وداعا سامي عبدالحميد عميد المسرح العراقي

الأوساط الفنية والثقافية العراقية تنعى رحيل الكاتب والممثل والمخرج المنشغل بأوضاع المسرح والسينما في بلده والمرصع رصيده بتتويجات وأوسمة عربية.

بغداد - فجعت الأوساط الفنية والثقافية العراقية بخبر وفاة عميد المسرح العراقي الفنان سامي عبدالحميد عن 91 عاما.
 توفي الفنان المسرحي العراقي، الأحد، بعد صراع مع المرض.
ونعت الاوساط الفنية المحلية والعربية، عميد المسرح العراقي الذي توفي في العاصمة الاردنية عمان.
وقال نقيب الفنانين جبار جودي في تصريح صحفي، ان "رحيل عبدالحميد خسارة كبيرة للفن العراقي والعربي".
وأضاف، ان "مراسيم تشييع جثمان الفنان الراحل ستكون من كلية الفنون الجميلة ببغداد".
وتأثرت لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار النيابية برحيل الفنان الرائد وقالت "الفن العراقي خسر إحدى قاماته التي لا تتكرر والتي كان لها الدور الكبير في تطويره من خلال البحوث والمؤلفات التي اغنت المكتبة العراقية بالعديد منها".

سامي عبدالحميد هو كاتب وممثل ومخرج من مواليد مدينة السماوة عام 1928، حاصل على ليسانس الحقوق ودبلوم من الأكاديمية الملكية لفنون الدراما في لندن وماجستير في العلوم المسرحية من جامعة اورغون بالولايات المتحدة.
وشغل منصب رئيس اتحاد المسرحيين العرب وعضو لجنة المسرح العراقي، وهو أستاذ متمرس في العلوم المسرحية بكلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد.
ومنذ العام 1956، شارك عبدالحميد في عدة أفلام ومسرحيات منها "النخلة والجيران" للمخرج المسرحي الراحل قاسم محمد، إضافة إلى مشاركته في عدة مهرجانات مسرحية عربية ودولية ممثلا ومخرجا أو ضيفا. كما حصل على العديد من الجوائز والأوسمة منها جائزة التتويج من مهرجان قرطاج، ووسام الثقافة التونسي، إضافة إلى جائزة الإبداع من وزارة الثقافة والإعلام العراقية، جائزة أفضل ممثل في مهرجان بغداد للمسرح العربي الأول.
وكتب سامي عبدالحميد عشرات البحوث أبرزها "الملامح العربية في مسرح شكسبير"، وله عدة مؤلفات في الفن المسرحي.
وألف عدة كتب تخص الفن المسرحي منها : فن الإلقاء، فن التمثيل، فن الإخراج. كما ترجم عدة كتب تخص الفن المسرحي منها :"العناصر الأساسية لإخراج المسرحية الكسندر دين"، "تصميم الحركة لاوكسنفورد"، "المكان الخالي لبروك".
وقام عميد المسرح العراقي بإخراج العديد من الأعمال المسرحية منها "ثورة الزنج"، "ملحمة كلكامش"، "بيت برناردا"،"البا"، "انتيغوني"، "المفتاح"، "في انتظار غودو"، "عطيل في المطبخ"، "هاملت عربيا"، "القرد كثيف الشعر".
وظل قلب شيخ المخرجين شباب على الدوام وبقيت موهبته متوهجة ولم تخمد رغم تقدمه في السن وقد وقف على خشبة المسرح وقدم مسرحية من نوع مونودراما وهو ابن 82 عاما. 
وقدم الفنان العراقي عام 2010 على خشبة منتدى المسرح بشارع الرشيد مسرحية "غربة" من بطولته وفكرة حسن السوداني واعداد جمال الشاطي واخراج كريم خنجر.
وطوال فترة المسرحية كان سامي يرسم تلويناته الادائية المبهرة ويعبر بالملامح والصوت عن تفاصيل حكايات يسردها.
وقد وصفه عزيز خيون بأنه شجرة عملاقة في بستان المسرح العراقي والعربي والرائد المسرحي، وأستاذ الأجيال، وشيخ المخرجين والمجربين العراقيين، والمعلم الكبير.
وقال الفنان ميمون الخالدي "انا ارى في وقفة سامي على خشبة المسرح تجديد للمسرح العراقي ولطاقات الممثلين والفنانين، وهو يدفع بهم الى ان يكونوا اكثر طاقة وقوة لتحقيق استمرارية وتواصل المسرح العراقي.
وأضاف "من أهم صفات سامي عبدالحميد انه يعيش لحظة صدق على خشبة المسرح ثم انه يمتلك كاريزما الممثل المسرحي من الوزن الثقيل".

