أسئلة.. أسئلة.. أسئلة؟

هل هي أزمة الثقافة والمثقفين، أم أزمة السياسة والسياسين؟

هل هي أزمة الإعلام والإعلاميين، أم أزمة الإعلام الحزبي، والمالي، والطائفي، والعنصري؟

هل لدينا إعلام حر، وموضوعي، ومحايد، أم إعلام إعلانات، وشركات إبتزاز، وإعلام دعاية حزبية وشخصية؟

هل يصدق اليساري الذي يعمل في الإعلام الرجعي والطائفي والعنصري أنه \"يساري\" حقاً، ألا يفكر للحظة أنه مرتزق يبيع الكلمة بمقابل حفنة من المال، أو مقابل جاه أو إعتبار وهمي؟

هل نحن أمة عقيمة لم تنتج شيئاً، وأننا متطفلين على إنجازات غيرنا؟

وهل ما يقوله كبار رجالات الفكر الأوروبي عن دورنا في الحضارة البشرية مجرد وهم، أم ترانا إشتريناهم بما نملك من مال وجاه بحيث قالوا ما قالوا؟

لماذا يصطف بعضنا مع أحقر وأخس ما أنتجه الفكر الغربي من تعصب أعمى، وينخرط في الحملة الإعلامية التي لا تشرف أحداً ضد أمتنا وشعوبنا وحقوقنا المغتصبة بحجة سيطرة المتخلفين والرجعين على مقدرات بلداننا عبر مراحل التأريخ المختلفة، وكأن العالم الآخر لم يحدث فيه مثل هذا الشيء، وكأن أمتنا لوحدها هي التي وجد فيها حكام ظالمين وقتلة، ومجرمين بحق شعوبهم؟

لمصلحة من نشوه أجمل وأفضل ما في تأريخنا، بزعم أن القائمين به ما قاموا بما قاموا إلا تحت شعارات متخلفة، دينية، معادية للآخر، لماذا لا يسأل البعض نفسه، من إحتل وهاجم وغزى وأستعمر، نحن أم الذين قاومناهم؟ ثم أليس من حق الشعوب مقاومة مستعبديها ومستعمريها، أيحق لكل أمم الأرض مقاومة المحتل والمستعمر، وممنوع علينا فعل هذا، لماذا يكون المتصدين للأستعمار في الدول الآخرى أنصارا للحرية والعدالة والحق، ويكون الذين يتصدون للإستعمار عندنا رجعيين ومتخلفين؟

إذا كانت أمتنا وناسنا، مثالأً للتخلف والشر، وعدم القدرة على الإنسجام مع العصر، بسبب تأريخنا، وعقائدنا، وأصلنا وفصلنا وإنتسابنا لهذه الأرض العقيم، إذا كنا نحتقر هذه الأرض وهؤلاء الناس، وهذا التأريخ، كل هذا الإحتقار، فلماذا ننتسب لمن لا نتشرف بهم، لماذا لا نبدل جلدنا بعد أن بدلنا وجداننا، وننتسب علانية وبلا لبس لمن نحبهم ونعتقد بآدميتهم وإنسانيتهم ونبلهم؟

لماذا لا يتبنى ليبراليونا ما يتبناه اليسار الأوروبي، أو الليبراليين الأوروبيين، لماذا يدعي أنه ليبرالي مع أنه ينهل من أشد الأفكار رجعية وتخلفاً وتعصباً في الغرب، لماذا تنطلي على بعض ليبرالينا الخدع الصهيونية التي لم ينخدع بها أحرار الغرب؟

لماذا يساند قضايانا العادلة أحرار العالم ومناضلوه، ويقف مثقفنا الطاووس ضد حقوقنا العادلة؟

أيكون الإنسان موضوعياً وإنسانياً إذا أنكر حقوق أهله وناسه، وتماهى مع أعداء أمته، أليست أمته وناسها جزء من فيض الإنسانية على إمتداد هذه الأرض؟

هذا العقل الذي يقر بحق السويدي والنرويجي والروسي والخزري بأرض فلسطين، والذي يتجاهل طرد الفلسطيني من بيته وأرضه التي عاش فيها وعليها هو وأجداده عبر آلاف السنين، ويتجاهل تشريده في أصقاع الدنيا، ويقر عملياً بإغتصاب الحق الأبلج، هل هو عقل سوي، أم عقل مشوه، نصب هكذا لا على التعيين على كتف آدمي، بدلاً من أن يكون صخرة على سفح جبل أجرد؟!