البيت السني.. الأولى بالترميم!

لا يستطيع البيت السني العراقي أن يستعيد وحدة العراق وهو منقسم بين المصالح الضيقة وحصص البيتين الشيعي والكردي فيه.
اصحوا يا قادة المكون السني وضعوا مصلحة شعبكم ومكونكم في المقام الاول
لم يجد البيت السني مكانه الذي يليق به رغم أن العراق بني على أكتاف رجالاته لقرون
ستختفي كل البيوت الطائفية ويبقى البيت العراقي هو الوحيد الذي يرفع راية العراق

البيت السني  هو الأولى بالترميم من كل البيوتات العراقية الأخرى، كونه البيت الوحيد الذي أريد له أن تتهدم أركانه وأن تتناثر أوصاله، وان يضيع دم أبنائه بين القبائل، وأن تقضى على كفاءاته ويتم إبعادها عن المشاركة في صنع القرار العراقي الوطني.

كان البيتان الشيعي والكردي، هما ركائز العملية السياسية التي بنيت أشلاؤها خطأ، بعد عام 2003، لتقام عليها أعمدة البيت العراقي الممزق، وأقيم تحالف استراتيجي بينها استمر لأكثر من عقد من الزمان، لم يجد البيت السني له المكان الذي يليق ان يكون عليه، بالرغم من أن العراق بني على أكتاف رجالاته لقرون، وأريد له أن يزاح من المعادلة العراقية، كونه المكون الصلب الذي لا يقبل أن يهان العراق، أو أن تتقاسمه بنات آوى، وتتكالب عليه الذئاب المفترسة التي تدور على مقربة منه، من كل حدب وصوب، وهم، رجالات المكون السني، طوال قرون، هم الذين حفظوا الارض والعرض والكرامة من الامتهان.

والبيت الشيعي يبقى الان هو الأكثر قوة من حيث "الهيمنة" مع قوة اقليمية مجاورة، ليستحوذ ظلما على مقدرات البيوتات والمكونات الاخرى، التي لم يبق لها الا اللحم الجاف والعظام النخرة.

البيت الشيعي استعان بـ "مظلومية" غير منطقية، ساندتها بها قوى كبرى، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، وكانت إيران مرتكز الدفاع عن تلك المظلومية المزعومة، وهو الان من له السلطة والقرار، ولم يكن للمكون السني الآن سوى هياكل ليس لها روح او دماء، وهي أقرب الى ان تكون ميتة في مشاركتها الخادعة المضللة المخجلة أحيانا حد القرف.

واستفاد البيت الكردي هو الآخر من تحالفه مع البيت الشيعي، وحولا البيت السني الى ديكور أو كانتنونات من محافظات تم تمزيقها، باختلاق عصابات ارهابية إجرامية مختلفة الاشكال داهمت محافظاته، وهي إن بدت أشكالها متناقضة، الا أنها في المضامين تبدو متقاربة في أهدافها وتوجهاتها في الحاق أكبر ضرر بالغ بالبيت السني، لكي تتهدم اركانه العراقي العروبية الاصيلة، التي ليس بإمكان التاريخ الا ويشهد لها بأن رجالتها هم أباة البناء والحضارة والقيم، ومن أشادوا عراقا تهابه الأمم وتضع له ألف حساب.

حاول البعض من رجالات المكون السني أن يكون له دور ما، وبحث آخرون عن "عظمة" تسد بعد أفواه المتعطشين الى السلطة، لكنهم فشلوا في أن يكون لهم ولو حد أدنى من الاهتمام، في ان يكون بمقدورهم انصاف مظلومية مكونهم في يوما بها، وذهب مئات الالاف من ابناء شعبهم واقتيدوا الى مقاصل الموت وسجون الاعتقالات السرية والعلنية، وذهب مصيرهم منذ سنوات طوال، وأصبحوا في خبر كان.

البيت الشيعي برغم كل حالات الاختلاف بين تياراته وقواه واحزابه ما يزال هو الفاعل الأساسي، برغم ثورة الجياع والحرية التي انطلقت بين ربوعه، فكانت ساحات التظاهر ميادين شرف، أرادت أن تعيد للعراق هيبته، لكن هناك جهات حكومية وحزبية قبرت تظاهراتهم ووأدتها هي الاخرى، لانها شعرت انها امام إرادة إحياء البيت العراقي، فواجهت كل صنوف التنكيل والقتل والتغييب والاعتقالات والاجرام، وها هي اليوم تتأرجح مساحة تأثيرها، بالرغم من ان العراقيين جميعا، يرفعون لها القبعات، لما قدموا خلالها من تضحيات، تكاد تكون هي أمل العراقيين وضوءهم الذي ينتظرونه في نهاية النفق، على أمل ان تشرق شمسهم في يوم ما، وهم ما يزالون برغم كل صنوف التنكيل بهم يحاولون في كل مرة، أن يكونوا هم إشراقة البناء العراقي المرتقبة، لكنهم يصطدمون في كل مرة بجدار البيت الشيعي الذي قلب الطاولة على رؤوسهم، وانهى وجودهم، وأخلوا ساحات التظاهر رغما عن أنوف الثوار وارادة الأحرار.

