هل يحتاج العالم علميًا للولي الفقيه.. الليبرالية العلمية (9)‎‎

الولي الفقيه وعقلية ولايته على علم بتخلف نظريته قِبال النظريات والعلوم العصرية، ولهذا يتحصن الولي الفقيه وولايته بقدسية الماضي.

أحاول في سلسلة "الليبرالية العلمية" التأكيد على وجود مشروع يتم اسقاطه على أرض الواقع لتطبيقه ومؤداه استكمال شكل ومضمون دولة في اقليم شيعة العراق تدين بكل اجزائها وتوجهها وعقلها للولي الفقيه. وهذا المشروع يداهم غير اقليم شيعة العراق، فهو مُعَد لينفذ وينتشر ويُغيّر في كل بقعة تيسر له اختراقها كما جرى في جنوب لبنان واليمن، ومحاولة فاشلة في البحرين، والمحاولات حثيثة ومتواصلة لاختراق المملكة العربية السعودية، أما العراق فمعركة كر وفر لم تُحسَم بعد.

إذن؛ الغاية من هذه السلسلة تأكيد وجود عملية إقامة دولة في اقليم شيعة العراق على طراز رغبة ولاية الفقيه، وهذه العملية تعمل على طرد كل تواجد غير تواجدها. فأي تواجد غير تواجدها يُحبطها تأخيرًا أو يجهضها، وأرباب العملية يعلمون علم اليقين أن التواجد الأجدر والأقدر سيكون في العراق للغرب وفكره وتقنياته وتفوقه العلمي. فولاية الفقيه ليست عقيدة علمية عصرية، أو مجموعة نظريات في الفيزياء والكيمياء والطب والتقنيات تدعو لتجديد العلوم المعمول بها، ولا هي برنامج نظام حكم طبقه الولي الفقيه في ايران فأحدث وحدّث مما دفع شعوب شمال اوروبا وكندا للمطالبة بتطبيقه في دولهم أو السماح لهم ليهاجروا الى ايران.

الولي الفقيه وعقلية ولايته على علم بتخلف نظريته قِبال النظريات والعلوم العصرية، ولهذا يتحصن الولي الفقيه وولايته بقدسية الماضي، ولأن الماضي لا يصمد في حضرة تقدم وتطور وتفوق الحاضر عمد الولي الفقيه وولايته لمخاطبة العقل الشيعي بالرموز المقدسة والمقدسات والقدسية والمُقدس، وهذا الاستحضار للماضي بعباءة المقدس يهدف في نصفه الآخر الى تنجيس وشيطنة النماذج العصرية للدولة والفكر والعلوم، ودلالة ما أقول الفترة التي عينّها الولي الفقيه لتنتج ايران علومًا وتقنيات خاصة بها تضطر الغربيين ليهاجروا لايران وتعلم اللغة الفارسية طلبًا للعلوم الجديدة، وقد حدد الولي الفقيه فترة اكمال هذا المشروع بخمسين سنة، وهذا التحديد صرّح به الولي الفقيه بكلمة متلفزة تم نقلها الى اليوتيوب: "طبعًا حديثنا الآن عن النخب العلمية - يجب أن تنظر الى المستقبل والأفق المرسوم للعلم في البلاد، وأن تهتم به، قلنا إننا يجب أن نتحرك بطريقة تجعل إيران في مدة معقولة - قبل بضع سنوات قلت بعد خمسين عام - منبع العلم، أي إذا أراد الناس الحصول على أحدث الإكتشافات العلمية فسيضطرون الى تعلم اللغة الفارسية. هذا مستقبل ممكن، لا تتعجبوا منه"(1).

ما تفضل به الولي الفقيه ما هو إلا مناورة لكسب الوقت لاستكمال بناء دولة يعشعش في عقل شعبها التقديس ورمزية الماضي الغابر، وكذلك يعول الولي الفقيه على انهيار يحدث في العالم المتقدم كما حدث اثناء وعقب الحربين العالميتين، وهذه مغامرة، ومقامرة بمصير شعب بأكمله، ولعل الولي الفقيه يعلم بأن روايات معاجز الأئمة العلمية وتفوق المعصومين العلمي الخارق ما هي إلا مبالغات ومجرد إدعاءات وقصص قديمة خيالية، ولهذا صرّح بمدة هذا المشروع الذي يمتد لخمسين سنة إذ وعلى أرض الواقع لا يمكن احداث معجزة علمية خارقة تختزل الزمن ينفرد بها نائب الإمام المعصوم في عصر الغيبة، لا هو ولا كل مؤسسات دولته وحوزاته واصوات أدعيته وتوسلاته بالمقدسين تمكنه من ذلك.

وأمر آخر؛ هل من التعقل أو الفهم السوي أن نعتبر كل هذه التصريحات الصادرة من الولي الفقيه ودعاته وجنوده مجرد حبر على ورق أو حديث للاستهلاك الإعلامي ومراهقة سياسية وخطاب انفعالي وتصور مؤقت أو عابر؟

الجواب: هذا الأمر غير خاضع للترجيح، هو خاضع لمعادلة النصر التام أو الشهادة، هذه عقيدة الولي الفقيه وولايته.

الولي الفقيه ضد العصر، ولهذا يطلق وماكنته الإعلامية شعار: انتظار إمام العصر. فعقيدته تتعلق بالماضي وتلك العصور الغابرة، وكيف له أن يقبل أو يتأقلم مع العصر الحديث وهو يتعبد ويُقدس ويعمل وفق كتب الفقه البالية والمرويات القديمة المشابهة لقصص الخرافات وروايات المعاجز الخرقاء.

في المقال التالي اطرح وثيقة لإثبات ما قلته هنا.

إشارات

(1) يوتيوب: خطاب - دور النخب في وصول البلاد إلى صدارة العلم في العالم