منتدى الاستقلال الثقافي يبدأ أنشطته في وسط القاهرة

كيان ثقافي مصري مستقل تم تدشينه في القاهرة مؤخرا تحت مسمى "منتدى الاستقلال الثقافي".
من مهام المنتدى إبراز وجوه الإبداع الأدبي لدى الكتاب الذين يجمعون بين الإبداع والنقد
المنتدى يتضمن لقاءات ثقافية ونقدية تعقد مرتين شهريًّا في أيام الثلاثاء
اللقاءات تتمحور في: نصوص لافتة وأدباء عرب والمبدع أولًا

كيان ثقافي مصري مستقل تم تدشينه في القاهرة تحت مسمى "منتدى الاستقلال الثقافي" يتولى إدارته الشاعر والكاتب والناقد أحمد سراج الذي يشير إلى أن هذا الملتقى الذي اتخذ من وسط البلد في القاهرة حيث مقار أعرق دور النشر والمنتديات الثقافية، مقرًا له في شارع طلعت حرب يتضمن لقاءات ثقافية ونقدية تعقد مرتين شهريًّا في أيام الثلاثاء، وذلك في محاور منها: "نصوص لافتة" وتناقش الأعمال الثقافية التي حققت صدى طيبًا، و"أدباء عرب" وتستضيف كتابا من مختلف الأقطار العربية، و"المبدع أولًا" وتحرص على إبراز وجوه الإبداع الأدبي لدى الكتاب الذين يجمعون بين الإبداع والنقد، أو الترجمة. ويضيف سراج بأن هذا المنتدى هدفه دعم الثقافة العربية، وزيادة الربط بين أقطارها ومبدعيها ونقادها، والموازنة بين مناقشة الأعمال الأدبية، والاحتفاء بالكتاب الكبار، ودعم الأقلام الإبداعية والنقدية الجديدة. ويتولى الدكتور جمال زهران إدارة مركز الاستقلال للبحوث. 
ومساء الثلاثاء المقبل 23 مارس/آذار يستضيف منتدى الاستقلال الثقافي في محور "المبدع أولًا" الكاتبين المصريين: القاص أحمد رجب شلتوت، والشاعر محمد علي عزب. حيث يناقش السيد نجم. مجموعة شلتوت القصصية: "فاتحة لصاحب المقام"، ويناقش د. جمال العسكري ديوان عزب "عمرك حلم مش للصيد" وذلك بمقر المنتدى في مركز الاستقلال للبحوث، 2 ش طلعت حرب (عمارة عمر أفندي) الدور الثامن.
ويذكر الدكتور جمال زهران مدير المركز أنه سعيد للغاية باستضافة عزب وشلتوت باعتبارهما من المبدعين المهمين في الوسط الثقافي باعتبارهما نقادًا ومبدعين في الوقت ذاته، لكن المنتدى سيحتفي بإبداعهما. 
ويفتتح الندوة الدكتور زهران، ثم يقرأ الكاتبان مختارات من أعمالهما، ويقدم الناقدان رؤاهما، وتعقب ذلك مناقشة مفتوحة مع الكاتبين. ويقام على هامش الندوة حفل إهداء لأعمال الكاتبين، كما يهدي المركز بعض إصداراته لهما؛ تقديرًا لإبداعهما.
وقد حاز شاعر العامية محمد علي عزب "جائزة أخبار اليوم في شعر العامية"، و"جائزة أحمد فؤاد نجم في نقد شعر العامية"، ومن أعماله دواوين: "أوراق خريف العشق"، و"بعلم الوصول"، و"تشخيص على مسرح مكشوف"، و"ملامح بتكره البراويز"، و"عمرك حلم مش للصيد".
ومن أعماله النقدية: "أمل دنقل أيقونة الرفض والمفارقة"، و"عن تحولات الشعر العامي بين التراث والمعاصرة"، و"تجليات طائر العمر الجميل.. دراسة في شعر سيد حجاب".