البيت السني ممزق، هو الآخر، ويعيش حالة سبات وانكفاء وتراجع وتقوقع على نفسه، والمعركة على كراسي السلطة بين رجالاته، تكاد يصل "نثارها" الى حدود العراق الغربية، وكل واحد منهم يريد ان يكون هو المتسيد والاخرون أتباع.

لم ينتبه رجالات المكون السني، كما يبدو، الى أن قلاع الدكتاتورية والمصالح الانانية الضيقة لم تعد مقبولة، بل أن الوحدة بين قواه ورجالته واعادة صياغة استراتيجية تحرك مشتركة هي الأكثر الحاحا، بعد ان رأى مكونهم من الويلات ما تشيب له رؤوس الولدان، وتتفطر من هوله الأرض والجبال، نتيجة ما واجهوا من صنوف العذاب والمهانة والاذلال، منذ عقدين من الزمان، وربما تطول خسارتهم للتاريخ وللمكانة أكثر من ذلك بكثير، إن استمرت حالة التنافر والتنافس غير الشريف بينهم، تتصدر المشهد، وما لم يتداركوا أمرهم ويوحدوا صفوفهم، فستأكلهم بنات آوى، وتتناهشهم الذئاب التي تدور على مقربة منهم وبين أحيائهم، وهي تتحين الفرصة للايقاع بهم، وتسليم رقابهم، لمن لديه شهوة الانتقام منهم، ومن محاولات استعادة كرامتهم ومجدهم مرة أخرى.

اصحوا يا قادة المكون السني، على مصيركم ومصير أهلكم، وضعوا مصلحة شعبكم ومكونكم في المقام الاول، لكي لا تفرطوا بمكانتكم التي ضاعت وهدرت فيها كرامتكم، وبإمكانكم لو صحت عقولكم وضمائركم، أن تعيدوا بناء جسدكم وارواحكم ومحافظاتكم وناسكم، واستعادة دوركم، لإنكم إن بقيتم على هذه الشاكلة من التناحر والفرقة والتشظي، فسنقرأ على العراق السلام.

لن يكون البيت السني وسيلة للانشقاق او الانفصال عن العراق، في يوم ما، فهم أولى بوحدة العراق، وهم الأولى بالمحافظة على شرف العراقيين والعراقيات من الامتهان، ولم يكون بيتهم لهم وحدهم، بل بيتا عراقيا، يتفيء به كل العراقيين الداعين الى الحرية والكرامة والى وحدة الصف واستعادة المجد، وبناء تنمية ودولة مؤسسات تقيم دولة العدل والانصاف، بلا طائفية مقيتة او دعوات تقسيميةّ.

حافظوا على محافظاتكم وكل محافظات العراق من غربه الى شرقه ومن شماله الى جنوبه، وانتم من تنظر اليكم الاجيال على أنكم حملة راية استعادة المجد والشموخ اليعربي، وانتم بناة العراق ومن تشهد لكم ساحات الوغى بأنكم رجالها الصيد الميامين، وأنتم الان أمام مثلث البناء العراقي المؤقت، والذي يعتمد على البيت الشيعي والسني والكردي، فلا تضيعوا هيبة بيتكم. فالاخرون، بيوتهم عامرة أكثر منكم، وقوتهم التقليدية مهيمنة ومستبدة، والمطلوب ان لا تطأطأوا رؤوسكم أمامهم، وتلقوا بأوراقكم التي هي الى صالحكم، إن استغليتم مكانتكم ودوركم وارتباطكم العربي والاقليمي، فلديكم إمكانية ان تستعيدوا مجدكم، والعراقيون كلهم أمل بان تكونوا عنوان تلك الانطلاقة العراقية الموحدة.

لا توجد مخاوف من كل البيوتات الاخرى ان إستعدتم بيتكم، لان في إعمار بيتكم السني، فهو إعمار لكل البيوت الاخرى، حتى تبقى كل بيوت العراقيين عامرة، لانكم ليس في قلوبكم أحقاد ولا ضغائن ضد أي كان، ولهذا عندما يطمأنون انكم قد أعدتم بناء عراقكم فستختفي كل البيوت الطائفية، ويبقى البيت العراقي هو الوحيد الذي يرفع راية العراق الخفاقة عالية، تزهو بالمجد والكبرياء.

انتهبوا يا إخوة يوسف على مصيركم ومستقبلكم من أن يلقوا بكم في غيابة الجب، لانكم كنتم أنوار العراق وشموعه المضيئة.. فواجهتم أحقاد الأشرار ومن أراد بكم سوءا.