شريف مليكة: صرت "مصريكاني"

الطبيب المصري المهاجر إلى  أميركا: أنا كاتب مصري ذو تجربة أمريكية مؤثرة، ولكنها غير دامغة. 
لا أشعر مطلقًا بانفصالي الوجداني عن وطني الأم، حتى وإن عشت في بلدي الجديد عددًا أكبر من السنوات
أعيش بين الأميركيين ولكنني أصادق المصريين، وزوجتي الأميركية المسكينة، تمصرت بفعل علاقتنا التي فاقت ثلاثة عقود

سألت الروائي المصري الدكتور شريف مليكة الذي يعيش في الولايات المتحدة الأميركية منذ نيف وثلاثين عامًا: هل يغضبك أن تسبق اسمك صفة "الأديب المهاجر"؟ فقال: لا توجد إجابة واحدة عن هذا السؤال، فالأمر يتعلق في الأساس بمن هو صاحب الوصف، وما الذي يرمي إليه من وراء ذلك. فإذا كان المقصود هو الإشارة إلى أنني أكتب للمصريين بينما أعيش خارج مصر، فهذا وصف حقيقي متعلق بالبقعة الجغرافية التي أعيش فيها هنا في بالتيمور بالولايات المتحدة الأميركية في مقابل أماكن إقامة قرائي ممن يتعاملون باللغة العربية في أنحاء العالم، ولا غبار على ذلك. فلقد هاجرت بالفعل من مصر منذ عام 1984، وباستثناء الأيام القلائل التي أمضيها كل عام في مصر، فأنا بالفعل "مهاجر". 
وأما إذا كان المقصود من وراء هذا الوصف هو الكناية عن انعزالي عن نبض الشارع المصري ففي الأمر مغالطة كبيرة؛ فلو افترضنا أن البعد المادي عن الوطن الأم – حتى إن تغافلنا عن ثورة الاتصالات التي نعيش في كنفها والتي قربت بين البشر على نحو غير مسبوق – فحتى ذلك التباعد الجسدي لم يؤثر سلبًا على الكُتَّاب العرب المهاجرين منذ القرن التاسع عشر. بل إنهم برعوا في التعبير عن وجدان الإنسان العربي الذي تركوه وراءهم وكأنهم لم يغادروا أوطانهم الأصلية ولا ليوم واحد. 
 فمن يجرؤ على أن يدعي بأن غربة "جبران" عن جبل لبنان وهو يكتب هذه المعاني في قصيدته "المواكب":
أعطني النايَ وغنّ فالغنا سر الخلود 
وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود 
هل تخذتَ الغابَ مثلي منزلاً دونَ القصور 
فتتبّعتَ السواقي وتسلّقتَ الصخور؟ 

لو غابت المتعة انصرف القارئ عن كتاباتي، لأنني أدرك جيدًا أن المنافسة خطيرة مع أدوات الإمتاع الأخرى من إذاعة وتليفزيون وسينما ومسرح، بل وقراءة السطور الموجزة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي 

ولذلك، فأنا لا أشعر مطلقًا بانفصالي الوجداني عن وطني الأم، حتى وإن عشت في بلدي الجديد عددًا أكبر من السنوات، وتشهد كتاباتي من الأشعار إلى القصص والروايات بتلك الحقيقة التي تفاجئ القراء، على الرغم من أنني لا أعدها ميزة خارقة للعادة، بل هي القاعدة وليست الاستثناء. 
ثم استفسر منه: في التأريخ للأدب، هل تفضل أن تحسب على الأدب العربي أم الأميركي بحكم إقامتك وجنسيتك الحالية؟ فيجيب قائلًا: لا يمكنني أن أنفصل تمامًا عن تأثير المجتمع الأميركي على إنتاجي الأدبي. ولكن - وكما كتب الراحل ألفريد فرج عن ديواني الأول "دواير" – في المقدمة: "... ولماذا لا تعجب معي أنه لم يتأثر بوالت ويتمان أو إزرا باوند أو غيرهما من الشعراء الأميركيين، وإنما هو مغرم منذ سنوات الدراسة في كلية طب قصر العيني بالقاهرة بالشاعر الساخر بيرم التونسي وبالشاعر الغنائي صلاح جاهين". 
