هل طويت صفحة التظاهرات في العراق؟

التظاهرات المطلبية تلاشت والتظاهرات السياسية تم احتواؤها او ترويعها. التعطيل انجاز الحكومة العراقية الملموس.
استمرت التظاهرات لمدة عام كامل في العراق وانتهت بلا شيء
الانتخابات المبكرة اصبحت في مهب التأجيل وقد تجرى في موعدها الاصلي منتصف 2022
لا بد من تغيير سلوك القوى السياسية والاقتناع بان ما جرى لم يكن انتصارا لطرف على آخر

من المتعارف عليه ان كل وقف لإطلاق النار يتبعه اتفاق سياسي وكل تصعيد يتبعه اما حرب او تهدئة بتنازل احد اطراف النزاع، وكل ثورة يتبعها تغيير وكل انتفاضة يتبعها تلبية مطالب وكل اعتصام او مظاهرة تتطلب تسليم مطالب والعمل على تحقيقها. الا في العراق فقد استمرت التظاهرات لمدة عام كامل وانتهت بلا شيء.

هناك من يقول انها أسقطت حكومة واقرت انتخابات مبكرة، والحقيقة نعم؛ لكن الحكومة الجديدة لم تختلف عن سابقتها ان لم تكن أسوأ في مجال التعامل مع المطالب المشروعة. والانتخابات المبكرة اصبحت في مهب التأجيل وقد تتأجل مرة اخرى الى موعد الانتخابات التشريعية المقررة منتصف 2022.

فما الذي جنته التظاهرات؟ وهل حقق الشباب مطلبهم بإسماع صوتهم الى من هم في قمة السلطة؟ وهل تم الاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة في تحسين المستوى المعاشي وإنصاف الطبقات الفقيرة التي كانت عصب التظاهرات؟ وهل وفرت الحكومة فرص العمل للعاطلين التي كانت السبب في إشعال فتيل التظاهرات في تشرين عام 2019 والتي سمحت لأعداء العراق بركوب موجتها وايقاف الحياة العامة في البلاد لأشهر الى ان أتت كورونا واكملت مسلسل التعطيل الذي استمر لاكثر من عام. وهل نحن بمنأى عن تظاهرات مماثلة في وقت قريب!

ان انفراج الامور وانتهاء التظاهرات كان يجب ان ترافقه جملة من القضايا المهمة، منها:

1- تغيير سلوك القوى السياسية من ناحية التفكير والأداء، والاقتناع بان ما جرى لم يكن انتصارا لطرف على آخر فلا منتصر بين ابناء البلد الواحد.

2- مراجعة مرحلة ما قبل التظاهرات والوقوف على الأخطاء التي وقعت وادت الى ما ادت اليه من انفجار جماهيري مفاجئ.

3- تبويب مطالب المتظاهرين المشروعة والعمل على تحقيقها تباعا.

4- نهوض البرلمان في إكمال متطلبات العملية الانتخابية المبكرة من قوانين واجراءات.

5- عمل الرئاسات الثلاث على النهوض بدورهم الدستوري كلا من موقعه وبما يبعث بنوع من الايجابية تجاه الشباب ومستقبل البلاد.

لكن، اي شيء مما تقدم لم يحدث بل العكس هو الصحيح، فزادت اعباء المعيشة على كاهل الفقراء بتخفيض قيمة العملة المحلية وارتفاع اسعار المواد الغذائية وخلت موازنة 2021 الانفجارية من أية مشاريع لتوظيف او تشغيل الشباب العاطل، وطويت صفحة التظاهرات وكأن الحكومة الجديدة انتصرت عليها وهي صاحبة الفضل في انهائها والتعهد بعدم تكرارها ولتفعل ما يحلو لها وآخرها تأجيل الانتخابات التشريعية المبكرة بالاتفاق مع المفوضية وتقاعس البرلمان عن إقرار قانون المحكمة الاتحادية... فهل ما جرى ويجري صواب وهل طويت صفحة التظاهرات؟