نصرالله يحارب إسرائيل بالحجارة

سيكون من مصلحة سوريا والعراق ولبنان أن تكون دولا خالية من الأسلحة الإيرانية.

مع تصاعد الغارات التي تشنها إسرائيل على مخازن الأسلحة الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان بدا واضحا أن إسرائيل قد تخلت عن استراتيجيتها القديمة التي كانت تعتمد من خلالها على الولايات المتحدة في الرد على التهديدات البعيدة وصارت تفعل ما تريد بشكل مباشر.

وهو ما يشير إلى وجود تنسيق إسرائيلي ــ أميركي يمهد للحرب القادمة التي سبق لإيران أن صورتها فرصة لا تفوت لإلحاق الأذى بالدولة العبرية ما دام الاضرار المباشر بالولايات المتحدة أمرا مستحيلا.

إسرائيل ليست غافلة عن المخطط الإيراني الذي ينطوي على قدر من الاحتيال المبيت وذلك من خلال اعتماد مبدأ الحرب بالوكالة. فبدلا من أن يتم قصفها من الأراضي الإيرانية سيتم القيام بذلك من الأراضي العراقية والسورية واللبنانية. وهو ما يعني اشراك المنطقة كلها في تلك الحرب المحتملة.

لذلك لا يمكن اعتبار الهجوم الإسرائيلي على مخازن الأسلحة الإيرانية عدوانا على العراق وسوريا ولبنان حتى وإن كانت تلك المخازن تقع على أراضي الدول المذكورة. فليست تلك الأسلحة "أمانة" لدى تلك الدول كما صرح أحد السياسيين العراقيين بسذاجة، بل هي أسلحة معدة للاستعمال في حروب إيرانية متوقعة.

مخازن الأسلحة الإيرانية هي جزء من إيران. ذلك الجزء الذي يقع خارج حدودها. لذلك فإن سوريا والعراق ولبنان لا يمكنها الاعتراض دوليا على القصف الإسرائيلي بسبب افتقارها لحجة الدفاع عن النفس.

لن يكون مبالغا فيه إذا ما قلنا أن إسرائيل من خلال قصفها لمخازن الأسلحة الإيرانية انما تقدم للدول الثلاث أسبابا للنجاة من التورط في حرب، لا مصلحة لها بها وهي ليست طرقا فيها.   

"إسرائيل تدافع عن نفسها". هل هناك خطأ في ذلك القول؟

من وجهة نظري فإن إسرائيل إذ تدخل طرفا مباشرا في الحرب فإنها تعيد صياغة المعادلة التي حاولت إيران أن تضعها في خدمة مشروعها الهادف إلى تدمير المنطقة.

سيكون من مصلحة سوريا والعراق ولبنان أن تكون دولا خالية من الأسلحة الإيرانية. ذلك ما يجنبها حروبا، لن تكف إيران عن إشعال فتيلها، ما دام نظام آيات الله قائما.

ما تفعله إسرائيل لمصلحتها انما يحقق خدمة للسلام في المنطقة.

اما ما يقوله حسن نصرالله فإنه لا يمثل حقيقة ما يحتاجه اللبنانيون. ذلك لأن الرجل هو حارس للمصالح الإيرانية وممثلها. وما صمت الحكومتين السورية والعراقية عن ضرب مخازن السلاح الإيراني في بلديهما إلا خير دليل على أن إسرائيل لم تلحق الضرر بهما.

نصرالله وحده يشعر بالقلق.

إنه يحارب بلبنان من غير أن يملك تخويلا بذلك.

ليست للبنان مصلحة في الدخول طرفا في حرب يمكن أن تقع بين الولايات المتحدة وإيران. غير أن نصرالله يرى أن في إمكانه أن يورط لبنان في حرب جديدة، تكون نتائجها أشد مأساوية من حرب 2006.

لا يفكر نصرالله في الكارثة التي ستحل بلبنان إذا ما قامت حرب جديدة بقدر تفكيره في نصرة إيران التي يؤمن بصلاحيتها للهيمنة على العالم العربي. وهو ما يدفعني إلى القول "إن نصرالله هو أكثر خطرا على لبنان من إسرائيل".

إن ضربت إسرائيل مخازن سلاحه فإن لبنان سيتعرض للخراب وإن لم تضرب إسرائيل تلك المخازن فإنه سيحول لبنان إلى قاعدة عسكرية إيرانية.

نصرالله ينتحر ببلد وليس بنفسه.

إنه يفضل أن يهلك لبنان على أن تُهزم إيران. ذلك لأنه يدرك جيد أن تلك الهزيمة ستكون هزيمة لمشروعه في ابتلاع لبنان.

يومها لن تنفع نصرالله "حجارته" التي اسقطت الطائرة الإسرائيلية المسيرة.