موازنة العراق الجديدة 2020 تترنح.. فهل من إجراء؟

الاستيراد للكماليات التي يمكن توفيرها محليا يثقل ميزان الواردات في وقت تتراجع فيه اسعار النفط بشكل غير مسبوق.

اسعار النفط عالميا في نزول، والتعافي من هذا النزول ليس قريبا كما يبدو، وفي الأنباء ان دولاّ عديدة، خفضت اسعار نفطها الخام للأسواق الخارجية إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عشرين سنة في الأقل، وهذا التخفيض، سيوفر خصومات غير مسبوقة للمشترين في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة وغيرها، لإغراء مصافي التكرير فيها بشراء النفط الخام. واكيد ان هذا المشهد، سيلقي بظلاله على واقع الاقتصاد العراقي، باعتبار ان قطرنا من الدول التي يعتمد اقتصادها على النفط اعتماداً كلياً في توفير مستلزمات ما تحتاجه الدولة والشعب، رغم امتلاكنا العديد من الموارد التي لم يتم استغلالها لأسباب معروف بعضها، ومجهول بعضها الأخر، حيث استمر الاعتماد بشكل كلي على مورد واحد فقط هو.. النفط!

لن ادخل في متاهات السياسة، ودهاليزها، لكني ابدي بعض المقترحات التي (ربما) تُسهم في الحد مما ينتظرنا من السحب السود التي تتمحور في سمائنا، وهي مقترحات بسيطة، سهلة المنال، وسريعة التحقيق. علينا اولا فتح ابواب الموازنة الحالية وما تبقى منها، وايضا صفحات الموازنة الجديدة التي كثر الحديث عنها، ولا اظنها ترى النور في المنظور القريب، فالعجز فيها كبير رغم الاحاديث الوردية، التي تستهدف الاطمئنان، حيث قدرت مبدئيا إيراداتها بنحو 163 تريليون دينار، باحتساب سعر برميل النفط الخام بـ53 دولارا للبرميل، بينما سعر البرميل حاليا اقل من نصف هذا السعر.

ليس جديدا قولي، او انه فتحا في عالم الاقتصاد، حينما اذكر ان الموازنات في كل دول العالم، لها جناحان، الاول تشغيلي (رواتب ومستلزمات روتينية للدولة) والثاني، وهو الاهم، لأنه يخدم الجناح الاول في لاحق السنين، وهو الاستثماري الذي ترتكز عليه كل اسس التقدم، وطالما نحن اعطينا اجازة للجانب الاستثماري الاصيل، المقتدر، علينا البدء في المرتكزات الصغيرة من خلال، قراءة مفردات الموازنة الجديدة، بموضوعية، ونؤشر غير المهم، الذي يمكن توفيره في السوق المحلية وبأياد عراقية، وبذلك نرفع الغطاء الثقيل الذي يكبل الموازنة..

يعرف العراقيون ان اكثر من 36 مليار دولار، هي مجمل استيراداتنا من امور يمكن توفيرها محليا، وبذلك نحقق اكتفاء ذاتيا، وننمي قدرتنا الاقتصادية.. اليس بالإمكان ( كمثال ) توفير اللحوم والاسماك ومشتقات الاجبان والالبسة والدهون والمعجنات والحلويات والحنطة والاحذية والاخشاب وأسرة المنام والأرائك والصناعات الكهربائية والأصباغ وغيرها.. وغيرها.. وبمثل هذه المبالغ، التي تذهب هدرا بالعملة الصعبة لاستيراد مثل المواد التي ذكرتها، او شبيهاتها، يمكن ان ننتج ما يضاهيها، ونوفر سبل العيش لألاف العوائل.

ادعو رئاسة الوزراء، الى الطلب سريعا، من اتحاد الصناعات العراقي ودائرة التنمية الصناعية، والوزارات كافة، لأعداد ورقة عمل واقعية، قابلة للتنفيذ الفوري بالمشاريع ذات الانتاجية الصناعية بمختلف صنوفها للحد من الاستيراد المثقل للموازنة والعائق لعجلة النمو الاقتصادي، فمن المعيب ان نستمر باستيراد البرغل، والرقي، والعلكة، والقيمر، والفول المدمس، والعسل الصناعي، والطباشير، والمسامير، والحمص بطحينة، ومواد البناء، والمربيات والمكسرات، وشراشف الطعام، وفرشاة التنظيف، والمياه الغازية، وورق التواليت، وكرات القدم، وصبغ الاحذية، والواح الزجاج، واحمر شفاه، والسماد الحيواني، ومئات غيرها... والادهى المياه المعلبة، من دول لا تملك نهرا... عيب.. والله عيب!