%19 نسبة المشاركة في انتخابات 2018، فكم ستكون النسبة في انتخابات 2021؟

الكل يريد انتخابات مبكرة في العراق. ولكن عندما تم تحديد موعدها، صارت الطبقة السياسية تضع العراقيل.
رغبة الكاظمي وإرادته لا تكفيان لإجراء الانتخابات المبكرة
الدستور يمنع حل البرلمان في حال وجود استجواب لرئيس الوزراء
الكتل السياسية لم تزل تمتلك أوراق ومصدّات ستضعها امام الانتخابات المبكرة لعرقلتها

فاجأ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الكتل السياسية بدعوته الى اجراء الانتخابات المبكرة في حزيران المقبل، لتطفو على الساحة بوادر ازمة سياسية جديدة تلوح في الأفق، وابطالها تلك الكتل المتخوفة من اجراء انتخابات مبكرة بعد ان فقدت قاعدتها الشعبية وجمهورها الذي لم يلمس منها أي اصلاح، فيما تحججت كتل أخرى بان هناك عدة شروط يجب توفرها قبل تحديد موعد الانتخابات.

ويبدو ان الكاظمي رمى الكرة في ملعب مجلس النواب في اجراء الانتخابات المبكرة، كما انه وضع القوى السياسية أمام الجمهور بعد تلكئهم بإقرار قانون الإنتخابات، وقانون المحكمة الاتحادية، وحل البرلمان بموعد محدد وفقاً لتاريخ موعد الإنتخابات المبكرة، واعتبر بعض المحللين السياسيين خطوة الكاظمي هذه بانها ضربة معلم.

 فبعد ان تعالت صيحات الكتل السياسية بان مهمة الكاظمي الأولى هي اجراء الانتخابات المبكرة، فاجأ الكاظمي الجميع بتحديده موعد الانتخابات، لتبرز ذات الأصوات التي كانت تدعو الكاظمي إلى اجراء الانتخابات الى الدعوة بضرورة توفر عدة شروط قبل اجراء الانتخابات.

 وفي هذا المجال، وبعد ساعات قليلة من تحديد الكاظمي موعد الانتخابات، سارع نوري المالكي رئيس كتلة دولة القانون الى الإعلان في تغريدة له بأنه "ليس من حق أي جهة حلّ البرلمان إلا بتصويت البرلمان على حل نفسه"، في إشارة منه الى ان الانتخابات المبكرة لا تتم الا بعد حل البرلمان الحالي.

وقبل المالكي كان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قد ابدى انزعاجه هو الاخر من تحديد الكاظمي موعدا للانتخابات المبكرة، اذ دعا الحلبوسي الى موعد "ابكر" في إشارة منه الى رفض موعد الكاظمي المحدد في حزيران المقبل.

ويمكن القول ان قرار الكاظمي جاء في ظل استمرار الخلاف بين القوى السياسية بشأن قانون الانتخابات الذي لم يستطع البرلمان التصويت على تعديلات مفترضة عليه فهذا عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبين سلام كشف عن سبب تخوف حزبه من اجراء الانتخابات المبكرة.

وقال سلام إن "حزبه لديه مخاوف من خسارة عدد من المقاعد الانتخابية في المناطق المتنازع عليها، بسبب سيطرة الجماعات المسلحة على تلك المناطق، فضلا عن سيطرة داعش على بعض منها"، مضيفا أن "الكرد لديهم مخاوف من قانون الانتخاب الجديد في حال تم اتباع التصويت الفردي او الدوائر المتعددة، لأن ذلك سيكلفهم خسارة عدد كبير من مقاعدهم الانتخابية في الدورة البرلمانية المقبلة".

على الصعيد ذاته رأى نائب كردي في البرلمان العراقي أن تحديد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي موعداً لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة سيخلق توترات في البلاد، مشيراً إلى أن مواقف القوى السياسية مغاير لما تفصح عنه علناً.

وقال النائب إن "مواقف الكتل السياسية حيال الانتخابات مبهمة ويشوبها الغموض"، منوهاً إلى أن "أغلب الكتل لديها رؤى ومواقف مخالفة لما تعلنه في وسائل الإعلام"، مضيفا أن "تحديد موعد الانتخابات أمر حساس يتطلب مشاورات وإجماعاً من قبل الرئاسات الثلاث، وليس إعلانه من طرف رئيس الوزراء فقط".

الكاظمي ومع تحديده موعد الانتخابات دعا البرلمان الى إنجاز قانون الانتخابات وإرساله إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليه، لكن دعوة الكاظمي هذه جاءت في ظل استمرار الخلاف بين القوى السياسية بشأن القانون الذي لم يستطع البرلمان التصويت على تعديلات مفترضة عليه، إذ تسعى الكتل الكبيرة التي انفردت بالحكم على مدى السنوات الماضية، إلى أن تكون التعديلات منسجمة مع إرادتها، وبما يمنحها فرصة الفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات المقبلة، وسط تقاطعات مع الكتل الأخرى المعارضة لها.

 اما تحالف الفتح الذي يتزعمه هادي العامري فقد اكد ان إجراء الانتخابات في الموعد المحدّد، أمراً غير ممكن، معتبراً أن الحكومة "عاجزة" عن توفير الظرف المناسب، واصفاً تحديد الكاظمي موعداً للانتخابات بـ"كلام غير مستند إلى الواقع".

