معرض القاهرة للكتاب .. سلبيات وإيجابيات

هيثم الحاج علي: معرض القاهرة الدولي للكتاب، كان أكثر تطورًا هذا العام، مما كان عليه العام الماضي.
عودة سور الأزبكية الذي غاب في الدورة الماضية
اليونان ضيف شرف المعرض في الدورة القادمة

أُسدل الستار على فعاليات الدورة الحادية والخمسين من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وقد انعقد للعام الثاني في مقره الجديد بالتجمع الخامس خلال الفترة من 22 يناير وحتى  4 فبراير/شباط 2020، تحت عنوان «مصر وإفريقيا.. ثقافة التنوع»، هذا العنوان أوجب الاهتمام بالثقافة الأفريقية وخصوصا السنغال التي كانت ضيف شرف المعرض، فتم تخصيص محور لمناقشة الأدب والفن السنغاليين، كذلك تم اختيار اسم المفكر المصري الراحل جمال حمدان ليكون شخصية المعرض هذا العام، وهو الاختيار الذي لاقى ترحيبا في أوساط المثقفين، فهو يعد واحدًا من قلة محدودة للغاية من المثقفين العرب الذين نجحوا فى حل المعادلة الصعبة، المتمثلة فى توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة، وخاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التى قام عليها المشروع الصهيونى في فلسطين. وبهذه المناسبة أعادت الهيئة المصرية العامة للكتاب طبع كتابه شخصية مصر بمجلداته الأربعة.
وفي ختام المعرض أعلنت إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة المصرية، أنها تدرس اقتراح المواطنين بمد فترة المعرض في الدورة القادمة، كما أعلنت عن اختيار "اليونان" لتكون ضيف شرف المعرض في الدورة القادمة.
من جانبه اعتبر الدكتور هيثم الحاج علي رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب أن معرض القاهرة الدولي للكتاب، كان أكثر تطورًا هذا العام، مما كان عليه العام الماضي، وأشار إلى أن ما ميز المعرض هذا العام هو إطلاق التطبيق للهواتف الذكية الذي يضمن الأنشطة الثقافية وأسماء الكتب وأماكن بيعها، ويساهم في امتلاك الزائر المعلومات الكاملة قبل الوصول إلى المعرض، فضلًا عن مشاركة لذوي القدرات الخاصة في الأنشطة، واستحداث فكرة سفراء المعرض بدعوة الشخصيات المؤثرة في المجتمع الداخلي والخارجي.  
ومال هيثم الحاج علي إلى استخدام لغة الأرقام للتأكيد على نجاح المعرض فقال: "شهد المعرض تنظيم عدد هائل من الفعاليات الثقافية والفنية طوال أيامه، عبر قاعاته التي استضافت عددًا كبيرًا من السياسيين والمثقفين من مختلف دول العالم، وتم عقد 12 لقاءً مع السفراء الأفارقة وإطلاق 12 مبادرة شبابية و12 مبادرة إفريقية، وشارك فيه 808 أجنحة، ضمت 900 دار نشر مصرية وعربية وأجنبية، بالإضافة إلى 99 وكيلًا لدور النشر العالمية، و41 مكتبة من مكتبات سور الأزبكية، لدينا مؤشرات بشأن زيادة عدد الجمهور عما كان عليه العام الماضي، بواقع 20%، وهيئة الكتاب زادت مبيعاتها بالضعف، كما أن عدد زائري المعرض هذا العام، تجاوز 3.6 مليون، كانوا مقبلين على العناوين الجادة"، وأشار لنفاد جميع النسخ المطبوعة من  مجلدات موسوعة شخصية مصر خلال ساعة واحدة من طرحها.

