مقاربات فلسفية لطبيعة الإنسان في عصر البيوتكنولوجيا

الباحثة هند مداح النكلاوي تؤكد في دراستها أنه في خضم التطورات القائمة في مجالات العلوم والحياة كافة؛ برزت البيوتكنولوجيا رائدة في مجالها.
التقانات غرضها الأكبر والأسمى تقديم أكبر نفع للإنسان
البيوتكنولوجيا رائدة في مجالي البيولوجي والتكنولوجي

ناقشت كلية الآداب بجامعة المنوفية بمصر، رسالة الماجستير للباحثة هند مداح النكلاوي (المعيدة بقسم الفلسفة)، وعنوانها "المقاربات الفلسفية لطبيعة الإنسان في عصر البيوتكنولوجيا".
وأكدت الباحثة في دراستها أنه في خضم التطورات القائمة في مجالات العلوم والحياة كافة؛ برزت البيوتكنولوجيا رائدة في مجالها، مجالي البيولوجي والتكنولوجي، فقدمت لنا أحدث وأهم التطورات، ولا سيما التطورات القائمة في مجالات (العلاج بالجينات، والإخصاب الاصطناعي، وتقنية نقل وزراعة الأعضاء، وصولًا إلى احتمال استنساخ البشر). كانت تقانات البيوتكنولوجيا هي المسيطرة في تلك المجالات بما قدمته لنا من شتى أنواع التطورات والتي ساعدت في أن تزيد من قدر تلك المجالات. ومع تقدم العلوم يومًا بعد يوم، وظهور أحدث الأجهزة والتكنولوجيات، أصبحت تلك التقانات شائعة وشائع استخدامها، وكان لابد من وضع عدة ضوابط لها؛ ما بين الضوابط الدينية، والشرعية، والقانونية، والفلسفية، لكي تحكم سير تلك العمليات. وذلك لما صحب تطبيق تلك التقنيات من معضلات عظام، منها ما هو طبي وديني وأخلاقي وفلسفي.
وأشارت الباحثة حين يتجاوز الخيال العلمي حدوده ليغدو مناطحًا للواقع في عينيته، تصبح الحاجة مُلِحة لبناءٍ فلسفي وقانوني يواكب التعقيدات التي يمكن أن تؤدي إليها التطورات العلمية الجديدة، وفي سياق محاولة فرض البيوتكنولوجيا سيطرتها بجميع تقاناتها في شتى فروع الحياة، تفردت الفلسفة بوصفها مجالًا بحثيًا يبدو متفردًا في طرح الحلول، وإنقاذ الإنسان من معرفة جامحة متنامية لا يملك العلم وحده أدوات ضبطها وتوجيهها. 
ودائمًا ما تتفرد الفلسفة ولا تكف أبدًا عن البحث والتنقيب وراء الحقيقة، وإلى أن تتناول بكل ما أوتيت من علم وقوة وصدارة الإجابة عن كافة التساؤلات التي ترهق الأذهان، وأن تقدم بقدر المستطاع حلولًا جذرية وساحرةً للمشكلات والمعضلات التي تواجه العلوم كافةً، فالعلم لا يكف أبدًا عن التطور كل يوم، فهو الشيء الوحيد الذي كلما نهلت منه ازداد عُمقًا، وكَثر محتواه.

Scientific issues
الباحثة هند مداح النكلاوي 

وأوضحت الدراسة أنه لما كانت تلك التقانات غرضها الأكبر والأسمى تقديم أكبر النفع للإنسان، فكان لا بد من وضع عدة تشريعات تضبط تطبيقها. لقد تسللت تطبيق تلك التقنيات رويدًا رويدًا من الطبيعة الخارجية للإنسان، إلى أن وصلت إلى البناء البيولوجي الداخلي، والذي كان غرضه الأسمى أن يغير من طبيعة الإنسان الداخلية، بمعنى أن تمده وتزوده بعدة تقنيات تزيد مما عليه الإنسان من قوة جسمانية، وقوة عقلية وفكرية، وكانت البيوتكنولوجيا في هذا الصدد تحمل في رحمها دعوة لميلاد إنسان خارق، (السوبرمان) تلك الفكرة التي نادى بها نيتشه، ولا سيما إحياء للفكر الدارويني من جديد الذي حمل لواءه تشارلز داروين في تنبئه باحتمال قيام ثورة بيولوجية تعمل على تغير جميع المفاهيم البيولوجية، بل تغير اللغة والثقافة والعادات والتقاليد، وصولًا إلى تجديد وإحياء فكرة تحسين العرق (اليوجينيا) مرة أخرى والتي نادى بها النازيون، وكذلك الدعوة لفكرة الخلود والقضاء على الشيخوخة. 

وناقشت الباحثة في ظل تلك التطورات، كان حتمًا من وجود ما يدافع عن الإنسان والإنسانية ضد الدعوة القائمة باحتمال ظهور فكرة ما بعد الإنسان والإنسانية. هنا انتفضت الفلسفة حاملة لواء الدفاع عن الإنسان والإنسانية وحفظ حقوقه، والدفاع عن مكانته بما كرمه الله عزوجل على سائر المخلوقات، وبما حباه الله من قدرات عقلية تميزه عن جميع المخلوقات، جاءت لكي تدافع عن حقه في ألا يغير أحد من تركيبه البيولوجي دون علمه، وأن تصبح معلوماته الوراثية عُرضة لأي انتهاكات عرقية وسياسية.
ومن خلال العرض القائم لتلك الموضوعات داخل هذا البحث، عرضنا لمقدمة، وخمسة فصول رئيسة، تنقسم إلى عدة مباحث استطاعت الباحثة من خلالها قدر المستطاع من العرض لتلك الأفكار وبعض المذاهب الفلسفية، التي كانت في دعواها دفاع عن الإنسان والإنسانية، وحفظ ما له من حقوق، ليس لأحد الحق في انتهاكها، وكذلك بها دفاع عن كرامته وحريته في أن يحيا حياة كريمة، ثم ذيلت الباحثة البحث بخاتمة، تناولت من خلالها الإجابة عن عدة تساؤلات وردت في البحث.
وتعود أهمية اختيار الموضوع لكونه من أحدث الموضوعات القائمة في مجال فلسفة العلم والعلوم، حيث تهدف الباحثة من خلاله إلى تبيان مدى أهمية المقاربات والاتجاهات الفلسفية للطبيعة الإنسانية في معية التطبيقات المتسارعة للبيوتكنولوجيا عبر مراحل نشأتها وتطورها علميًا وتطبيقيًا. ولقد اعتمدت الباحثة على المنهج التحليلي النقدي لعرض أهم الأفكار.
تكونت لجنة المناقشة من: الدكتور صلاح عثمان (مُشرفًا ورئيسًا) والدكتور عادل عبدالسميع عوض (مُناقشًا) والدكتور ناصر هاشم محمد (مُناقشًا). وحصلت الباحثة على الدرجة بتقدير ممتاز مع التوصية بطبع الرسالة.