عمله.
 وهناك العديد من الفنانين الذين اعتمدت أعمالهم بشكل أساسي على شكل اللوحة وملمس سطحها، الذي يتخذ منه هيئته الأساسية. كما في أعمال فناني مرحلة ما بعد الحداثة: فرانك ستيلا، وتوم ويسلمان، وجاسبر جونز، وروبرت روشنبرج، وغيرهم من رواد لتلك الطريقة المتحررة في التعبير؛ كلٌ بأسلوبه الخاص في الأداء، وموضوعاته، وتوجهاته الخاصة. مما فتح الباب على مصراعيه للعديد من الفنانين التابعين لهم، للتجريب والتطوير والتجديد وفق هذا الشكل الحر.
وهناك العديد من المبدعين، أي الذين تتوفر عندهم القدرة الإبداعية ممن يفتقدون الحافز الإبداعي الذي يجعلهم يصنعون الجديد بنَهَم وحماس، وقد يكون ذلك الحافز أو المُثير عبارة عن تجربة جديدة مُثيرة، أو خامة جديدة، أو وسيط جديد لم يتم استخدامه من قبل.
وقد تناولت هذه الأطروحة العديد من الأعمال خلال هذا الفصل، ومنها على سبيل المثال: عمل (قمر صناعي Satellite) للفنان الأميركي روبرت روشنبرج، وعمل (كرسي كبير، وآثار أقدام) للفنان الإسباني أنتوني تابيس، وعمل (الزنبرك، أو سوستة السرير) للفنان الأمريكي جيم داين، وعمل (اختيار آخر)  للفنان الأميركي كينيث نولاند .
وفي الفصل الثاني من الأطروحة، وعنوانه: "مدخل تاريخي لاستخدام السطح غير المنتظم الشكل، والملمس كسطح حامل للتصوير" يقدم الباحث ملخصًا تاريخيًا لتدرج تطورات شكل السطح وطبيعة العمل الفني التصويري، ويذكر أهم الفنانين المجددين منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن.
وتطرَّق الباحث في هذا الفصل إلى مجموعة من الفنانين مثل: الفنان الألماني بول كلي، والفنان الألماني فرانك أورباخ، والفنان الفرنسي جان فوترييه، والفنان الإسباني بابلو بيكاسو، والفنان الفرنسي جان آرب، والفنان الأميركي روبرت روشنبرج، والفنان الأميركي جاسبر جونز، والفنان الأميركي توم ويسلمان، والفنان الأميركي فرانك ستيللا، والفنان الأميركي ألفين دي لوفينج، والفنان الإيطالي البرتو برري، والفنان الإسباني اتوني تابيس، والفنان الأميركي فريدريك كيسلر، والفنانة الأميركية فاليري هِيجارتي.
وتناول الباب الثاني "أثر استخدام الأسطح الحاملة للتصوير غير منتظمة الشكل والملمس على الرؤية الابداعية للمصور". حيث خصص الفصل الأول منه لدور الأسطح الحاملة للتصوير غير منتظمة الشكل والملمس كمثير إبداعي عند المصور المعاصر، وتضمن دراسة تحليلية لأعمال فنانين من أوروبا وأميركا، واحتوى على دراسة تحليلية لأعمال مجموعة من المصورين لتوضيح أثر السطح على شكل العمل الفني واستغلاله في التعبير عن موضوعات وأفكار مختلفة، ينتج عنها ابتكارات فنية وفلسفية متعددة؛ فإنه مع الحرية في استخدام خامات وأسطح مختلفة دون قيود، ووضع مساحات كبيرة من التجريب والتفاعل مع وسائط جديدة غير معتادة، سينتج عنها حتمًا تجديد وتطوير في منتج العملية الإبداعية، لما بها من كم كبير من الصدفة التي تجعل الفنان يكتشف أبعادا ورؤى جديدة لطرح فكره بتجارب متعددة، تحارب الملل والرتابة التي قد يعتادها الفنان فتسبب له إحباطات قد تقتل روح الإبداع فيه، فلا بد للفنان من سبل جديدة دائما تخرجه مما اعتاده وألفه في حياته اليومية.
وقد اتخذ الباحث في هذا الفصل بعض النماذج من أعمال مجموعة من فناني أوروبا وأميركا محل التحليل والبحث. 
وتعرض الفصل الثاني لدور الأسطح الحاملة للتصوير غير منتظمة الشكل والملمس كمثير إبداعي عند المصور المعاصر في مصر، وضم دراسة تحليلية لأعمال مجموعة من المصورين لمعرفة أثر السطح على شكل العمل الفني واستغلاله في التعبير عن موضوعات وأفكار مختلفة، ينتج عنها ابتكارات فنية وفلسفية متعددة. لتسليط الضوء على الفن المصري المعاصر.
ومنهم: عفت ناجي، وعبدالرحمن النشار، وعصمت داوستاشي، ورضا عبدالسلام، ومحمود الغايش، ومحمد أبو النجا، ومحمد عبدالمنعم، وحنفي محمود، وسمير عبدالفضيل، وسحر الأمير، وعماد أبو جرين، وهنا السجيني.
ونصل إلى الباب الثالث  الذي يضم تجربة الباحث ذاته. ويحتوي هذا الباب على فصلين؛ الأول دراسة تحليلية لبعض أعمال الباحث البنائية ذات الأسطح التقليدية المستوية، كتمهيد لتجربة الأسطح غير المنتظمة الشكل، التي تحمل الموضوعات ذاتها، لتوضيح الفارق بين الحالتين.
فيما يضم الفصل الثاني تجارب متعددة للباحث باستخدام الأسطح غير منتظمة الشكل والملمس، واستخدام ذلك في الاعمال سواء التصويرية أو التجهيز في الفراغ باستخدام التصوير، ليكون الباحث قد أتم بذلك دراسته التي نتج عنها مدى التجديد والابتكار الشكلي والفلسفي الذي يتولد من التعددية في استخدام الخامات والاسطح بشكل حر.
ومن الأعمال التي صاحبت هذا الباب: أسوار الواحات العظيمة، ومملكة الماء، والمدرينة العائمة، وبناة المعبد، والمدينة الذهبية، وحلم الوصول، وأمومة، والحكيم، وجذور، للفنان مهني ياؤد.
ثم نماذج من أعماله ذات الأسطح غير المنتظمة الشكل مثل: تواصل إجتماعي، وتقسيم افتراضي، ووجهات، والباب الوهمي. ثم نماذج من أعماله في مجال التجهيز في الفراغ، ومنها: أثر الرحلة، ونقطة تجمع.