ازاحة نتانياهو من المشهد ليست بالضرورة أفضل الحلول

لا المشاركة العربية في الانتخابات ذات معنى ولا مقاطعتها تعطي أية نتائج.

خيبة امل العديد من ابناء الشعب الفلسطيني في الداخل الاسرائيلي من تفكك القائمة الموحدة ادت الى ردة فعل قوية يمثل بحملة فعالة لمقاطعة الانتخابات الاسرائيلية للبرلمان والتي تتم اليوم التاسع من أبريل الحالي.

ورغم انها ليست المرة الاولى التي يتم فيها دعوة الفلسطينيين للمقاطعة والتي تتكرر مند قيام الدولة من قبل تيار يرى ان الكنيست الاسرايلي هي تجلي للمشروع الصهيوني وذهاب الفلسطينيين للاقتراع في الانتخابات النيابية ما هو الا شرعنة لهذه المؤسسة وتجميلا لواقع الفلسطينيين الذي يعيشون في ظل تنامي العنصرية والتي وصلت اوجها في تمرير قانون القومية الصيف الماضي.

ولكن خيبة الامل ليست فقط من تفكك القائمة الموحدة وانما من الموحدة نفسها وطريقة تعاطيها مع تحديات كبرى. فالجواب على قانون القومية مثلا لم يزد عن تصريحات. والرد على نقل السفارة الاسرائيلية للقدس ايضا لم يزد عن تصريحات وخطابات. وما زال النواب العرب يضعون الكرسي قبل اية اعتبارات وطنية اخرى. من هنا ثمة العديد ممن سيقاطعون الانتخابات ليس بسبب معارضتهم للانتخابات نفسها بل كاحتجاج ضد مشروع القومية من جهة ولكن قبلها كعقاب للاحزاب العربية التي تعاني من ضعف متواصل في اساليب العمل البرلماني من جهة وغيابها عن الشارع العربي من جهة اخرى، ومن جهة ثانية ان تأكيد الاحزاب العربية ان المقاطعة ستؤدي الى تقوية اليمين الاسرائيلي وان واجب العربي في اسرائيل اسقاط نتانياهو هي حجة ليست مقنعة.

فمن هو البديل الاقوى لنتانياهو؟ الجنرال غانتس وتاريخه العسكري وجهود في دفع المزيد من الهجرة الى اسرائيل ومواقفه من الصراع العربي الاسرائيلي لا تبشر بقيادة افضل. ينادي النواب العرب بعدم المقاطعة لانهم متساوون فقط بالصوت وهذا هو المجال الذي يمكن للعربي في اسرائيل ان يمارس حقا متساويا. ولكن هل مجرد التواجد بحد ذاته هو الامر الجوهري لان العربي في الكنيست لم يثبت اية قيمة مضافة اخرى على الوجود الفلسطيني في الداخل. ان الدعوة للعرب للتصويت لاسقاط اليمين واسقاط نتانياهو دعوة فاشلة لان البديل ليس يساريا ولا يجب ابدا المراهنة على الاحزاب الصهيونية. ولا زلت اذكر بعد مجزرة قانا عام 1996 على يد شمعون بيريس الذي تنافس مع نتانياهو بعد اشهر قليلة من المجزرة كيف ان الاحزاب العربية نادت العرب بالتصويت له لأنه افضل من نتانياهو وخونت من طالب بالمقاطعة ذلك الوقت.

يقال ان هذه انتخابات مصيرية. صحيح ولكن كل انتخابات مضت كانت مصيرية وفي كل مرة يتضح ان الفلسطينيين في الداخل يعانون قبل الانقسام ازمة حقيقية لطالما كتب الباحثون عنها وهي ازمة الهوية. وهذا الانقسام في الاحزاب وفي المواقف ما هو الا نتيجة طبيعية لهذه الازمة. تقول ممثلة ومخرجة المسرح فالنتينا من مدينة حيفا في مقابلة معها: "قانون القومية هو بروباغندا كبيرة لأن فحواه موجودة منذ بداية الاحتلال. ما حصل هو مجرد اخراجه من الجارور والاعلان عنه. الاعلان عن هذا القانون لم ولن يغير من سياسات الحكومات المتعاقبة المبنية على العنصرية وعلى انقاض شعب اخر. هذه حقيقة. واللافت انه لم نشعر فعليا بتغير ما بل مجرد الاعلان عنه. صدمة القيادة العربية به هي اكثر من ديماغوجية. هناك تقصير كبير ورؤية غير عميقة في معالجة قضايا الفلسطينيين في اسرائيل من قبل القيادات. فهم مجرد ردود افعال. فهم ينتظرون قانون كذا وتصريح كذا حتى يتحركوا. ليس لديهم خطة او سياسة فعلية او عمل مبادر."

من جهة اخرى دعاة المقاطعة مطالبون بالبديل. ولا بديل حتى الان. ان قولهم بضرورة ايجاد وسائل عمل بديلة ومؤسسات للعمل الجماهيري لتحل مكان العمل البرلماني ضرورية. ولكن هل شُكل هذا البديل؟ ولماذا لم تبدأ قيادة المقاطعة بالتحضير من قبل حتى تتواجد البدائل عندما يقرر العرب مقاطعة الانتخابات؟ ان المقاطعة البناءة تبدأ عندما يتم التحضر لها فعليا وهذه جهود جماعية تستلزم تحركا دائما وليس فقط نشاطا يسبق عملية الانتخابات على مواقع التواصل الاجتماعي. هذه المواقع التي اصبحت وسائل هامة في التواصل والنقاش وتوصيل الصوت وبناء شبكات يجب الا يستهان بها وان يكون دورها ايجابيا وليس لتمرير خطابات تخوينية. يجب عليها ان تخلق اجساما فاعلة على الارض لطرح بدائل عملية للتحرك والنضال العربي في اسرائيل وما عدا ذلك ستظل مجرد دعوات احتجاج.