Cairo International Book Fair
دعوة الشخصيات المؤثرة في المجتمع الداخلي والخارجي

وهو الأمر نفسه الذي أكده د.أحمد عواض، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقال وضعت قصور الثقافة عنوانًا لكل أنشطتها وهو "الهوية المصرية"، حيث قدّمت وجبة ثقافية متكاملة لكل الأعمار، قدمت فيها كل أشكال الفنون والثقافة من كتب الأطفال والتراث والورش الفنية الإبداعية للصغار والكبار، فضلًا عن العروض الفنية المختلفة.
الوجه الآخر
وإذا كان مسئولو المعرض يعولون على الأرقام لتأكيد نجاحهم، فللمسألة وجه آخر أبان عنه زوّار المعرض، فنقل المعرض إلى القاهرة الجديدة زاد من مساحته وخفف كثيرا من التزاحم لكنه أيضا زاد من تكلفة الوصول إليه، فأسعار المواصلات المؤدية إليه لا تقل عن عشرة جنيهات للفرد في الذهاب ومثلها في الإياب، فضلا عن رسم دخول، فلو افترضنا أن أسرة من خمسة أفراد زارت المعرض فستحتاج لمجرد الذهاب إلى هناك 150 جنيها.
ويشير الزوار إلى أن أبرز الظواهر الإيجابية تمثلت في عودة سور الأزبكية الذي غاب في الدورة الماضية، فهو المتنفس الحقيقي للقراء الفقراء خصوصا مع الزيادة الرهيبة في أسعار الكتب الجديدة خصوصا الواردة من خارج مصر، ويشير الزوار إلى  ظواهر أخرى سلبية منها أن كل الصالات احتوت على لعب للأطفال، ونجد الألعاب نفسها فيبدو الأمر وكأن هناك "مورّد واحد" للألعاب، وكأنه سعى لفرض أنواع معينة دون أخرى، لم يكن معبرًا عن الألعاب المختلفة الموجودة فى الأسواق والمعروفة لدى الأسر جيدا. كذلك فكثرة ألعاب الأطفال أدى إلى عزوف الأطفال عن الكتاب، والاتجاه وفق سلوك طبيعى إلى الألعاب كثيرة العدد ضعيفة التنوع. وهذا أدى إلى انخفاض فى مبيعات كتاب الطفل ومن المفترض أنه كان هدفا مهما للقائمين على المعرض.
كذلك شهد معرض هذا العام ظاهرة عجيبة، تتمثل في تضارب سعر الكتاب الواحد، فسعر كتاب "شخصية مصر" لدى دار الهلال 700 جنيه، ونفس الكتاب طرحت هيئة الكتاب نسخة مدعومة منه بسعر 140 جنيها، فنفدت نسخ طبعة الهيئة وركدت نسخ دار الهلال.
كذلك فالزيادة غير العادية في الندوات والفعاليات الثقافية وكان يفترض منها أن  تثري المعرض إلا أن الإفراط في عددها وتعدد أماكن تنظيمها أدى إلى تشتت الجمهور، فتجد ندوات مهمة لا يحضرها إلا أفراد قليلون، حتى نشرة المعرض عجزت عن متابعة كل الفعاليات لزيادة عددها بشكل مبالغ فيه.
ويقول أحد الزائرين: إن من سلبيات التوزيع الجغرافى لدور النشر، هو وجود شوارع بأسماء دور نشر يتجاوز طولها المائة متر داخل المعرض، ومنها "شارع الشروق"، و"شارع عصير الكتب"، مؤكدًا أنه مر بالشارع ولم ير دور النشر الموجودة على الجانب الأخر؛ لأنها تحول بين كتب الدار عبر أقسامها المختلفة إلى أن انتهى الطريق وخرج. وهو الأمر الذى نتج عنه سلبية أخرى لدور النشر، حيث وصلت نسبة السرقة إلى 25 %، حسب قول أحد الناشرين، لأنه شارع لا يمكن السيطرة عليه، ما أدى إلى الاستعانة بعدد أكبر من العاملين، تجاوز الخمسين عاملا  لدى بعض دور النشر، لمراقبة حركة البيع والشراء.
أما أكثر الجوانب السلبية فتمثلت في عدم وجود تجهيزات طبية لإسعاف الحالات الطارئة وهو الأمر الذي تكرر كثيرا في المعرض، ففي أول أيامه توفي الكاتب الشاب محمد حسن خليفة، قبل ساعات من تدشين أول كتبه، بسبب أزمة قلبية لم يتم التعامل معها بسرعة وهو الأمر نفسه الذي تكرر في اليوم الأخير إذ توفي الشاعر والناقد عبدالجواد خفاجي بنفس الطريقة. (وكالة الصحافة العربية).