وسام الأحمد وسبر أغوار الإدراك

اللامرئي يشكل ملخص رسالة التشكيلي وبكل تأكيد عبر الإبحار في المرئي، فهو منفتح على أكثر من مدلول مرتبط بعضها ببعض عبر وشائج هي وحدات تراكمية إندماجية حيناً وتوزيعية في أكثر الأحيان وهذا ما يجعل من الإمكان قراءة منجزه بأكثر من قراءة.

لا يمكن حصر وقائع الإبداع بسرد حكايته، تلك الحكاية التي تحمل من الأسطورة ومن الخرافة الشيء الكثير، فتحت إنتاج أشكال دراماتيكية متخيلة يحضر المبدع في الزمكان دون رسم أي تخطيط أو حتى تجاوز أي عتبة، فتأريخ الأمكنة بل وتاريخ الأزمنة أيضاً هو على الأغلب سرداً لحكاية لا يقترب من الذائقة الجمعية بقدر إقترابه من الذائقة الحاكمة والمالكة لكل شيء بما فيها الآخر، فعبر ما يحمله الفنان من حد أدنى من الضوء يجعله وبشمولية بعيدة عن الضياع وقادر على السيطرة على الكثير من فوضى المشاهد البصرية فيبدأ بترتيبها بتعقيدات أقل أو أكثر، أو حتى بإعادة تركيبها عبر تهذيب مبطن.

 فقد يجد الفنان وسام الأحمد في ذلك جزءاً من رسالته فوسام ومن أجل الإنتقال إلى أنموذج يحاكي حاله الذي هو من حال البلاد كمكان بمانيشست عريض وبألوان هي بالمطلق أساس لبناء يحاول أن يشيده لنفسه وإن كانت تلك الألوان تقدم نفسها وبكل تدرجاتها بأنها مدعوكة بأصابعه كوسيلة بها سيتبوأ حكاية قد يخضعها وسام منذ البدء لإهتماماته، فإذا كانت الجملة هي أصغر وحدة للخطاب بصورة كاملة حسب مارتينيه فإن زخة لون وبعفوية عذبة وبأي إتجاه كان هي أصغر وحدة لمنجز وسام، ولهذا نجده يولي إهتماماً لا بأس به بالفسحات التي عليها يمارس طقوسه الجميلة بالضرورة وبالإعتماد على تنظيم أبعاد منظومته الشكلية يتحكم وسام بالتحليل الإستكشافي بعوالمه بمستوياتها المباشرة منها والدالة.

اذ يدخل وسام الأحمد عناصر مهمة وحاسمة في تركيب صوته وإن بقالب مندمج مع الكتلة المدركة للملمس وكذلك لسبر أغوار الإدراك بطريقة فيها من البيان الجمالي ما يذهل البصر والبصيرة معاً، فهو يدخل محور الحالة كخيط يجره إلى اللاوعي بمنطق القراءة أي بمنطق قراءة المنجز كسرد بصري وهذا ما يجعل منجزه يحمل دلالات قد يكون فك شيفرتها مدخلاً إلى فك كل ما هو مبعثر شاقولياً ضمن دائرة تصوراته، ولكي يكون فعالاً مع توجهاته الجمالية تلك نراه يتجاوز المألوف من أجل العثور على مجموعة من العلاقات السردية بين ألوانه التي تميل بدورها إلى البحث الأفقي ضمن توكيد على صيغة غير مؤقتة يسمح له بأن ينقل لنا خطابه الذي يلخص بأن اللامرئي هو الذي يشكل ملخص رسالته وبكل تأكيد عبر الإبحار في المرئي، فهو منفتح على أكثر من مدلول مرتبط بعضها ببعض عبر وشائج هي وحدات تراكمية إندماجية حيناً وتوزيعية في أكثر الأحيان وهذا ما يجعل من الإمكان قراءة منجزه بأكثر من قراءة.