وقال الفنان حيدر منعثر في "مسرحية "غربة" استطاع سامي عبدالحميد ان يختصر السنين والخبرة المتراكمة التي يحملها كأستاذ وكمعلم للمسرح في كل أوجهه وتفرعاته وبذلك نستطيع ان نقول أنه لم يتخل عن موقعه كأستاذ حتى في تقديمه لهذه المسرحية".
ولطالما انشغل الفنان العراقي بأوضاع المسرح في بلده وسعى الى تحسينه وتطويره وجعله يواكب أرقى واعتى المسارح في الدول العربية وسلط الضوء على نقاط الضعف فيه.
وقال الفنان الراحل في تصريحات سابقة أن "المسرح العراقي الآن أعرج ويمشي على ساقٍ واحدة، وحتى هذه الساق غير سليمة".
وأضاف "إن الفرقة الوطنية للتمثيل التابعة لوزارة الثقافة العراقية لم تعد كما كانت في السابق تقدم أعمالاً مسرحية باهرة".
وتابع "أن المعوقات التي تواجه المسرح هي عدم استقرار الوضع العراقي، والسلطة لم تنظر إلى المسرح نظرة جادة باعتباره وجهاً ثقافياً تفتخر به الأمم".

وأكد على ضرورة أن ينحدر أغلب الممثلين من أقسام الفنون الجميلة لتأسيس ما يسمى بالمسرح الدائم.
وأشار عميد المسرح العراقي إلى أن النصوص العربية ترضي طموحاتنا وليس النصوص الأجنبية فقط، مشيدا بالكتاب الكبار مثل سعدالله ونوس وتوفيق الحكيم ومحمود دياب والفريد فرج وسعد الدين وهبة وغيرهم، الذين لهم بصمات واضحة في التأليف في الحركة المسرحية العربية، لافتا الى أن النصوص المسرحية العربية تعبر عن بيئاتها وخصوصيتها. 
وتم تأسيس فرقة مسرحية يرأسها سامي عبدالحميد تحمل اسم "فرقة المدى المسرحية" وتضم في عضويتها نخبة من أبرز فناني المسرح العراقي. 
وسعت الفرقة الى إحياء المسرحية الشعبية برؤى جمالية متقدمة ترتقي بالخطاب المسرحي المحلي.
ولم يقتصر تأثير عبدالحميد على المسرح العراقي فقط، بل امتد إلى كل الدول العربية التي ساهم فيها بأعمال كممثل أو مخرج أو مترجم وباحث ومنظر مسرحي من الطراز الأول.
وشارك الفنان القدير في السينما الا أنه تركها بعد شعوره بتدهورها .
واعتبر أن السينما العراقية ذَبُلَت واندثرت حالها كحال كل ما انهدم وانمحى في العراق نتيجة الحروب، لم تترك الحروب للبلد اي مجال أو وقت للعيش في حياة طبيعية، انحسرت النتاجات السينمائية، وبالكاد ترى عمَلاً يُظهر للنور منذ سنوات ما بعد 2003 وإلى اليوم.
واضاف، "من الأسباب التي أدَّت إلى انكماش السينما، التقشف المالي، وغض بصرَ الحكومة عن تخصيص الأموال لقطاع السينما، فضلاً عن تهديم الدور السينمائية وتحويلها الى مخازن ومحلات وأسواق تجارية".
ولم تقتصر مواهب الراحل عبدالحميد على جوانب الاخراج المسرحي والكتابة والتمثيل بل تعدتها لتشمل عشقه للرياضة على غرار ممارسته ألعاب كرة السلة، والطائرة، والتنس، والطاولة.