أما أحمد رجب شلتوت فهو سارد وناقد فاز بعدد من الجوائز عن أغلب مؤلفاته، ومن أهمها مجموعته "فاتحة لصاحب المقام" التي صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن  سلسلة "إبداعات قصصية" التي يرأس تحريرها الأديب سيد الوكيل. وتضم عددًا كبيرًا من القصص القصار، موزعة على قسمين: يشكل كل منهما مجموعًة مستقلًة، حيث تتميز كل مجموعة منهما عن الأخرى من حيث الطول والبناء الفني، والصياغة وما تحمله القصص من مضامين ورؤى.
ويضم القسم الأول وعنوانه "مُفترق طرق" عشرين قصة قصيرة، تبين فيها قدرة القاص على التقاط التفاصيل الصغيرة، ومهارته في صوغ نصوصه اعتمادًا عليها، سعيًا إلى تثبيت اللحظة في محاولة لاستخلاص الدلالة المخفية بين طيات الواقع اليومى بزخمه وهمومه، وهو ما يبدو في قصص مثل "مفترق طرق" و"تحقيق الحلم"، و"المبخرة والمجمرة". وتنطلق القصص من مواقف واقعية لكنها لا تنقل الواقع حرفيًا وإنما تطرح هموم هذا الواقع، بموازاة مع التخييل وجمال اللغة وانتقاء المشاهد الصادمة والمدهشة التي تعطي للحدث القصصي بعديه الدلالي والفني.
ويلاحظ القارىء أن شخصيات القصص في قسمي المجموعة، تفعمها الأشواق ويطحنها الأسى لكنها تتمسك بالحياة، كما يلاحظ القارىء أن قصص القسم الأول من المجموعة تميل نسبيا إلى الطول، وترصد حركة الشخصيات في المكان، ومعاناتها من واقعها شديد القسوة  في الغالب، والعجائبي في بعض الأحيان فيجنح الكاتب نحو الفانتازيا كما في قصص "مطاردة" و "تكوين" و"بيت البحارة" و"خبيئة" و"غواية".    
ومن خلال الواقعي والفانتازي معًا يصنع القاص هامشا كبيرا للمفارقة والسخرية واضعا القارئ أمام وقائع عبثية، وأمام حالات سريالية تحياها شخصيات قصص المجموعة التي تجد نفسها  في أتون تجربة الواقع، ويطلعنا على ما يثير هموم وشجون شخصياته، عبر سرده لقصص  تتميز بالمأساوية والعمق معا. 

أما القسم الثاني وعنوانه "رؤى" فيشمل ثلاثين نصا من القص القصير جدًا، بعضها لا يتجاوز الصفحة الواحدة، فتميل إلى التكثيف وهو من أهمّ الخصائص في القصة القصيرة جدا، حيث يُقدم الكاتب لقطات بلغة شاعرية يكاد يثبت فيها المكان، ويصبح السرد زمانيًا، ويمضي في إيقاع سريع مشكلا عوالم تتمحور غالبا حول مواقف صعبة أو مؤسية، وليست الذات في أقاصيص هذا القسم هي الشخصية المتأزمة فحسب، بل هي الكائن المغمور والمذعور والتائه وهي الكينونة التي تعاني التهميش، وتواجه الشخصية نفسها في الكثير من الأقاصيص فتكتشف أن الآخر هو الأنا كما في "الآخر"، وفي قصة "سؤال" تنعكس الذات في المرآة، وتواجه نفسها بالسؤال وبالحقائق اليوميّة الصغيرة التي تكوّن في المحصلة "أنا" الكاتب أو القارئ أو أية "أنا" توضع أمام مرآتها.         
وهذه النصوص تعمل على سبر أعماق الإنسان، وتحرض النصوص القصيرة جدا على مثل تلك المواجهة كنوع من الصدمة اللازمة لتحدي الرتابة والوحدة، ويقوم الكاتب من خلالها بحفر عميق في الذات البشرية، مكتوب بلغة صافية وزاخرة بالصور والتفاصيل الدقيقة، على الرغم من قصرها الشديد.
