لا أمل في نجاح لجنة تعديل الدستور العراقي

تكفي كتلة من ثلاث محافظات لمنع اية تعديلات في الدستور العراقي.
عبارات عديدة في الدستور العراقي تكرس المحاصصة الطائفية
لجنة تعديل الدستور العراقي ستواجه العديد من العراقيل المتعلقة بالاقليات

مع نهاية كل انتخابات عراقية تبرز معضلة الكتلة الأكبر، حتى انها تعيق تشكيل الحكومة لشهور عديدة لحين اتفاق الكتل السياسية فيما بينها لتشكيل "الكتلة الأكبر" التي يحق لها تشكيل الحكومة، وهذه المعضلة لم تجد لها حلا في انتخابات 2018، لذا اتفقت كتلتا الفتح وسائرون على تشكيل الحكومة، ومن هنا اقترحت لجنة تعديل الدستور التي شكلتها رئاسة البرلمان بان تكون الكتلة الأكبر هي التي تفوز في الانتخابات، الا ان اغلب الكتل السياسية ترفض هذا التعديل حتى قبل عرضه على البرلمان.

وتعود معضلة الكتلة الأكبر الى انتخابات العام 2010، والتي حققت خلالها القائمة العراقية برئاسة اياد علاوي 91 مقعدا في حين حصل ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي على 89 مقعدا، وبرغم دعوة المالكي حينها على إعادة الفرز يدويا الا ان النتيجة بقيت كما هي، حينها لم يكن امام المالكي الا الضغط على المحكمة الاتحادية لتفسير الكتلة الأكبر لصالحه، حيث جاء تفسير المحكمة الاتحادية حينها بان الكتلة الأكبر هي التي تتشكل تحت قبة البرلمان وليس الكتلة الفائزة في الانتخابات، لتستمر هذه المعضلة حتى انتخابات 2018، وامام مطالب متظاهري تشرين دعت رئاسة البرلمان الى تشكيل لجنة لتعديل الدستور.

هذه اللجنة عقدت عدة اجتماعات وتوصلت الى عدد من التعديلات على الدستور، ومن اهم هذه التعديلات التي اقترحتها لجنة الخبراء ما يتعلق بتفسير الكتلة الأكبر، حيث اقترحت في تعديل الدستور فقرة تنص على ان الكتلة الفائزة في الانتخابات يحق لها تشكيل الحكومة وليس الكتلة البرلمانية الأكبر التي تتشكل تحت قبة البرلمان!

ولو تم فعلا الاخذ بهذا المقترح فان العديد من إلاشكاليات الموجودة في النظام النيابي العراقي بمسألة تحديد الكتلة الأكبر سيتم حلها، خاصة وان تفسير الكتلة الأكبر أدت إلى العديد من الأزمات السياسية، وتسببت باختناقات حقيقية بعد إعلان نتائج كل انتخابات ما اضطر القوى السياسية لتجاوز الدستور ذاته كل مرة بسبب "عدم التوافق".

فهل ستوافق الكتل السياسية على فقرة تعديل الدستور هذه؟ مشيرين في هذا الخصوص بان الدستور العراقي الحالي كتب على عجل حيث تم اقراره والاستفتاء عليه في العام 2005، ليدخل حيز التنفيذ في العام 2006.

عادل اللامي عضو لجنة تعديل الدستور قال ان الدستور يحمل الكثير من العبارات التي تكرس المحاصصة الطائفية والتي كان لها الأثر الكبير في زيادة الفساد في كل مرافق الدولة، ومن تلك العبارات التي كرست الطائفية ولمحاصصة عبارة "مع مراعاة المكونات"، لذا (يقول اللامي) لجنة تعديل الدستور اقترحت حذف هذه الفقرة واستبدالها باية فقرة لا تشجع على المحاصصة الطائفية والعرقية.

