الأمن العالمي أمام التحدي النووي الإيراني
يبرز البرنامج النووي الإيراني كأحد أهم التحديات التي يواجهها الأمن العالمي في القرن الحادي والعشرين.
الخطر النووي الإيراني يبلغ اوجه وفقا للتحذير الذي أطلقه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، بعد زيارته الأخيرة إلى طهران معلنا أن "إيران قد تكون قادرة على تجميع سلاح نووي في غضون أسابيع". هذا التحذير ترافق مع تصريحات مسؤولين إيرانيين كبار، أثار مخاوف جدية بشأن مستقبل الأمن الإقليمي والعالمي.
في مايو/ آيار الماضي، كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران قد جمعت ما يكفي من اليورانيوم المخصب بدرجة تسليحية لتصنيع عدة قنابل نووية في غضون أيام، بالإضافة إلى ذلك، هناك مؤشرات على أن إيران قد بدأت بالفعل في العمل المتقدم على "التسليح"، بما في ذلك النمذجة الحاسوبية وشراء المكونات الأساسية لبناء رؤوس حربية قابلة للنشر.
لطالما كان البرنامج النووي الإيراني تحت المراقبة الدولية بسبب الشكوك في أنشطة سرية، في ظل التوترات المتصاعدة من الصراع المستمر في غزة والهجمات المباشرة غير المسبوقة بين إيران وإسرائيل، تدعو الآن شخصيات إيرانية مؤثرة إلى اعتماد سياسة الردع النووي، فقد أكد كمال خرازي، مستشار كبير للمرشد الأعلى علي خامنئي ووزير الخارجية السابق، أنه "بينما لا تطور طهران حالياً سلاحاً نووياً، قد تعيد النظر في عقيدتها النووية إذا تعرض وجودها للتهديد".
في ضوء هذه التطورات، كثفت الولايات المتحدة وإسرائيل تحذيراتهما. إذ وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركي ماثيو ميلر، تصريحات خرازي بأنها "غير مسؤولة" خلال مؤتمر صحفي عقد مؤخرا.
أمام هذه التطورات المثيرة للقلق، تعهد مسؤول في إدارة الرئيس جو بايدن مؤخراً بأن "إيران لن تحصل أبداً على سلاح نووي"، ومع ذلك، نظراً لسجل بايدن في الشرق الأوسط، قوبل هذا التأكيد بشكوك كبيرة.
ترغب إيران الآن أكثر من أي وقت مضى في تطوير أو امتلاك سلاح نووي، يسبق عودة دونالد ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025.
وإذا ما حصلت إيران على أسلحة نووية، فمن المرجح حسب مراقبين أن تتبعها المملكة العربية السعودية لضمان التكافؤ النووي في المحيط الإقليمي، إما من خلال التزام أميركي أو مباشرة عبر باكستان.
سيكافح السعوديون، لإنشاء ردع موثوق يضمن سلامة أمن دول الخليج العربي باعتبارها إحدى أهم صمامات الأمان في ثوابت الأمن العالمي.
يعلن حزب الله، أقوى وكيل لإيران، استعداده لتصعيد الهجمات ضد إسرائيل دون غطاء مظلة نووية إيرانية، لكن في حالة نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، يمكن أن تهدد إيران بتوسيع دائرة التصنيع النووي قبل أن تتمكن من تحييد حزب الله.
ستسعى إيران عبر تطوير قدراتها النووية إلى ابتزاز دول عرفت بعلاقاتها المتوازنة بين واشنطن وطهران تحت تهديد نووي، وتحريك وكلائها للضغط عبثا على هذه الدول من أجل طرد القوات الأميركية من أراضيها.
ستتغير خارطة القوى في الشرق الأوسط بمجرد أن تصبح إيران نووية، وستجد اميركا وحلفائها أمام تحد جديد مع تراجع قوة ردع مخططات ولاية الفقيه التوسعية أو مواجهة وكلائها.
خطر أكبر يهدد الأمن العالمي برمته، لو ارتبطت اقتصادات وجيوش القوى في منطقة أوراسيا - الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران - بإنشاء مربع نووي، يجعل من الصعب إزالة الابتزاز والتهديد النووي وقوة الدعم المتبادل في صراع عالمي ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
لكن السؤال الأعمق بمضمون إستراتيجي هل ستساعد الصين وروسيا في فتح الباب واسعا أمام إيران لدخول نادي الدول النووية؟