مراقبون للوضع السياسي اكدوا ان الكتل السياسية لم تزل تمتلك أوراق ومصدّات ستضعها امام الانتخابات المبكرة لعرقلتها.

وقال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن "الكاظمي أراد إرسال رسالة بأن حكومته تمضي باتجاه تطبيق ما رسم لها، بإجراء الانتخابات المبكرة، من خلال تحديد الموعد، مضيفا "يبدو أن الموعد هو محاولة لوضع تلك القوى أمام الأمر الواقع، ومن ثم عدم إعطائها مساحة لابتزاز الكاظمي"، مرجحاً أن "تتجه تلك القوى نحو مناورة سياسية يمكن من خلالها ألّا تجري الانتخابات، كأن يكون هناك خلاف تحت قبة البرلمان حول آلية التصويت أو الموعد أو التشكيك في كل شيء، كالمفوضية وقانون الانتخابات والمراقبين الدوليين وغيرها، وستكون هذه مصدّات من قبل القوى بوجه موعد الكاظمي".

ومن هنا يبدو ان موضوع الانتخابات المبكرة بحاجة إلى إرادة سياسية، وأن رغبة الكاظمي وإرادته لا تكفي لإجراء الانتخابات المبكرة، بقدر ما أن القوى السياسية لديها أوراق كثيرة".

ومن تلك المصدّات مثلا المادة 64 من الدستور والتي طالب بها الحلبوسي بتوفرها في تغريدته، حيث تنص المادة الـ64 من الدستور على حلّ البرلمان بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حلّ البرلمان في أثناء مدة استجواب رئيس الوزراء، وأن يدعو رئيس الجمهورية عند حلّه إلى انتخابات عامة في البلاد، خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحلّ، ويُعدّ مجلس الوزراء في هذه المدّة مستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية.

 فيما رأى النائب عن سائرون رياض المسعودي أن المادة 15 هي "العقبة الحقيقية" في قانون الانتخابات، في حين أشار إلى أن بعض الجهات لا ترغب بإجراء انتخابات مبكرة بسبب حاجتها تهيئة قواعدها الشعبية.

 وتابع أن "العقبة الحقيقية حالياً بقانون الانتخابات تنحصر في المادة 15 والمرتبطة بعدد الدوائر الانتخابية، وحجم كل دائرة وتحديث سجلات الناخبين، حيث تنحصر المشكلة الأساسية في ملحق هذه المادة المتعلقة بالجداول"، مشيراً إلى أن "رئاسة البرلمان عقدت عدة اجتماعات مع رؤساء الكتل بغية الوصول الى نتائج تسمح بعقد جلسة التصويت على استكمال القانون"، الا ان كل تلك الاجتماعات فشلت ولم تتوصل الى نتيجة.

والجدير بذكره هنا انه منذ العام 2003 جرت في العراق خمسة انتخابات تشريعية، الدورة الأولى كانت انتخابات ‫الجمعية الوطنية عام 2005 كانت بنسبة مشاركة 72% وفي عام 2006 كانت الدورة الثانية بنسبة مشاركة 63% ‫الدورة الثالثة كانت عام 2010 بنسبة مشاركة بلغت 51% ‫وفي عام 2014 كانت الدورة الرابعة بنسبة مشاركة 44% وفي عام 2018 كانت الدورة الخامسة بنسبة مشاركة 19% ‫ ما يعني ان ثقة الشعب كانت قريبة من الصفر في حين قالت مفوضية الانتخابات حينها وللتغطية على فشلها ان نسبة المشاركة كانت نحو 44%! فكم ستكون نسبة المشاركة في انتخابات 2021 خاصة بعد تظاهرات تشرين ومطالب المتظاهرين الداعية الى اسقاط كل الوجوه القديمة.

 لكن مهلا.... لا تعتقدوا ان الانتخابات المبكرة ستجرى مع "المصدّات" التي يمكن للبرلمان وضعها لمنع اجراء الانتخابات ومن تلك المصّدات إمكانية قيام مجلس النواب بحركة دستورية لتلافي حله بعد تحديد موعد الانتخابات المبكرة، مبينا ان الدستور يمنع حل مجلس النواب في حال وجود استجواب لرئيس الوزراء ما يعطل تحديد موعد الانتخابات المبكرة.

اذ ان الدستور ينص إن “حل مجلس النواب يفترض ان يكون قبل 60 يوما من 6/6/2021 اي في نهاية اذار او بداية نيسان/أبريل 2021،،فيكون امام مجلس النواب ثمانية اشهر لاقرار قانون الانتخابات”، اذ ان حل مجلس النواب يكون بطلب رئيس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية دون حاجة لموافقة مجلس النواب، قد لا يكون حلا للمعضلة لان مجلس النواب يمكنه تعطيل ذلك باستغلال اخر عبارة في المادة٦٤ من الدستور التي تمنع الحل خلال مدة استجواب رئيس الوزراء”، مبينا ان ”تلك الخطوة ستعطل الانتخابات المبكرة”.

فهل.... سيعتمد البرلمان لاستجواب الكاظمي لتعطيل حلّه؟ سنرى.