وهذا ما أكده أيضا الخبير القانوني طارق حرب الذي قال أن "مراعاة حقوق الأقليات لا تجوز لأن القانون لم ينص على حصة مثل كوتا النساء، ولم يفرض أن أي مكون مهما بلغت نسبته يجب حصوله على تمثيل نيابي خاصة وأن هناك مكونات قليلة وهذا ما يرسخ المحاصصة".

وهنا لابد من الإشارة الى لجنة تعديل الدستور تشكلت نتيجة تظاهرات تشرين حيث اتفقت الرئاسات الثلاث حينها على تشكيل هذه اللجنة على ان تنجز مهمتها خلال أربعة اشهر، الا انها لم تنجز مهمتها الا قبل أيام، ومع ذلك فهناك اعتراضات كثيرة على الفقرات التي اقترحتها اللجنة لتعديلها.

فهذا عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان يقول إن موقف الحزب بزعامة مسعود بارزاني "واضح وضوح الشمس أزاء التعديلات الدستورية"، مبينًا أن "هناك مواد تخص الإقليم والأقليات لا يمكن المساس بها بتاتًا"، مضيفا بان هناك قرابة 15 مادة تخص الإقليم والأقليات ومراعاة توازن المكونات حيث "لا يجوز المساس بها"، ومن ضمنها المواد 140 و65 و105 و106 و121 و117 و110 وبقية المواد التي تخص الإقليم.

ومهما توصلت لجنة الخبراء من تعديلات في الدستور وحتى لو وافق عليها البرلمان فهناك مادتين في الدستور تقف حجر عثرة امام أي تعديل دستوري وهما المادتين 126 و142، حيث ان الدستور وضع مسارًا لتعديلاته ـ بحسب خبراء قانونيين ـ عبر المادة 126 منه التي تمنح حق طلب تعديل الدستور لخمس أعضاء مجلس النواب ورئيسي الجمهورية والبرلمان وباستفتاء شعبي.

وفي شرط الاستفتاء بالمادة 142 حيث يُمكن لثلاث محافظات أن تعترض وتبطل التعديلات الدستورية بثلثي أصوات من يحق لهم التصويت.

ويمكن ان نرى انه في ظل الجدل والخلافات حول المادتين 142 و126 تتعقد مسألة تعديل الدستور وأي طريق يُمكن أن تسلكه الكتل السياسية، خاصة ان رئيس اللجنة القانونية النيابية ريبوار هادي يقول إن "تطبيق آلية المادة 142 يجب أن تسبق الآلية الواردة في المادة 126" بحسب قرار المحكمة الاتحادية رقم 54 لسنة 2017.

 وأشار إلى أن "أية محاولة لتعديل الدستور تستند إلى المادة 126 على غرار ما يجري الآن في رئاسة الجمهورية تعد مخالفة للدستور وباطلة ولا يترتب عليها أي أثر".

 ومن هنا نرى انه ورغم الجدل والمواقف الثابتة مسبقًا، وحديث لجنة التعديلات الدستورية عن إتمام مهامها، إلا أن رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب ريبوار هادي نفى وجود أي مقترح لإلغاء المواد المتعلقة بتوازن المكونات سواء في مجلس النواب أو رئاسة الجمهورية، وحتى لو صوّت البرلمان على التعديلات الدستورية فان من حق ثلاث محافظات رفضها.

اذن في ظل هذا التعقيدات، فان أي تعديل في فقرات الدستور لا يلبي مصالح الكتل السياسية يمكن رفضها من قبل ثلاث محافظات، وهذا يعني ان الكتل الكردستانية يمكنها رفض أي تعديل دستوري اذا ما رفضتها محافظات أربيل والسليمانية ودهوك، وكذلك الحال مع الكتل الشيعية لا يمكن تعديل الدستور اذا ما رفضتها مثلا محافظات بابل وكربلاء والنجف، والحال ذاته ينطبق على الكتل السنية حيث لا يمكن تعديل الدستور اذا ما رفضتها محافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى.

وبعد هذا هل يمكن القول ان لجنة تعديل الدستور ستنجح في مهمتها؟