 ولا يمكنك حين تقرأ كتاباتي أن تربطها بروايات ويليام فولكنر أو توني موريسون، ولكن كتابات محفوظ أو إدريس ستتناهى إليك دون أن تشعر، بل وربما تكون تلك المقاربة في غير صالحي ولكن ذلك هو قدري شئت هذا أم أبيت. 
 ومع ذلك فأنا لا أكتب كما كتب هؤلاء العظماء، لأن كل منهم كتب عن تجربته الشخصية، التي لا يتفق فيها شخصان؛ فكتب فولكنر عن الجنوب الأميركي، وموريسون عن الإنسان الأسود في المدينة الأميركية، بينما كتب محفوظ عن القاهرة بأحيائها القديمة، أو عن الإسكندرية التي عشقها وتزوج من بناتها، وإدريس عن القرية المصرية. ولذلك فأنا أكتب تعبيرًا عن تجربة شريف مليكة الخاصة بي والتي لا يمكنني معها أن أماهي كتابات أي من هؤلاء المبدعين الكبار، لأنني بكل بساطة لم أعش تجاربهم. ولكنني مؤمن بأن الصدق في التعبير هو وحده ما يجعل لكل كاتب صوته الفريد الذي يميزه عن غيره من الكتاب. 
 أما من جهة التصنيف فأنا أترك الأمر للنقاد الأعلم مني في ذلك الشأن، وهم قادرون على تحديد هوية كتاباتي، وإن كنت مؤمنا بأنني كاتب مصري ذا تجربة أميركية مؤثرة، ولكن غير دامغة. 
ثم أسأل الدكتور شريف مليكة: ازدواج الجنسية.. هل يحتم على الإنسان المهاجر أن يصبح مزدوج الانتماء؟ فيصمت قليلًا ثم يقول: الحياة تصبغك بلا شك بمختلف الصفات والخصائص عبر مشوارك خلالها. 
 فحين يغادر المرء الريف وينزح إلى المدينة، فهو مع الوقت يتغير، وتتبدل طباعه، وحتى طريقة كلامه تختلف مع الوقت. بل وحتى الانتقال من حي إلى حي في المدينة نفسها قد يؤدي إلى تغيير ملحوظ في نمط حياتك وخياراتك، بل وحتى في مجموعة الأصدقاء التي تحيط بك. فما بالك إذًا بالهجرة خارج بلدك لتحيا في بلد جديد حتى وإن كانت حدوده متاخمة، كالمصريين االذين عاشوا في السودان أو ليبيا لعقود طويلة. 
 كم وكم يتغير المرء حين يختبر مثل تلك التجربة الشاقة. ولكن لسبب أو لآخر تبقى الصبغة الأولى متلازمة مع الإنسان، حتى تستطيع أن تدرك في لحظة أن الشخص الذي تحادثه هو من أصل سكندري أو بورسعيدي أو صعيدي ما إن يكلمك. وكذلك الأمر في حالة الهجرة البعيدة، حيث يحتفظ الواحد منا بشفرة جينية تكشف هويتنا ما إن تعايشنا، أو – كما في حالتي – حالما أبدأ في أن أخط كلماتي، لا يمكنك أن تغفل مصريتي الأصيلة. 
 أما عن الانتماء، فذلك أمر آخر؛ ففي رأيي أن الانتماءات تتغير مع الوقت، وقد لا تتغير أبدا. فمثلًا الانتماء لنادٍ رياضي قد يتبدل حين تغادر القاهرة لتعيش في بالتيمور الأميركية، فكرة القدم المصرية تتحول إلى الكرة الأميركية، ومع الوقت ينتقل انتماؤك للنادي الأهلي إلى الانتماء لنادي الريفين الأميركي. وربما لا يشوب الانتماء الوطني أو الديني مثل ذلك التغيير، ولكن في كافة الأحوال لا أشك في أن البعض قد يبدل انتماءه حتى الوطني أو الديني بتغير الأمور والظروف. 

