مؤتمر القادة السياسيين واستراتيجية القراءة الخلدونية

قادة الصدفة الذين يحكمون العراق أميون بكل ما له علاقة بالوطنية العراقية.

ما تمخض عنه مؤتمر القادة السياسيين في العراق الذي عقد ليلة الاثنين الماضي من مقررات، يؤكد أن كثيرا ممن حضروا، يحتاجون الى اعادة القراءة الخلدونية للصف الأول الابتدائي، التي كانت تدرس منذ عشرات السنين!

أحد شباب التظاهرات أبدى استعداده لكي يعلم هؤلاء: دار دور.. نار نور.. دار داران دور. لكن الشاب راح يتساءل: من قاد بقرنا.. فيرد عليه شاب آخر: قدري قاد بقرنا!

لكن الشاب، بدت عليه علامات الأسى والغضب، وهو يرفض أن يقاد الشعب كالبقر، سواء من عبدالقدري أو عبدالمهدي، مضيفا إننا شباب الثورة، ونحن من نريد بناء وطن، ينعم بالكرامة والعيش الآمن الرغيد، وان بعمكاننا ان نقود الشعب الى حيث يستحق من مكانة وسمو وعلو ومجد وكبرياء!

ويضيف هذا الشباب: ماذا لو أطلع القادة السياسيون على القراءة الخلدونية، ليتعلموا منها: دار دور، وان دماء الوطن تغلي في قلوبنا وتفور، ولا ندري هل هم دخلوا الصف الاول الابتدائي.. أم جاءوا بشهادات مدرسية مزورة من مدارس محو الأمية؟

وبدأ مجموعة من الشباب في ساحة التحرير يهتفون: بالروح بالدم نفديك ياعراق. أما الساسة فهتفوا: نبيعك يا عراق، حتى لو ذهبت نصف رقاب العراقيين قربانا لنا ولدكتاتوريتنا التي لا نسمح لأحد أن ينازعنا على كرسيها، بعد أن شبعنا في آخر العمر، ولن نعود الى أيام التسول في شوراع الغربة، التي تركناها منذ سنوات!

هؤلاء الشباب يقولون بملء فمهم: نحن نرفض كل أحزابهم وقواهم وشخوصهم، ولن نعيد تكرير مما انتجته مخلفات العملية السياسية من كربونات فاسدة، ودخان أسود حول حياة عشرات الشباب العراقيين الى جحيم!

المشكلة من وجهة نظر آلاف الشباب والفتية كما يقولون: أن كل نفايات العالم تستفيد منها الشعوب والدول، الا سياسيينا لا يمكن الاستفادة من تدويرنا لهم، لان انبعاث الغازات السامة من اجسادهم، سيصيب البشرية بالفناء!

ما أروعك أيتها القراءة الخلدونية التي أعاد شباب اليوم معادلتها الكبرى.. ويوم قلبوا عاليها على سافلها، وأعادوا ترتيب المعادلة العراقية: الدين لله والوطن للجميع. وها هو الوطن وقد بدأ يتنفس هواء الحرية، ويشعر بطعم الكرامة، وان له شبابا يحفظون العهد، ومنازلهم تصل الى درجات الانبياء والصديقين، لأن دينهم الجديد هو ان تعلو راية الكبرياء العراقية الصادقة المؤمنة بربها وبرسالتها..إنهم فعلا ينطبق عليهم قول رب العزة: إنهم فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى..ولكن ليس على طريقة الفتية التي قلدتها بعض الاحزاب ذات المنشأ الصيني في العراق..مع الاعتذار لشعب الصين العظيم، الذي نشترك معه قرونا طويلة في صنع الحضارة والتمدن والرقي!

أما سياسيونا فقد أوصلوا شعبهم الى أرذل العمر وفي الدرجات السفلى من التخلف والفساد وكل الامراض الخبيثة ووباء طائفيتها التي انتشرت في العراق!

شكرا لكم ايها الشباب.. وها نحن من نحسب على النخب العراقية، ندرس خلدونيتكم ونعيد قراءتها من جديد..وها أنتم تؤكدون انكم لاتقلون شأنا عن حملة الشهادات العليا في اعداد الاجيال، وفي كيفية إشعال نار الثورة، وفي وضع لمسات نظرية التقدم الانساني، الذي يهدف الى ان ننتقل بعالمنا من عهد القرون الوسطى الى حيث تعيش دول العالم بحرية وكرامة وعيش رغيد!

أجل شهادات هؤلاء الشباب، هي عقولهم الراجحة وسواعدهم السمر وغيرتهم العراقية، بعد ان هدرت كرامة العراقيين، وهم لايؤمنون بأصحاب الشهادات المزورة، التي اجتاحت البلد هذه الايام، وهي أشبه الان بمخلفات الانقاض، وأصبحت تباع كالخردة، بأبخس الاثمان!

ولو حضر بعض شباب التحرير الى مؤتمر القوى السياسية، لوضعوا لهم حلولا ومخرجات، ولأكدوا لهم أن عهد سياسي العراق وعمليته السياسية تلفظ أنفاسها الاخيرة، وانهم أصبحوا الان "أكسباير"، وليس بمقدورهم أن يوصلوا سفينة العراق المضطربة الى شاطئ الأمان.