
ولادة ناجحة للسينمائي الدولي ياسمين الحمامات في انتظار اكتمال الحلم
لم يكن الرهان سهلا، ولم يكن الحلمُ ليتحقّق لو لم تتضافر الجهود والنوايا الطيبة لتصنع حدثا سينمائيا بمقاييس عالمية.
فقد أكد مؤسس المهرجان السينمائي الدولي ياسمين الحمامات في غير مرة أن الأمر برمّته بدأ حلما ليزهر بعد أكثر من عامين من العمل المتواصل والإصرار في أن يكون لتونس مهرجانٌ يجمع بين السينما والسياحة.
في المدينة المتوسطية أو في ياسمين الحمامات، في هذا الفضاء الساحر انتظمت النسخة الأولى التأسيسية لمهرجان سينمائي دولي يرنو إلى العالمية ويتطلّع مؤسسوه ليكون خلال الأعوام القليلة القادمة واحدا من أهم المهرجانات في ضفتيْ المتوسط.
وأسوة بمهرجانات عتيقة اعتمدت على ساحل المتوسط ليكون فضاءً لصنّاع السينما وعشّاقها، أسس المخرج التونسي مختار العجيمي المهرجان السينمائي الدولي ياسمين الحمامات ليزرع زهرة أخرى في باقة المهرجانات السينمائية الدولية.
عن فكرة المهرجان يقول العجيمي: "لقد خيّرنا أن تكون التظاهرة مغايرة وتوجّهنا نحو تقديم أفلام متوّجة في مهرجانات دولية كبرى للتنافس من جديد في الحمامات".
وهنا بدا واضحا أن المخرج التونسي توجّه نحو ضمان الجودة من خلال اختيار أفلام تمّ تتويجها سابقا في مهرجانات أخرى، لكنه بالمقابل وضع أعضاء لجان التحكيم أمام مسؤولية صعبة، فكيف ستكون نتائجها؟ وما هي المقاييس التي سوف تعتمدها كل لجنة؟ ثم هل أنّ الفيلم المتوّج ضمن ورقة العبور وظفر بالخروج من دائرة المنافسة؟
اشتغلت لجان التحكيم لأسبوع كامل على عدد هام من الأفلام التي جاءت من خمس قارات و21 دولة، وكان التنافس كبيرا، وكان على المحكّمين أن يقرّروا وهذا ما حدث فعلا حيث تمّ الإعلان في ختام المهرجان عن الأعمال المتوّجة.
وانطلق المهرجان السينمائي الدولي ياسمين الحمامات في أجواء صيفية صرفة، فدرجات الحرارة كانت تتنافس مثل الأفلام تماما وهو ما جعله مهرجانا سينمائيا بمسحة صيفية زادها جمال المدينة جمالا، وشهد حفل الافتتاح تكريم الفنان التونسي الكبير رؤوف بن عمر فضلا عن النجمة ليلى علوي.

خطوة أولى نحو اكتمال الحلم
ليلة السبت الماضي، أُسدل الستار على الدورة الأولى للمهرجان السينمائي الدولي ياسمين الحمامات في أجواء احتفالية حضرها نجوم السينما وصنّاعها في حفل نقلته التلفزة الوطنية التونسية، فضلا عن حضور الفنان صابر الرباعي.
سهرة الاختتام المهرجان شهدت عرضا موسيقيا بإمضاء يوسف مسعودي الذي قدّم مزجا جميلا بين رائعة إنيو موريكوني "سينما باراديسو" للمخرج الإيطالي جيوزبي تورنتوري وموسيقى أنوار إبراهيم في فيلم فريد بوغدير "عصفور سطح" ما أضفى على الأجواء مسحة من الحنين والشوق.
ليعلن أعضاء لجان التحكيم إثر ذلك عن أصحاب الجوائز، حيث ذهبت جائزة الشراع الذهبي في مسابقة الأفلام القصيرة لفيلم المخرج التركي سرحات كارا أصلان "LES CRIMINELS" فيما حصل الفيلم السوري "يوم عادي جدا" للمخرج أنس زواهري من سوريا على تنويه من لجنة تحكيم الروائي القصير وتضم كل من مركبة الأفلام التونسية كاهنة عطية (رئيسة)، المخرجة فينزويلية ديانا ليشي، خبيرة السينما والفنون السمعية البصرية الفرنسية جميلة أوزاهير، المخرج التونسي طارق خلادي والمنتجة المنفذة أميرة شماخي.
وفي مسابقة الافلام الوثائقية الطويلة كانت جائزة لجنة التحكيم الخاصة من نصيب فيلم "الابحار في الجبال" للمخرج الجزائري البرازيلي كريم اينوز وحصد الشراع الذهبي لهذه الفئة من الجوائز فيلم "راديوغراف عائلة" للمخرجة الإيرانية فيروزة كوسروفاني، وتكونت لجنة التحكيم من السينمائية عزة الحسيني (رئيسة اللجنة)، الكاتبة الفرنسية المغربية "Mai do hamisultane"، المخرج الاماراتي ومدير مهرجان العين السينمائي عامر سالمين المري، كوريغراف سهام بلخوجة ومدير التصوير محمد المغراوي لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية.
وفي مسابقة الافلام الروائية الطويلة نوهت لجنة التحكيم بأفلام كل من ميشال كمون "بيروت هولدم"، "فريدا" للمخرجة جيسيكا جينيوس من هايتي وفيلم المخرج خورخى ثيلين أرماند من فينزويلا "LA FORTALEZA ".
فيما حصدت بطلة فيلم "فريدا" Néhémie Bastien جائزة أحسن دور نسائي فيما ذهب أفضل أداء رجالي للممثل Damien Bonnard بطل فيلم المخرج البلجيكي جواكيم لافوس "Les Intranquilles".
ومنحت لجنة تحكيم الروائي الطويل جائزة أحسن اخراج لفيلم "برا المنهج" المصري عمرو سلامة فيما نال جائزتها الخاصة الفيلم التونسي "قربان" لنجيب بالقاضي.
وحصل الفيلم البلجيكي للمخرج جواكيم لافوس "Les Intranquilles" والفيلم البوسني "إلى أين تذهبين يا عائدة" لمؤلفته ومخرجته ياسميلا زبينيتش على جائزة الشراع الذهبي مناصفة.
وترأس لجنة تحكيم الروائي الطويل المخرج الفنزويلي أتاهوالبا ليتشي وبعضوية كل من المنتجة الألمانية أنجيكا شولر، السينمائي السينغالي موسى توري، مبرمجة ومديرة المهرجانات مارتين فيدال.
ولعل من أهم ما يميّز هذه الدورة الأولى من المهرجان هي الدروس المتخصصة والمائدة المستديرة وقسم أفلام الذاكرة مع برنامج "سينما وتراث" كانت من النقاط المضيئة التي أشاد بها ضيوف المهرجان من سينمائيين وخبراء في المجال السمعي البصري وذلك لدورها الكبير في تأطير طلبة الفن السابع وصناع الأفلام الشباب ودفع الحراك السينمائي في تونس وعلى مستوى إقليمي.