novel
الإمتاع هو جوهر ما أكتبه

وأستمر في التعرف على الإجابات المتعلقة بقضية الانتماء لدى المهاجر العربي إلى الغرب- أوروبيًا كان أم أميركيًا - فأسأله: ومتى تتعارض مصريتك مع أميركيتك؟ ومتى يتصارع الشرقي فيك مع الغربي.. أو كما يحلو للبعض القول مع "الكاو بوي"؟ فيجيب الدكتور مليكة: الإنسان في رأيي هو أكثر الحيوانات مقدرة على التكيف؛ فأنت لا تستطيع أن تنقل دبًّا قطبيًا من سيبيريا إلى الكويت، من دون أن تحيطه بقوالب الثلج الضخمة، وإلا فإنه يفنى ويهلك. أما الإنسان الكويتي فبمقدوره أن يهاجر إلى صقيع روسيا دون عناء يذكر. ولكن ما علاقة هذا بسؤالك؟ في حقيقة الأمر أنا أجد أن مصريتي قد "تكيفت" على نحو ما مع أميركيتي، فصرت "مصريكاني" إن صح التعبير. فوجدتني أعيش في أميركا كمصري؛ أستمع إلى أغنيات أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ولكن من خلال التقنية العالية التي أتاحتها لي الحياة الأميركية. 
أعيش بين الأميركيين ولكنني أصادق المصريين، وزوجتي الأميركية المسكينة، تمصرت بفعل علاقتنا التي فاقت ثلاثة عقود، وصارت تستسيغ الكشري والملوخية، بل وتباري المصريات في المطبخ المصري.  
لذا فلا تصارع بين مصريتي وأميركيتي، بل هما متوائمتان، تعيشان معًا في أمان وسلام، لا تتصارعان، ربما لأنني لم ألق عني مصريتي تمامًا، ولا ذهبت بعيدًا بأميركيتي حتى أصير من رعاة البقر أو "كاوبوي" كما تفضلت. 
وأسأل: لمن الفضل: لأميركا على "مليكة"، أم لـ"مليكة" على أميركا؟ فيقول: يذكرني هذا السؤال بمقولة "إن الجائزة قد تشرفت بحصول فلان عليها"؛ فكيف يمكن للجائزة أن تتشرف بانتماء شخص إليها؟!
أو كيف يمكن لشريف مليكة – أو أي شخص آخر - أن يكون له فضل على أميركا؟ فحتى رئيس الجمهورية في أميركا يتعرض لانتقاد لا مثيل له في فترة حكمه، وحتى بعد أن يترك كرسيه. وما نشهده هذه الأيام من تحطيم لتماثيل الزعماء الأميركيين عبر التاريخ لهو عبرة لمن يعتقد أن شخصًا ما يمكن أن يكون صاحب فضل على بلد ما، فما بالك بفضل مليكة على أميركا؟
  أما على الجانب الآخر، فمما لا شك فيه أنني تأثرت كثيرًا بالحياة في أميركا. فتعلمت هنا قيم الحرية، والمساواة، والعمل، والعدالة الاجتماعية، بل والاشتراكية رغم كونها بلدًا رأسماليًا إلا أن رعاية الفقراء والأقليات، وحماية الأطفال والنساء، رغم ما تدعيه أقلام الإعلاميين في وطننا العربي. 

وبالطبع المجتمع الأميركي ليس مثاليًا، ولكنني أعتقد أنه أفضل المجتمعات على وجه الأرض في الوقت الحالي، ودليلي على هذا خبرتي الشخصية بعد أن ارتحلت إلى معظم بقاع الأرض، وشهدت حيوات مختلف البشر. كما يشهد بذلك الأمر هجرة الناس المستمرة من جميع أنحاء العالم إليها لأكثر من قرنين من الزمان. 
فلا تزال قوافل المهاجرين تتوافد عليها، أو تسعى للحصول على مزية الهجرة إليها. 
