ملامح وإلماحات (6)‎

لمحة حلول: هذه ليست دعوة لبلورة دكتاتورية حكومية بحجة مكافحة الدكتاتورية العضوية.

يتحتم على النظام الديمقراطي مكافحة أي إجراء حكومي مهما كان كبيرًا أو صغيرًا ينزع الى الدكتاتورية العضوية، والأجدى تخصيص محكمة لاستقبال شكاوى المواطنين المُقامة على الاجراءات التي تنهج سبل الدكتاتورية العضوية، بهكذا فلسفة نُدشِن تنظيمًا ديمقراطيًا جديدًا، فخلو النظام الديمقراطي من جهاز حماية يرصد ويعاقب البؤر الوظيفية الضارة بالمواطنين يحيل العملية الديمقراطية الى جسد لا يُعتنى بصحته فتتناهشه الطفيليات والفايروسات، والدكتاتورية العضوية عارض صحي يصيب الدولة بشكل معين فيُهمَل فيتضخم حتى يتغول ويفسح المجال للقفزة التي يغامر بها الدكتاتور وجماعته لإعتلاء صهوة السلطة الحكومية، ولو أن النظام الديمقراطي خصص جهاز حماية كفوء لرصد ومكافحة المخالفات القانونية والإجرائية التي يرتكبها الموظف الحكومي وفق آليات رصد تراقب آليات الإنجاز الوظيفي وسلامة حواس وحاجات المواطن لما تجرأ أي موظف حكومي على الإضرار بالمواطن عبر تعسف الاجراءات أو الإبقاء على نمط وظيفي ضار بالمواطن.

هذا التشخيص ومقترح المعالجة يتعلق بالمجال الوظيفي الحكومي وضرورة الارتقاء بعمل دوائر الدولة على اختلاف مسمياتها، بما يخدم حواس وحاجات المواطن ويوفر له الارتياح والاطمئنان.

لماذا لا يُترك نظام الدولة للمراقبة والعقوبات ليعمل بآليته الفنية التخصصية دون تدّخل من جهات سواء حكومية أو متنفذة، فتتحقق المساواة، وتبرز العدالة، ويتحسن آداء الدوائر الحكومية، ويعرف الجميع أن قانونًا واحدًا يتعامل مع حالة واحدة يسري على الجميع بشكل اوتماتيكي في نظام ديمقراطي يعمل بوضوح في حركة ارتقاء وتحسين، تتسارع خدماته التي تتعلق بحواس وحاجات المواطن لتوفر الأفضل والأفضل بتوقيتات مختصرة وجهود حكومية استثنائية....

وإلا؛ لِمَ ضُمِّنَ الدستور وترجمانه القانوني اجتثاث حزب البعث، وحمل الاجتثاث عنوان: حزب البعث الصدامي؟

"المادة 7

أولاً

يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الارهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت اي مسمى كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون".

لعل المُشرِّع ودون قصدية توافق مع طرحي القصدي، فالتشريع وواضعه والتفكير السياسي المُشترِك والمُشارِك الأكاديمي لم يُناقش مبادئ حزب البعث وقيمه وأدبياته الفكرية لإدانته قانونيًا، بل حُرِّمَ البعث الصدامي بتخصيص "وبخاصة البعث الصدامي". فالبعث الصدامي أضر بالمواطنين، وبتوصيف أدق؛ أضر بحواسهم وحاجاتهم بسياسات وإجراءات عملية، والدستور لم يتناول الجانب المثالي لحزب البعث بل اجتث واقع البعث الصدامي، أي انه اجتث بعث صدام حسين استكمالًا للإطاحة بدولة صدام من قِبل سلطة الأتلاف (في 23 مايو، 2003 أعلن الحاكم المدني للعراق حل القوات المسلحة العراقية ووزارتي الدفاع والإعلام، وإلغاء عدد من أجهزة الأمن والتنظيمات الشعبية، وتسريح جميع عناصر الجيش العراقي والحرس الجمهوري، وإلغاء جميع الرتب العسكرية للنظام السابق). وقد تم حل الهياكل الأساسية العسكرية والأمنية والاستخباراتية العراقية للرئيس صدام حسين بحسب أمر سلطة التحالف المؤقتة رقم 2.

قد يرجع قارئ جدالي الى أول المقال ويحتج أنها دعوة لبلورة دكتاتورية حكومية بحجة مكافحة الدكتاتورية العضوية: " يتحتم على النظام الديمقراطي مكافحة أي إجراء حكومي مهما كان كبيرًا أو صغيرًا ينزع الى الدكتاتورية العضوية، والأنجع أن تُخصَص محكمة لاستقبال شكاوى المواطنين المُقامة على الاجراءات التي تنهج سبل الدكتاتورية العضوية". وهذا ردي على احتجاج القارئ:

1: إن أي اجراء حكومي يفضي الى عمليات تضر بالمواطن أو المواطن الموظف تواجَه بقوانين، وبمراقبة انسيابية الإنجاز والوقت، فالجهاز الحكومي سيخضع لمحددات زمنية لإنجاز معاملة المواطن، وهذا التحديد يرتكز على اعتماد التقدم التقني.

2: تعتمد مؤسسات الدولة الإنجاز الآلي، فالخطوات محددة بالزمن والخطوات، بتلاحم وثيق مع التقنية، فتعمل التقنيات الفائقة التطور والدقة على إنجاز معاملات المواطنين في مناطق سكناهم. وفي موضوع الخدمات تعتمد الدولة عمل الشركات المتقدمة ومراقبة العمل الخدمي من ناحية التصاميم والكلفة ومدد الإنجاز، مع وضع سلة قوانين عقابية صارمة لحماية هذا النوع من التنظيم، وتثقيف المواطنين على مراقبة إعلانات الشركات أو الجهات المنفذة المعروضة بلوحات مطبوعة أو الكترونية واضحة تحدد التصميم ومدة الإنجاز والكلفة ليتمكن المواطن من مقارنة الإعلان المعروض مع العمل الجاري وبالتالي تعزيز سلطته الرقابية عن وعي، ومعرفة، فيمكن له أن يعترض على أي مشروع قيد الإنجاز بعد مقارنته بالتصميم المُعلَن عنه بلوحات مطبوعة أو الكترونية، وهكذا يتفاعل المواطن عضويًا مع مرحلة مكافحة جزئيات وبؤر الدكتاتورية العضوية.

هذه لمحة من الحلول في طريق مكافحة الدكتاتورية العضوية، وهي لمحة معتبرة تفتح الأذهان لإبتكار حلول أخرى في عملية مستحدثة لتأهيل المواطنين للمشاركة الفعالة والسوية في تحسين آداء النظام الديمقراطي.

اليوم الاربعاء 9 آب، وما زلت خارج المنزل بسبب انقطاع الماء.