من يملك المعدن النادر يستحوذ على مستقبل الصناعة العالمي

الصين تزيد من سيطرتها العالمية على أهم المعادن المستخدمة في صناعة المعدات عالية التقنية مثل الصناعات الإلكترونية، والمولدات الكهربائية المتطورة، والبطاريات القوية المدمجة.
العالم لن يصنع شيئا في المستقبل إلا إذا سمحت له الصين بذلك
هيمنة الصين على المعادن النادرة تمنحها نفوذا طاغيا على مستقبل الصناعة العالمي
الصين أصبحت المورد الرئيسي لبعض من أهم المواد الخام التي تستوردها الدول الغربية
الصين اشترت بعضا من أكبر المناجم في العالم لهذه المعادن

تعمل تقنيات الطاقة النظيفة الجديدة مثل الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية على إعادة تشكيل صناعة الطاقة العالمية.
ومن المتوقع أن يتم إنفاق تريليونات الدولات التي يتم صرفها الآن في عمليات حفر وشحن النفط والغاز في البحث عن المعادن المستخدمة في صناعة المعدات عالية التقنية مثل الصناعات الإلكترونية، والمولدات الكهربائية المتطورة، والبطاريات القوية المدمجة.
ويقول المراقبون لسوق الطاقة العالمي إن الدول الصناعية الكبرى في قطاعي الطاقة والتكنولوجيا مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ستحتاج إلى استيراد المزيد من المعادن الداخلة في هذه الصناعات مثل الكوبالت والليثيوم والألمنيوم في الوقت الذي زادت فيه الصين من سيطرتها العالمية على هذه الموارد، وهو ما يمثل تحديا كبيرا لهذه الدول، وفقا لمنصة "فويس أوف أميركا نيوز" في تقرير لها مؤخرا.
وتظهر بيانات الحكومة الأميركية أن الصين أصبحت المورد الرئيسي لبعض من أهم المواد الخام التي تستوردها الدول الغربية، مما يمنح بكين نفوذا على المواد التي تدخل في صناعة كل شيء تقريبا، من الطائرات المقاتلة المتقدمة إلى الألواح الشمسية، مرورا بمعظم الصناعات الإلكترونية والتكنولوجية.
ولم تشتر الصين بعضا من أكبر المناجم في العالم لهذه المعادن فحسب، بل استثمرت الدولة أيضا بكثافة في عمليات المعالجة التي تعمل على تكرير المواد الخام وتحويلها إلى منتجات مفيدة صناعيا، مما يعزز مكانة بكين في سلاسل التوريد العالمية.
وقد استخدمت بكين هذه القدرات كأكبر مورد في العالم للمعادن النادرة بالفعل عام 2011، حيث خفضت الصادرات مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، وهو ما أكد قول منتقدي الصين من أن مركز بكين المهيمن فيما يسمى بـ"المعادن النادرة" يمنحها نفوذا كبيرا على مستقبل الصناعة العالمي.
سيطرة بكين على المعادن
حددت الولايات المتحدة 35 معدنا هاما تقول واشنطن إنها ضرورية لأمنها الوطني، وتتضمن قائمة "المعادن الهامة" عناصر مشتركة مثل الألومنيوم والقصدير والمغنيسيوم، بالإضافة إلى مواد أكثر تخصصا مثل الفاناديوم وبقية العناصر الأرضية النادرة الأخرى.
واستنادا إلى التحليل الإحصائي الذي نشرته هيئة المسح الجيولوجي الأميركية فإن الصين تحتل موقعا مهيمنا في توريد 21 معدنا من قائمة الـ 35 معدنا المهمة للصناعة الأميركية.

تعد الصين أكبر مصدر للولايات المتحدة من هذه المعادن وهي أكبر منتج لها في العالم من خلال المناجم التي تملكها في شتى أصقاع الدنيا

وتعد الصين أكبر مصدر للولايات المتحدة من هذه المعادن، وهي أكبر منتج لها في العالم من خلال المناجم التي تملكها في شتى أصقاع الدنيا.
وتبحث الولايات المتحدة عن طرق لتعزيز الإنتاج المحلي لبعض المواد، لكن بالنسبة لـ 14 منها، فإنها تعتمد كليا على الواردات الأجنبية، ومعظمها تأتي من الصين، ومثالا على ذلك الزرنيخ، الذي يستخدم في صناعة مجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية، وتستورد الولايات المتحدة حوالي 91٪ من هذا المعدن الحيوي من الصين.
السيزيوم، مثال آخر، وهو معدن نادر يستخدم في مجموعة واسعة من الصناعات، ولا يوجد سوى ثلاثة مناجم في العالم التي يمكنها إنتاج السيزيوم. وقد اعتمدت الولايات المتحدة كليا على منجم كندي للسيزيوم في السابق لكن في عام 2019 باع مالكو المنجم الأميركيون  إلى "مجموعة سينوماين الاستثمارية" الصينية، ونتيجة لذلك تسيطر الصين الآن على مناجم السيزيوم الثلاثة الوحيدة في العالم، وذلك وفقا لموقع "أويل برايس"، وهو موقع إلكتروني رائد لأخبار الطاقة.
وقال جيمس كينيدي، مستشار الحكومة الأميركية "إن المعادن والعناصر الأرضية النادرة مهمة جدا لصناعتنا، ونحن حاليا نفتقد 20 عنصرا منها تسيطر عليها بكين".
الهيمنة الصينية على سلاسل التوريد 
الدول الغربية الأخرى لديها قوائم مختلفة من المعادن التي تعتبر ضرورية لاقتصادياتها. حيث وضعت أستراليا قائمة من 24 معدنا حيويا لها، وضمت قائمة المملكة المتحدة 41 معدنا، أما القائمة الكندية فضمت 31 معدنا ضروريا لصناعتها، في حين لدى الاتحاد الأروبي قائمة أخرى تضم 30 معدنا. 
ووجدت دراسة نُشرت العام الماضي من قبل مركز الأبحاث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية، وهو وكالة خدمات علمية وتكنولوجية، أن إنتاج طائرة رافال المقاتلة يتطلب ما مجموعه 16 معدنا، ثلاثة منها  تعتبرمن العناصر الأرضية النادرة.
والعامل الأكبر المشترك بين هذه القوائم كلها هو أن الصين هي المصدر المهيمن عليها جميعا.
وعلى سبيل المثال، تسيطر الصين على 10 عناصر من قائمة الاتحاد الأوروبي بشكل كامل، وعلى 11 معدنا من القائمة الاسترالية، و23 عنصرا من القائمة البريطانية.
ووصلت الدراسات والأبحاث الصينية إلى نفس النتيجة، فقد ذكرت دراسة نشرتها هيئة المسح الجيولوجي الصينية أنه "وبعد التقصي عن المعادن النادرة التي تحتاجها الولايات  المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، فإن بلدنا 'الصين' تسيطر على إنتاج وتصدير أكثر من نصف هذه المعادن".
ويبدو أن العالم لن يصنع شيئا في المستقبل إلا إذا سمحت له الصين بذلك.