هل لدينا خبراء في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي؟

يكتسب الذكاء الاصطناعي أخلاقياته الخاصة، فكيف سنوجهها ونتحكم بها؟

الابتكار التكنولوجي المتسارع وغير المسبوق في مجال الذكاء الاصطناعي، والذي أصبح موجوداً في كل مكان، ويشكل العديد من المجالات الحاسمة في مختلف جوانب مجتمعاتنا، يتطلب الحاجة العاجلة لفهم ومناقشة الخبراء للقضايا والآثار والمخاطر الأخلاقية والاجتماعية والقانونية والسياسية المتعلقة بمجال الذكاء الاصطناعي والتي تنشأ مع تطوره ونموه وانتشاره في حياتنا اليومية، وأهمية التوصل الى إطار عمل لمعالجتها، واتخاذ قرارات بشأنها تستند إلى قيم المجتمع.

وقد بدأت بالفعل حكومات وجامعات دول العالم المتقدمة وشركات التكنولوجيا العالمية، في تشكيل خبراء في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، من الحكومة والصناعة والإعلام والأوساط الأكاديمية وبخاصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، لمناقشة ومواجهة القضايا والتحديات الأخلاقية والاجتماعية والقانونية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال: كيف يمكن للمطورين والمستخدمين التأكد من احترام الذكاء الاصطناعي للحقوق الأساسية واللوائح التنظيمية والمبادئ الأساسية المعمول بها في المجتمع، وكيف يمكن جعل هذه التكنولوجيا آمنة وموثوق بها؟ ومسألة ما إذا كان ينبغي تنظيم الذكاء الاصطناعي من خلال الأخلاق أو القانون؟

على الصعيد الدولي، تكتسب حالياً قضايا أخلاقيات ومسؤوليات وآثار الذكاء الاصطناعي والروبوتات، المزيد من الاهتمام على جدول الأعمال السياسي. حيث يتم استكشاف الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه التكنولوجيا في حياتنا المستقبلية وتأثيرها على المجتمع، ومناقشة مسألة كيفية تطوير إطار أخلاقي للذكاء الاصطناعي، من قبل كبار الباحثين في الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وأعضاء البرلمان، وممثلو الهيئات والمنظمات ذات الصلة وأصحاب المصلحة، ويتم الاعتماد في ذلك على أدلة من مجالات متعددة، كما يتم عرض المقترحات المبدئية للأخلاقيات، على عامة الجمهور لتقديم وجهات نظرهم وتعليقاتهم والاستفادة منها. على سبيل المثال، في عام 2018، أنشأت المفوضية الأوروبية فريق خبراء رفيع المستوى، مكون من 52 خبيراً من الأوساط الأكاديمية وقطاع الأعمال والمجتمع المدني، لجمع مدخلات الخبراء ووضع مبادئ توجيهية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

والسؤال المهم هنا هو: هل لدينا بالفعل خبراء وكوادر وطنية استشارية في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، لمواكبة ودعم متطلباته وتحدياته الحالية والمستقبلية؟

إن موجة التقدم التكنولوجي في الذكاء الاصطناعي والروبوتات مثيرة حقاً، ولكن لا تزال هناك حاجة ملحة إلى مزيد من العمل لمواجهة التحديات والمخاوف الأخلاقية المرتبطة بها، مثل التفكير في الأفراد المرشحين لفقدان وظائفهم، وكذلك في القضايا الأخلاقية التي تنشأ مثل الخصوصية.

يجب علينا ألا ننبهر فقط بالفرص والإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، ونغفل عن التحديات والأخلاقيات الحقيقية، بل يجب أن نبدأ من الآن وقبل فوات الأوان، في تشكيل فرق عمل من الخبراء العرب في مجال أخلاقيات العلم والتكنولوجيا، لمناقشة التحديات والأولويات الأخلاقية المعلقة والمتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتطوراته، وتطوير الأطر الأخلاقية والقانونية التي تضبط وتنظم أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتضمن أن تكون قابلة للتفسير وآمنة وعادلة، الأمر الذي يضمن الثقة في كيفية تصميم الذكاء الاصطناعى وتطويره واستخدامه للصالح العام.