مختار العبيدي يؤكد أن خارطة العالم ستتغير في كل المجالات

الباحث المصري في علوم البيولوجيا يرى أزمة فيروس كورونا المستجد لم تكن وليدة الصدفة أو حديثة العهد.
مخاطر ما يعرف بالأسلحة البيولوجية تتمثل في إنتاج كائنات مميتة وممرضة من بكتريا وفطريات وفيروسات سامة بهدف نشر المرض في الإنسان أو بيئته التي يعيش عليها
اندلاع أزمة كورونا بمدينة ووهان الصينية انتظر الجميع سقوطا مدويا للصين

العالم الآن أمام تحد كبير، تحد ستتغير معه خريطة العالم في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وذلك بسبب موجه الإرهاب البيولوجي وتقنياته التي اجتاحت العالم في الثلث الأخير من القرن العشرين وحتى الآن، فالبرغم من صدور برتوكول جينيف ١٩٢٥ المتعلق بحظر استخدام الأسلحة البيولوجية، فإن الأمر لم يتوقف واستمر ضخ العديد من الأموال لإنتاج هذه الأسلحة وإنشاء معامل كبيرة للتجارب والممارسات البيولوجية غير آبهين بأضرارها الجسيمة التي قد تقع نتيجة حدوث تسرب ولو بسيط لأحد الفيروسات، وهذا ما أراه قد وقع في أزمة كورونا. هذا ما أكده الباحث المصري في علوم البيولوجيا وفلسفة العلم بجامعة الفيوم والكاتب الصحفى مختار سالم العبيدي في حديثنا معه.
يرى العبيدي أن أزمة فيروس كورونا المستجد لم تكن وليدة الصدفة أو حديثة العهد، كما أنها  أيضا ليست حادثة طبيعية، بل للإنسان جانب كبير جدا في حدوثها نتيجة سعي الإنسان التخريبي تجاه نفسه وتجاه المجتمع العالمي غير آبه بما قد يقع من أضرار جسيمة، فنحن الآن نعيش في عالم بدا الإنسان يشعر فيه أنه أقوي المخلوقات بلا منازع فقد حقق الوصول إلى القمر وقام ببناء ناطحات السحاب وفجّر الجبال وأخرج منها ثروات هائلة وتمكن من الطيران في الهواء لاختصار المسافات.

مختار سالم العبيدي يطالب بأن تكون إنسانية العلم وممارساته أكثر أخلاقية وانضباطا، وأن نمنع بشكل أكثر صرامة ميول الإنسان التخريبية تجاه ذاته ومجتمعه

وأوضح الباحث المصري أنه إضافة إلى التقدم المفزع في الهندسة الوراثية وما تضمنته من جور كبير علي القيم الإنسانية، فالثورة البيولوجية هذه جاءت متسلحة بالعلم والتكنولوجيا الإحيائية وتهدف لصنع مجتمعا جديدا لا مجتمعا معدلا وبات محتوما على من لم يستوعب تلك التغيرات أن ينتهي لعدم قدرته التكيف مع الغد بكل تغيراته العاصفة، فثورة البيولوجيا كغيرها من الثورات تدفع بفيض من التجديد إلى حياة ملايين البشر وتواجههم بتغيرات متسارعة وغير مألوفة يعاينونها لأول مرة، وعندما تصل تلك التغيرات إلى أعماق الكيان الإنساني ووراثته فإنها تحطم العلاقات التقليدية وتعصف بقيمنا وتصوراتنا لكل شيء. 
وأوضح مختار العبيدي أنه مع التقدم المطرد الذي يحققه الإنسان في مجال بحوث الوراثة والجينات، فإنه بات قادرا علي إخراج سلالته على الصورة التي يريدها بل استطاع أن ينجبهم بطريقة التخليق الجيني ECTOGENETICAL وهذا ما أراه تهديدا صارخا للبيئة البشرية أو ضربا من ضروب موت الفجأة، ويتعلق بتغيرات محتملة في الجينات، ورغم ذلك فإن أن الهندسة الوراثية لها جانب إيجابي في الكشف عن العديد من الأمراض، وأعطت الإنسان فرصا أكبر للعيش أطول فترة ممكنة بطريقة أكثر حيوية، فمجال الهندسة الوراثية مجال رمادي تختلط فيه الأضرار بالجوانب الإيجابية، فإجراء بحوث شديدة الحذر والدقة يتطلب قانونا صارما يمنع التمادي في إجراء بحوث تخرج عن الحد المطلوب لخدمة الإنسانية، وهذا ما حدث اليوم في أزمة كورونا التي أراها قد نجمت عن مطامع وصراعات سياسية واقتصادية بين الدول الكبري كأميركا والصين وروسيا وأوروبا وغيرها، وهذا ما جعلنا ندرج الثورة البيولوجية والتي تمثل محور هذا القرن في عداد التكنولوجيات الخطرة، حيث تهدف للكشف عن بواطن الإنسان والتدخل في تكويناته الداخلية بشكل مسفر.
كما أشار الباحث أن الإنسان رغم قوته الهائلة وتفوقه الكبير في كل مناحي العلوم وسيطرته علي كل الكائنات والجبال وغيرها، فإنه لا يزال مرعوبا من ذلك العدو اللدود له، هذا العدو صاحب الإعداد الهائلة والقدرة غير المحدودة علي التدمير والتخريب بأساليب مختلفة. 
ونوه أن العدو الذي يغطي كل شيء علي هذه الأرض هو الميكروبات أو الجراثيم الصغيرة جدا التي لا ترى بالعين المجردة، حيث إن ما يغطي جسم الإنسان من تلك الجراثيم يعادل عدد سكان العالم هذا على كل إنسان، فماذا لو جمعنا كل البشر والكائنات لحصلنا علي جيش يغطي الكون كله. 
وفسر أن مخاطر ما يعرف بالأسلحة البيولوجية تتمثل في إنتاج مثل هذه الكائنات المميتة والممرضة من بكتريا وفطريات وفيروسات سامة بهدف نشر المرض في الإنسان أو بيئته التي يعيش عليها. 
مؤكدا أن خطورة تلك الأسلحة البيولوجية تكمن في الظروف البيئية الحالية مما يجعلها أكثر شراسة ضد المناعه الطبيعية وطرق العلاج والوقاية المعروفة، وأكثر مقاومة للمضادات الحيوية واللقاحات والأمصال التي يتم إنتاجها وتزاد خطورتها في صعوبة التعرف عليها في مرحلة متقدمه ومحاولة منع انتشارها حتى أن تأثيرها بات يتعدي المكان المستهدف لتنتشر في العالم كله، وتصبح وباء عالميا وهذا ما نعانيه الآن جراء أزمة كورونا التي عصفت بدول العالم أجمع. 