وفي السياق ذاته أسأله: متى شهدت حياتك مرحلة القطيعة مع الوطن الأم؟ ومتى عادت علاقتك بمصر إلى طبيعتها؟ فيجيبني: لم يحدث قط أن قاطعت وطني الأم، لأن الأمر غير قابل للقطيعة، فأنت لا تستطيع أن يقاطع جسمك قلبك أو عقلك، ولو لبرهة، لأنك ببساطة تهلك في التو. لكن في بداية تجربتي مع الزواج وقدوم الأبناء وفي مرحلة البناء المهني والاجتماعي قلَّت زياراتي إلى مصر بحكم الانشغال وليس المقاطعة. ولكن ما إن وصل الاستقرار بعد سنوات قليلة، حتى عادت المياه إلى مجاريها، وعدت إلى مصر مع ابنيَّ ليتعرفا على جذورهما التي حرصت على تمسكهما بها منذ نعومة أظفارهما. لكن أبدًا لم يتركني الوطن الأم ولم أتركه؛ فهو كمقولة البابا شنودة الراحل "مصر ليس وطنًا نحيا فيه، ولكنه وطن يحيا فينا".
ونصل إلى شاطئ الإبداع الروائي فأسأله: في رواياتك حضور قوي لشخصية اليهودي.. ولكنها تختلف تمامًا عن "شيلوك" بطل "تاجر البندقية" عند ويليم شكسبير، وأحيلك هنا إلى روايتيك: "خاتم سليمان"، و"حتى آخر الحياة". فيقول: أعتقد أن رسالتي في مجال الكتابة الأدبية هي التعبير عن الأقليات المستضعفة بصفة عامة. فقد كتب الكثيرون عن الأقوياء والأبطال والفتوات والأثرياء، وكتب معظم الأدباء العرب عن المسلمين وممارسة الشعائر الإسلامية. لذلك تجدني اتخذت الطريق الوعر في الكتابة باستفاضة عن المواطن المسيحي، واليهودي داخل المجتمع الذي تدين غالبيته بالإسلام، كما في "خاتم سليمان"، وفي "والملائكة أيضًا تصعد إلى الطابق الثالث"، وفي "حتى آخر الحياة" التي هي الآن قيد النشر. 
 وكتبت عن المرأة كبطلة في "مريم والرجال"، وعن الطفل في قصص مجموعة "مهاجرين" وفي "اليوم الثامن"، وكتبت عن المهاجر العربي إلى المجتمع الغربي في روايات: "زهور بلاستيك" و"رقصة قوس قزح"، وفي "والملائكة أيضًا تصعد إلى الطابق الثالث"، وفي "حتى آخر الحياة"، وفي مجموعاتي القصصية: "سحر الحياة"، و"مهاجرين"، و"اليوم الثامن".  وكتبت أيضًا عن صراع الإنسان المستضعف مع وحشية العالم بشره وحدته في "البحث عن كانديد".
 باختصار، أنا أكتب لينتصر الإنسان الضعيف - داخل أوراق كتبي على الأقل - بعد أن قمعه العالم من حولنا في جنبات واقعنا الأليم.   ولذلك فأنا أعتقد أن هذا الأمر قد يُعَوِّق مسألة الانتشار والتداول، لأن الإنسان يفضل أن يقرأ أسفار الأقوياء، وأن يبصر نفسه وهو يتلاحم مع أبطاله من ذوي الغلبة، فينتشلوه من واقعه الضعيف.
أما عن أبطال شكسبير فينتمون إلى عصر عتيق كانت الكتابة عن اليهود فيه مشوبة بالسخرية والحطّ من شأنهم، كما كانوا يسخرون من العامة، ومن الفقراء، والفلاحين... الخ.  إلى أن جاء فولتير برائعته "كانديد" فانتصر أخيرًا لهؤلاء المستضعفين فكان محور تغيير العالم بأسره عبر الثورة الفرنسية. 

