الدبيبة، الميليشيات، والدولة المدنية

المسؤولون في غرب ليبيا يتصرفون وكأن الآخرين غصة في حلقهم.
يقولون في العلن انهم يريدون وحدة الوطن، وفي احاديثهم الخاصة ينادون بتقسيمه
حملة انتخابية للدبيبة تستخف بعقول الشعب الذي اصبح يعي جيدا تصرفات المسؤولين

سحب الثقة من الدبيبة رغم عدم جدواه، لأنه جيء به من كواليس تهدف الى استمرار الازمة، الا ان تلك الاستقالة سببت له هستيريا اهدار الاموال، التي لا نشك للحظة انها حملة انتخابية تستخف بعقول الشعب الذي اصبح يعي جيدا تصرفات المسؤولين، فيسايرهم على حجم عقولهم، انتظارا لانفراج يلوح في الافق، وقد يكون 24 ديسمبر بدايته، فتزاح النفوس المريضة التي اعتلت السلطة ولم ترغب في ان يمارس الشعب حقه في تقرير مصيره باختياره لمن يراهم الانسب لقيادة المرحلة.

انعقد مؤتمر استقرار ليبيا في العاصمة طرابلس دون وقوع احداث امنية وقد يكون ذلك باتفاق بين زعماء الميليشيات والسيد الدبيبة لتفويت الفرصة على خصومه السياسيين، لكن فريقه الاعلامي اظهر وبشكل سافر مدى استهتارهم بالوفود وقطع البث المباشر (الايحاء بغير ذلك مما يعد استخفافا بالوفود) لكلمات الوفود ما جعل تلك الدول تقوم ببث كلمات مندوبيها على قنواتها الخاصة في وقت لاحق.

انتهى المؤتمر دونما حوادث تذكر، ما افسح المجال امام الحكومة بان تقول بان العاصمة والغرب الليبي في استقرار امني وبالإمكان اجراء الانتخابات في موعدها. لم يطل الانتظار، استجدت في مدينة الزاوية احادث مسلحة بين ميليشيات تتبع الحكومة المؤقرة اسفرت عن قتلى وجرحى وقطع طرقات، اضافة الى اصابات بليغة بعدد من خزانات وقود تتبع مصفاة النفط بالمدينة.

هجوم مسلح جديد استهدف هذه المرة وزارة الشباب والرياضة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية. وفي السابق تعرض وكيل وزارة الشباب لشؤون البرامج والأنشطة، أحمد أبو بكر ميلاد، لحادثة اختطاف وتعنيف من قبل مجموعة مسلحة مجهولة، وأعلنت الوزارة أن "ميلاد اختطف من أمام منزله وتعرض للتعنيف، ما سبب له أضراراً جسدية ومعنوية". في احدى ضواحي العاصمة تعرض منزل امر منطقة طرابلس العسكرية (مروان) لهجوم مسلح فاصبح الآمر طريدا، إن الحكومات المتعاقبة بطرابلس تصرف على الميليشيات الاموال الطائلة وشرعنتها ولا تستطيع التحكم بها، بل وللأسف تعمل اسيرة لها. انها دولة الميليشيات المدنية التي يتفاخر بها الدبيبة.

قد يكون صحيحا ما صرح به الدبيبة من نسب تواجد المكونات (الجهوية) بالحكومة، لكن احتكاره للسلطة وعدم استشارة من هم معه في سدة الحكم واخذ رأيهم في كافة الامور، يجعل مصير البلد عند مفترق طرق، ويهدد اللحمة الوطنية.

وزيرة الخارجية السيدة المنقوش تقول "يجب ان نستفيد من تجربة أفغانستان بعد الانسحاب" بصريح العبارة تعني "يا جماعتنا تفاهموا قبل ما يرخي بكم الغرب وتعود ’طالبان ليبيا‘ للحكم وتلقوا روحكم برا."

وبعد.. ألم يحن الوقت لنتدارك الخطر الذي يحدق بالوطن؟ نتهم الشرق الليبي بالجهوية ومحاولة الانفصال بينما تصرفات النافذين في غرب البلاد هم من يسوقوننا الى ذلك، يقولون في العلن انهم يريدون وحدة الوطن، بينما في احاديثهم الخاصة، ينادون بتقسيمه، لأنهم يعتبرون الاخرين (من هم خارج اقليم طرابلس) غصة في حلقهم، ليخلوا لهم الحكم والتصرف بثروات البلد.

لا امل في وجود دولة موحدة بدون وجود جيش واجهزة امنية قوية ترعى المواطن وتحفظ حدود البلد، ونبذ المركزية الادارية واقامة مشاريع تنموية في كافة المناطق.