وأرجع مختار العبيدي أن الإنسان أو الثروة البشرية هي الهدف النهائي لتلك الأسلحة البيولوجية سواء بالتعرض المباشر أو غير المباشر وما يترتب على ذلك من أعباء اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية كبيرة، ففي الجوانب السياسية ستتغير ملامح السياسية العالمية بشكل كبير فأزمة كورونا تمخضت في الأساس نتيجة خلافات سياسية واقتصادية بين أميركا والصين وروسيا وهما الثالوث الذي يتصارع في الخفاء لزعامة العالم خصوصا الصين وأميركا، فكما رأينا قبيل أزمة كورونا بشهور قليله قد وقعت خلافات كبيرة بين الصين وأميركا، فالسياسة الصينية في الآونة الأخيرة مثلت إزعاجا كبيرا للبيت الأبيض، حيث عمقت بكين علاقاتها التجارية والصناعية بدول عديدة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، وباتت الصناعه الصينية تجتاح السوق العالمية وهو ما لم يعجب القائمين على الشأن الأميركي. 
وأشار العبيدي أنه عقب اندلاع أزمة كورونا بمدينة ووهان الصينية انتظر الجميع سقوطا مدويا للصين لكن المفاجأة غير المتوقعه أنها تمكنت سريعا من الخروج من تلك الأزمة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قدمت مساعدات لدول أخرى ما ساهم في تعزيز مكانة الصين الدولية وباتت تقدم نفسها كزعيم حقيقي قادم لقيادة العالم، وفي مقابل ذلك تتخبط الدول الكبري كأميركا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا وباتوا غير قادرين علي مجابهة المرض.
وفيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية أكد الباحث ثمة تغيرات كبيرة تلوح في الأفق فالاتحاد الأوروبي أوشك بشكل كبير على التفكك في السنوات القليلة المقبلة، وظهر هشا في مواجهة أزمة كورونا، ولم يقدم دعما كبيرا للدول المتضررة كإسبانيا وإيطاليا حتى أن المانيا لأول مرة نراها تتخلى عن دور المنقذ للاتحاد الأوروبي ونأت بنفسها بعيدا، وهذا ما لن يمر مرور الكرام مستقبلا، أما الولايات المتحده الأميركية فتراجعت سمعتها عالميا بسبب ظهورها الضعيف في مواجهه كورونا وهو ما سيترتب عليه تراجعا في العديد من الجوانب الأخرى اجتماعيا وثقافيا وعلميا. 
وختم العبيدي حواره معنا مؤكداً أن العالم الآن أمام تحد كبير، تحد ستتغير معه خريطة العالم في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وذلك بسبب موجه الإرهاب البيولوجي وتقنياته التي اجتاحت العالم في الثلث الأخير من القرن العشرين وحتى الآن، فالبرغم من صدور برتوكول جينيف ١٩٢٥ المتعلق بحظر استخدام الأسلحة البيولوجية فإن الأمر لم يتوقف واستمر ضخ العديد من الأموال لإنتاج هذه الأسلحة وإنشاء معامل كبيرة للتجارب والممارسات البيولوجية غير آبهين بأضرارها الجسيمة التي قد تقع نتيجة حدوث تسرب ولو بسيط لأحد الفيروسات وهذا ما أراه قد وقع في أزمة كورونا. 
وكما طالب الباحث البيولوجي مختار سالم العبيدي بأن تكون إنسانية العلم وممارساته أكثر أخلاقية وانضباطا، وأن نمنع بشكل أكثر صرامة ميول الإنسان التخريبية تجاه ذاته وتجاه مجتمعه وأن يتخلي العلم عن تلك النزعة البرجماتية التي تهدف لتحقيق منافع بعينها دون النظر لما يترتب من آثار تعصف بالعالم والوجود الإنساني بشكل عام.