وأقول للدكتور شريف مليكة: للسياسة دور لا يمكن تجاهله في رواياتك.. وأنت توظفها دون زعيق أو هتاف.. فما قولك؟ فيرد قائلًا: الحديث عن الهوية والوطن: سياسة، كما أن الإجابة عن أسئلة الهجرة والجنسية: سياسة. والتساؤل عن الأقليات العرقية والدينية: سياسة. بل والكتابة بصورة عامة هي نوع من السياسة؛ لأنك تود الإيحاء للقارئ بالتضامن أو التماهي مع شخصية خيالية، أو تدفعه برفق للتعاطف مع موقف ما أو قضية بعينها دون أخرى، وكل هذا يخضع لعملية السياسة. 
لقد اعتدنا على أن السياسة إنما هي من عمل الرئيس والحكومة، وبعض الكُتَّاب الصحفيين. أما غالبية الناس فهم مجرد متلقين لما تطرحه تلك العملية السياسية العليا عليهم من ثمار. 
 فإذا أحسن الساسة من سياساتهم عم الخير، وإلا فالهلاك نصيبنا. ولكننا في واقع الأمر نتناسى أن المرأة التي تطلب من زوجها زيادة مصروف البيت، أو الأب الذي يرجو ابنه أن يستذكر دروسه، أو الموظف الذي يبتكر وسيلة لزيادة حصيلة العمل، أو الطبيب الذي يقنع المريض بتشخيص مرضه ويصف له سبيل العلاج، والطفل الذي يطالب بالذهاب إلى المصيف أسوة بأقرانه، كل هؤلاء يمارسون صورة ما من صور السياسة. ولذلك فإن الكتابة بصدق عن أي من مناحي الحياة لا بد لها من أن تشوبها العملية السياسية. وأعتقد كذلك أن الكاتب عليه أن يسعى لأن ينصر - عبر اللعبة السياسية -  شخصياته المستضعفة، وذلك من خلال التعاطف الصادق معها حتى وإن كان هو لا يشاركها أفكارها ولا يعتنق مبادئها على مستوى الواقع. 
وأختم أسئلتي للطبيب الأميركي المصري الأصل بسؤاله: لماذا تكتب؟ فيجيبني: أعترف هنا بأنني لا أقرر أبدًا أن أكتب عن موضوع ما – مثلا – بل ولا حتى نوع الكتابة التي أنشرها من شعر أو قصة قصيرة أو رواية. فالأمور تحدث تلقائيًا دون تخطيط مسبق. بل وحتى مسألة شروعي في الكتابة في أول الأمر حدثت على نحو تلقائي بل وفجائي لي أنا شخصيًا؛ ففي أبريل/نيسان 2000 اعتراني شعور عارم يحثني على الكتابة، إذ جاءني هاجس بأول شطر في قصيدة، بينما كنت أجلس بجوار صديق لي في سيارته. فطلبت منه ورقة وقلمًا، وهو يتساءل: لماذا هذا الطلب المفاجئ بينما هو يقود السيارة؟ وأخيرا.. أعطاني قلمًا ومشط كبريت لأكتب على ورقة غلاف، فكتبت عليها أولى كلماتي، وهكذا بدأت. لكنني أشعر دائما بثقل مسؤولية الكتابة على كاهلي، فأعتني بشدة بما أكتب، وفي الوقت نفسه لا أرفض أي نصح من الأصدقاء ومن العارفين الذين ينصحونني بالتغيير أو التقويم وذلك لاقتناعي بأن واجبي يحتم عليَّ أن يخرج عملي على أكمل وجه. لكن يبقى دائمًا في قلب كل عمل، بل وفي كل سطر أخطه أن يكون الإمتاع هو جوهر ما أكتبه. 
 نعم، فلو غابت المتعة انصرف القارئ عن كتاباتي، لأنني أدرك جيدًا أن المنافسة خطيرة مع أدوات الإمتاع الأخرى من إذاعة وتليفزيون وسينما ومسرح، بل وقراءة السطور الموجزة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي. 
 وبعد صدور العمل الخامس عشر لي خلال الأيام القادمة، آمل أن يستمر تدفق الأفكار والكتابات علني أحقق بعضًا من أهدافي من وراء الكتابة.