مقاومة في خدمة الاحتلال

كذبُ المقاومين يقوي حجة إسرائيل في عدم الاعتراف بالحق العربي.

اتركوا إسرائيل جانبا لبعض الوقت فقد صارت حجة لمن لا حجة لديه في التضليل والمراوغة والاحتيال ودعونا نلتفت إلى محور المقاومة والممانعة الذي أذلنا بانتصاراته الوهمية ومرغ انوفنا بالوحل بغروره بعد أن جعل شعوبا بأكملها تنتظر الرحمة ممن تعرف أنه لن يرحمها.

ليست إسرائيل مَن سلمت لبنان واليمن والعراق إلى إيران.

في المقابل فإن إيران التي تتزعم محور المقاومة لا تنوي مواجهة إسرائيل إلا بعد أن تبتلع العالم العربي كليا وتلحقه مهزوما بها. ذلك مشروع قائم، بل أنه صار المشكلة الرئيسة التي يعاني منها الشرق العربي الذي لم يعد يملك الوقت للتفكير في إسرائيل باعتبارها دولة اغتصاب أقيمت على أرض فلسطين التاريخية. 

المقاومون العرب ممن نالوا رتبة العمالة يفخرون بذلك المشروع.

ما هذه الأحجية؟

حركة حماس وهي جزء رئيس من ذلك المحور، من خلالها يمكن التعرف على مفهوم المقاومة الملغز والمائع في الوقت نفسه. تلك الحركة هي في الأساس فرع من فروع جماعة الاخوان المسلمين. لذلك فهي تبتعد عن إيران وتقترب منها حسب مدى سيولة التمويل القطري وجفافه. ولقد تأكد عمليا أن حماس ترغب في إبقاء قطاع غزة الذي احتكرت السلطة فيه بعد أن استولت عليه عنوة قريبا من الهاوية. لا تسقطه فتنتهي اسطورته السلبية من غير رجعة ولا ترتفع به قيد انملة عن واقعه الرث.

إنه بوابة رخائها. فهو بالنسبة لها الطفل اليتيم الذي تستجدي من خلاله الأموال الذي توزع حصصا بين أعضائها.

يقوم مشروع حركة حماس المقاوم على أساس الحيلولة دون قيام وحدة صف وطني فلسطيني. ذلك هو مشروعها الحقيقي. بديلها عن السلطة الفلسطينية في رام الله هو البقاء حرة التصرف بغزة. بالنسبة لها فإن غزة هي جزء من ذلك الكيان العالمي "الوهمي" الذي تقوده إيران أو التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في خضم فوضى تبادل المصالح والأدوار بين الطرفين، حيث تقف قطر وإيران في النهاية في جبهة واحدة.

ليست حماس إلا نموذجا للنفاق الذي ينطوي عليه مفهوم المقاومة.

ومن غير استثناء فإن كل الجماعات والأحزاب التي تدعي الانتماء إلى جبهة المقاومة والممانعة انما تمارس ذلك النفاق. إنها تخدعنا بالحديث عن خطر إسرائيل في حين أنها تعمل بكل ما تملك من قوة على تمرير وتطبيع الاحتلال الإيراني متناسية أن لا فرق بين الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين والاحتلال الإيراني للعراق.

لقد تم تشويه مفهوم "المقاومة" بحيث صار اللصوص وقطاع الطرق والمحتالون والافاقون والعملاء مقاومين. فإذا كان "سيد المقاومة" حسن نصرالله يعتبر نفسه جنديا لدى الولي الفقيه الإيراني فإن ذلك يعني أنه وضع خيانته العظمى للبنان فوق مواطنته التي لم يعد لها أي اعتبار بالنسبة له. إنه يحكم لبنان بقوة "الخيانة". وهو ما يدخل في باب المقاومة.

صارت الخيانة هي مقياس المقاومة.  

الخطير في الأمر يكمن في أن ثقافة المقاومة الحقيقية قد جرى تدميرها من خلال سلطة الميليشيات التي تدعي المقاومة كذبا وبهتانا. ما فعلته الميليشيات الإيرانية على الأرض عبر السنوات الماضية يكشف عن أنها لم تكن سوى أذرع للاحتلال الإيراني. وهو ما صرحت به إيران مرارا.

بهذا المعنى فإن جبهة المقاومة لم تكن إلا كذبة تم اختراعها من أجل تمكين الإيرانيين من تنفيذ مشروعهم في تصدير الثورة. كانت إسرائيل بعيدة عن الهدف إلا على مستوى الدعاية التي كان الهدف منها في الماضي التستر على الحقيقة قبل أن يحين موعد إعلانها.

اليوم حان وقت إعلان تلك الحقيقة.

إيران التي هي زعيمة جبهة المقاومة صارت سيدة المنطقة. أبهذا يمكن أن نقف في وجه إسرائيل مقاومين؟       

ولأن إسرائيل لم تكن في الواقع مستهدفة من قبل المقاومة فإن كل ما تفعله تلك المقاومة يقع لمصلحتها. لذلك فإنها الأكثر سعادة بتلك الكذبة التي هي عبارة عن رثاء رث للمقاومة.

كذبُ المقاومين يقوي حجة إسرائيل في عدم الاعتراف بالحق العربي.