يوسي كوهين في قلب إيران

الإسرائيليون يستعرضون منذ سنوات قدراتهم على اختراق إيران، وطهران ترد باستهداف بيت عائلي في أربيل.

غادر يوسي كوهين قيادة الموساد منتصف عام 2021 متفاخرا في حفل تكريمه ومتوجا في خاتمة مسيرته رئيسا لأخطر مؤسسة استخبارية في الشرق الأوسط، باختراق إسرائيل قلب إيران والتحكم بنبضاته المضطربة، وإفقاد قادتها مزايا الثقة بالنفس.

بالغ يوسي كوهين في التفاخر بنفسه، وهو يعلن قدرته الكبيرة في اختراق قلب إيران، وكان الأمر الذي تحكم به في إنجاز مهمته، دعاه لاستحضار أدوات لم يكتشفها بشر من قبل في اختراق حصون منيعة شبيهة بما قرأناه في الأساطير.

نسى يوسي كوهين الراغب بتدوين اسمه في قائمة أبطال بني صهيون، إنه أدى أسهل مهمة في تاريخ الموساد. فإيران منذ عهد الشاهنشاه رضا بهلوي، قاعدة إسرائيل في الشرقين الأدنى والمتوسط، وتعززت بحضورها المعاصر منذ ثورة خميني الإسلامية مختفية بغطاء من شعاراتها المعادية في وسائل الإعلام.

ليس من الصعب إطلاق قائمة بالتعاون الإسرائيلي – الإيراني المشترك، في تنفذ عمليات تجسس كبرى في العالم العربي، بإرادة "ولاية الفقيه" المطلقة، ظنا منها أن هذا التعاون المشترك يحقق لها مخططها التوسعي، وتعزيز مناطق نفوذها بتأييد دولي – إسرائيلي.

ما زال يوسي كوهين وهو يغادر منصب رئاسة الموساد، يتذكر التعاون الاستخباراتي مع طهران في تدمير المفاعل النووي العراقي "أوزيراك" عام 1981، في العملية العسكرية التي عرفت بـ "اوبرا" بهجوم جوي نفذته ثماني طائرات F 16 S معتمدة على الصور والخرائط التي قدمتها إيران، في اجتماع سري جمع الطرفين في باريس قبل شهر من تنفيذ العملية.

ما كان له أن يفتخر باختراق القلب الإيراني وبعثرة نبضاته. فإسرائيل لم تعشش في بلد مثلما عشعشت في إيران - الولي الفقيه سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا عبر جالية يهودية تتمتع بكل أشكال الحصانة التي لم تتمتع بأبسطها القوميات والطوائف في بلاد فارس.

لو أراد يوسي كوهين أن يخترق الصومال قد يجد صعوبة. فإسرائيل لا تمتلك فيها مؤسسات متعددة كما مؤسساتها المنتعشة في إيران، وحجم استثماراتها المتزايد في قطاعات عدة، أهمها القطاع النفطي وقطاع التصنيع العسكري، وماذا يحتاج جهاز مخابرات أكثر من هذا ليخترق قلب دولة ومفاصل جسدها؟

علاما يفتخر يوسي كوهين كـ "رجل خارق" وهو المالك كل مستلزمات الوجود في إيران؟

وقف كوهين متفاخرا بحضور بنيامين نتنياهو وهو يقول: "اخترقنا قلب العدو إيران، وعملنا على جمع المعلومات باستمرار وكشف أسرارها، وقوضنا ثقتها بنفسها وتعجرفها". ورد عليه نتنياهو: "انك أفضل رئيس للموساد في تاريخ إسرائيل".

إزالة الأرشيف النووي الإيراني كانت المهمة التي نفذها كوهين وتبناها بنيامين نتنياهو في تقديم ما وصفه بـ "أسراره للعالم"، دون أن يكشفا كيف تمت عملية إزالته وبأي أدوات باعتبارها مدرجة في خانة الأسرار.

لكن كوهين – نتنياهو لم يخفيا أن جدران إيران فقدت حصانتها، وسهل اختراقها منذ فتح أبوابها لإسرائيل لتنفيذ مخططات لم يقبلها سوى منافق لم يحترم سيادته.

حقائق لم يجهلها أحد، أرادت طهران إخفائها عبثا حين وجهت صواريخها نحو بيت عائلي في أربيل معتبرة إياه مقر الموساد السري.