الرئيس العليمي مؤلفا في 'الأساليب التقليدية لحل النزاعات في اليمن'

الكتاب مهم لمن يريد أن يقرأ تفكير رئيس الجمهورية اليمنية ويبدو أن الرجل مدني يحمل روح المدنية وهذا ما يتضح من الكتاب ومؤلفه الدكتور رشاد العليمي الذي اعطاء مكانة كبيرة لحضرموت وثقافة حضرموت التي تعد لها التأثير الكبير في الوطن وبقية أوطان الجزيرة العربية.

عندما تصحفت كتاب الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي للجمهورية اليمنية الذي أهداني الكتاب بنفسه وجدت أنه لأول مرة في تاريخ اليمن أجد رئيسًا مؤلفًا له اهتماماته السياسية والثقافية وهذه الاهتمام لعله ينتج سياسة تختلف عن من سبقوه في حكم اليمن وخاصة بعد 1990 أي بعد الوحدة اليمنية التي مازالت أحداثها السياسية لها الأثر الكبير وخاصة بعد حرب صيف 1994 بين الشمال والجنوب. 

فالكتاب المعنون "الأساليب التقليدية لحل النزاعات في اليمن / دراسة في التاريخ الإجتماعي"  يفتح نوافذ لقراءة المشهد التاريخي لليمن سياسيًا واجتماعيًا وهذه النوافذ التاريخية قد نسقطها على الحاضر السياسي المعقد.

ما تشهده اليمن هو صراع سياسي ومحاولة فرض الهوية السياسية على الهوية التاريخية لهذه المنطقة المهمة في جنوب الجزيرة العربية والهوية التاريخية تضم هويات عدة وليست هوية واحدة وثقافات عدة ليست ثقافة واحدة.

فعندما يحل الصراع في هذه المنطقة تتأثر بها بقية المناطق وإن كانت هذه المناطق تحت كيان سياسي مستقل. فعلى سبيل المثال في عهد الدولة الكثيرية الأولى في القرن العاشر الهجري استعان السلطان بدر أو طويرق الكثيري في صراعه وحروبه الداخلية بالأتراك وكذلك استعان ببعض الجنود من الجوف وصعدة وهذا التدخل الخارجي في كيان مستقل وقتئذ امتد الصراع الداخلي بين أسرة آل كثير في بعضها البعض وكذلك بين السلطان ابو طويرق وبين القبائل الحضرمية. 

وقبل هذا التاريخ أثناء الحركة الأباضية في حضرموت التي تزعمها طالب الحق الكندي قد وصل جيشه إلى صنعاء وقد خضعت له وقام العدل بها ونثر على رؤوس الفقراء الذهب أي وزع عليهم الأموال والذهب وهذا لم يفعله غيره من قبل ولا من بعد.

أما اجتماعيًا وقبليًا تظل علاقة القبائل في الشمال أو الجنوب أو في حضرموت علاقة إنسانية من أحكام قبلية مثل احتكام قبائل الجوف عند الحكم ابن عجاج النهدي وهو أمر طبيعي بين قبائل العرب عامة في الجزيرة العربية أو خارجها وهي عادات قد تكون واحدة تجمعهم أحكام القبيلة وتفرقهم أحكام الدولة وسياستها. 

المشكلة ليست في القبائل وسكان الجزيرة في الشمال أو في الجنوب في التقارب أو في التبعاد الاجتماعي وخاصة في بعض العادات والتقاليد ولكن المشكلة تكمن في فرض الهوية السياسية الواحدة في بلد عريق تاريخيًا وثقافيًا مثل اليمن، وقد تعددت هوياته وثقافته فتجد المسيحي مازالت أثاره في حضرموت وتجد قبره مازال منذ قرون متجهًا نحو بيت المقدس، وكذلك تجد كتابات يهودية قديمة في بعض مدن حضرموت القديمة وكذلك تجد الروح الإسلامية السمحة في روبعه وهذا ينطبق علي بقية مدن وبلدان الوطن.

الكتاب مهم لمن يريد أن يقرأ تفكير رئيس الجمهورية اليمنية ويبدو أن الرجل مدني يحمل روح المدنية وهذا ما يتضح من الكتاب ومؤلفه الدكتور رشاد العليمي الذي اعطاء مكانة كبيرة لحضرموت وثقافة حضرموت التي تعد لها التأثير الكبير في الوطن وبقية أوطان الجزيرة العربية.