مجلس الوصاية.. جمعة (2) ذرف دموع التماسيح

كان للإسلام السياسي، لو كان صادقا، فرصة بناء الدولة المدنية في ليبيا. الآن فات الوقت.

بعد مجزرة غرغور التي راح ضحيتها عشرات الابرياء بين قتيل وجريح ذنبهم انهم خرجوا مطالبين بخروج التشكيلات المسلحة من وسط العاصمة لما تسببه من مضايقات للمواطنين، صرح مجرم الحرب وزعيم احد الميليشيات فتحي باشاغا قائلا: "طرابلس لم ترَ الحرب بعد." ولان الذين يحكمون طرابلس وان كانوا مدنيين شكلا لكنهم مضمونا مجرمون بمرتبة حقراء ومعتوهين، فلا نستغرب ان توكل مهمة وزارة الداخلية في حكومة يسوّقون لها بأنها وفاقية للمجرم سالف الذكر بل توكل اليه مهمة وزارة الدفاع لشغورها.

تنادى المجرمون (بقايا تكفيريي بنغازي ودرنه) بميدان الشهداء بطرابلس، مستنكرين تدخل الجيش لبسط الامن والاستقرار في ربوع العاصمة والمنطقة الغربية بمجملها، داعين المجتمع الدولي وبالأخص الدول الداعمة لهم الى التدخل ووقف عمليات الجيش الوطني التي حتما ستقود الى تجريدهم من اسلحتهم واستصدار مذكرات جلب بحقهم لينالوا جزاء ما صنعت اياديهم التي تلطخت بدماء الابرياء.

لم يستجب المجتمع الدولي لمطالبهم، بل عمد الى سحب بعثاته الدبلوماسية. ضاق عليهم الخناق وأيقنوا انها الواقعة، عمدوا الى اطلاق صواريخ على احد احياء العاصمة خلفت دمارا وقتلى وجرحى متهمين العسكر بذلك، لكنهم تناسوا ان الاجواء تعج بكافة وسائل الاستطلاع والتنصت والمراقبة وان المجتمع الدولي يملك الحقيقة بالخصوص. البيان البريطاني (نتذكر أن الاخوان صنيعة بريطانيا وذراعها الطولى في تشتيت الامة العربية) بشأن ادانة الجيش عبر مجلس الامن وئد في مهده، فلم يجد المجرمون سوى التظاهر للجمعة الثانية على التوالي، يذرفون دموع التماسيح على الضحايا (يقتلون القتيل ويمشون في جنازته).

الاسلام السياسي في ليبيا بشقيه الاخوان والمقاتلة، يدرك جيدا بان ساعة الحسم قد اقتربت، وشعار لا لحكم العسكر لم يعد ينطلي على البسطاء الذين عانوا مرارة العيش والإذلال خلال الاعوام الماضية. فلو كانوا يريدون حقا بناء دولة مدنية لأمكنهم ذلك. لم ينافسهم احد، كانوا وحدهم بالساحة، فحكمهم لا يزال الاكثر بطشا وتنكيلا وكبتا للحريات، ونهبا للأموال بشقيها العام والخاص، من أي نظام ديكتاتوري في العالم.

المثلث الاخواني المتمثل في قطر وتركيا وقاعدته بريطانية هم سبب الازمات التي تحدق بالأمة العربية وبالأخص وعد بلفور المشئوم حيث اعطى من لا يملك لمن لا يستحق وهضم حقوق الفلسطينيين الموزعين بالشتات ومصادرة حقهم في العودة الى اراضيهم التي اجبروا على مغادرتها.

لعلنا لا نستغرب الدعوات المتتالية لحاكم قطر بتدخل المجتمع الدولي لوقف عمليات الجيش الليبي الهادفة الى اقتلاع جذور الارهاب (الاخوان من كافة التراب الليبي. حقا اذا لم تستحِ افعل ما شئت. تنظيم الاخوان العالمي يتلقّى ضربات متتالية، بالأمس سقط مرسي تبعه حسن البشير في السودان اخوان ليبيا سيسقطون في اول انتخابات حرة ونزيهة وهم منبوذون في الشارع الليبي والادل على ذلك انسحاب بعض الرموز من الحزب السياسي الذي يمثلهم. يبقى اخوان الجزائر الذين لا يزالون يعيشون حالة ذهول مريع، فالعشرية الاليمة قضت على كل طموحاتهم في السلطة وحكم العسكر اهون بكثير. اخوان تونس وان بدوا اكثر تجاوبا مع متطلبات العصر من حيث حرية المعتقد والرأي إلا انهم يظلون نسلا غير مرغوب فيه، عمليات التحوير (التطعيم-تلقيم، التهجين) لن تجدي نفعا، فالطبع يغلب التطبع. السلطان العثماني الاب الروحي للإخوان العرب، بسبب تصرفاته غير المسئولة ساهم في تدني مستوى سعر صرف الليرة وتدهور الاقتصاد، الانتخابات البلدية الاخيرة ذهبت نتائجها لصالح المعارضة ما يقوض صلاحيات اردوغان الذي نصّب نفسه ملكا، ظل الله في الارض.