وعلى العكس من ذلك نجد أقاصيص أخرى منها "خلاص" يقدم فيها الكاتب نصًا مختلفًا، فيرسم لوحة للظلال بواسطة الضوء المتسرب من بين الأغصان، توحي بثبات الزمان وديمومة اليوميّ ومحاولة الإنسان العابثة لتغيير مجرى الزمان، فالخوف فيها لا يبدّده إلًا الموت كما تقول القصة.
ويلاحظ القارئ أن عشرة نصوص ضمن محور "رؤى" تعتمد على تقنية الحلم، فجاء النصّ مصبوغا بالمشاعر والانفعالات، فهو نابع من الداخل، مما يمنح نصّ الحلم كثافة شعرية ورمزية، فالنص هنا مثل الحلم، يأتي مصبوغا باللذة أو الألم، ولا ينتظر من متلقّيه أن يفهم فقط، بل أن يدرك ويحسّ ويشعر، تجعل منه بنية منفتحة على التأويل.
ويحضر الموت كحدث يومي في قصص أخرى عديدة منها "اثنان"، "انتظار"، وفي قصة "عن روحها التي تسربت خلسة"، يعزف أحمد رجب شلتوت على تيمة الموت دون التورط في الهم الذي قد يضيع على كاميرا السرد ملامح اللقطات وظلالها الفريدة وقت احتضار الجدة، فلقد ظلت صورة الجدة ومشهد طلوع الروح عالقة بالذاكرة للحد الذي جعل الراوي يتحاشى لفظة الموت، فلم يذكرها في العنوان وجاء بالكناية "الروح التي تسربت خلسة". 
ويذكر أن "فاتحة لصاحب المقام" هي المجموعة الخامسة للكاتب، وقد سبقها في الصدور: "السعار والشذى"، "العائد إلى فرحانة"، "دم العصفور"، "ساعة قبل النوم"، وله أيضا مجموعة قصصية للأطفال "العش للعصافير"، ورواية "حالة شجن"، وعدد من الكتب النقدية منها "رشفات من النهر"، "الرواية فن البحث عن الإنسان" و"ربيع البنفسج"، وسبق للكاتب أن فاز بالمركز الأول في مسابقة نادي القصة للقصة القصيرة عام 1997، كما فازت روايته "حالة شجن" بجائزة إحسان عبدالقدوس عام 2002، وفازت مسرحيته الطويلة "أرض النادي" بجائزة مسابقة قصور الثقافة عام 1997. وبمسابقة ساقية الصاوي في القصة القصيرة جدا عام 2002.
وتحت عنوان "تأملات الوعي الشاعر" كتب د. جمال العسكري دراسة في ديوان "عمرك حلم مش للصيد".. للشاعر محمد عزب استهلها بطرح السؤال: لماذا نقرأ الشعر؟ ثم يقول: شاعرنا مغرم بهذا البحث المضني، عن كنه هذا الوعي في مرحلتيه العميقة والظاهرة، وفي مساحة من مساحات كشف هذا الذي ندعيه يمكننا أن نتأوله من خلال بعض قصائد الديوان، فكأنه سؤال الوجود اللازم له لزوم علامته الكبرى، والدليل الأكيد على شخصه بين الناس، أقصد وجهه، فما المجموع غير وجوه تتحرك فوق أجسادها، لكن الدلالة على الذات الشاعرة يجئ من عمق الصياغة الشعرية، متشحا بالسؤال، فكأن السؤال هو معادل الوجه والدليل عليه.
من هنا حين تستدعي الصياغة الشعرية هذه الديمومة للسؤال يصبح هو الكينونة بذاتها، وما الغرام بالسؤال والبحث عن الإجابات إلا رحلة الشاعر في عالم الشعر والقصيدة، وهو ما يصرح عنوان القصيدة الرابعة من الديوان: "سؤال محفور في جلد الوش"، فصيغة المفعول في (محفور) إحالة للديمومة والاستمرار، والإصرار على المضاف في "جلد الوش" تعميق للشعور بالثبات بعد الحرف "في".