الطقوس الحضرمية المهاجرة في روايات عبدالرزاق قرنح

الكاتب العالمي لم يشعر بأنه يمني كما صرح يومًا ما وبرغم هذا الشعور نجد أن شخصياته وطقوسها في 'ذاكرة الرحيل' تعيدنا إلى أرض أجداده.

تتشكل طقوس رواية "ذاكرة الرحيل" لعبدالرزاق قرنح بشكل متعدد الهويات بحيث أن هذه الطقوس هي بالأصل طقوس حضرمية وقد ارتحلت هذه الطقوس مع أجداده إلى زنجبار التي عاشوا فيها لفترة زمنية طويلة والتي مارسوها في مهجرهم الإفريقي. فالكاتب العالمي عبدالرزاق قرنح لم يشعر بأنه يمني كما صرح يومًا ما في مقابلة سابقة له، وبرغم هذا الشعور الذي نحترمه نجد أن شخصياته وطقوسها في "ذاكرة الرحيل" تعيدنا إلى أرض أجداده حضرموت.

فرواية "طريق مولى مطر" لعمار باطويل ورواية "ذاكرة الرحيل" للروائي العالمي عبدالرزاق قرنح تلتقيان في عادات وطقوس حضرمية واحدة في استجلاب المطر. وكانت تلك الطقوس منتشرة في بعض مناطق حضرموت وهي طقوس صوفية، وقد تلاشت مع الزمن ومازالت عالقه في الذاكرة الشعبية، وهذا الاحتفاء في رواية "ذاكرة الرحيل" بهذه الطقوس أنما يعود إلى جذوره الحضرمية التي سوف يجدها من تشبع بثقافة حضرموت وعرف عاداتها وقرأ تاريخها، كما هناك مفردات حضرمية وكذلك الشخصيات مثل سعيد بن عمر. وهذه الشخصيات مع بعض الأحداث والطقوس تشكل الهوية والطقوس الحضرمية المهاجرة التي عاشت لفترة طويلة في المهجر وفيها تتعدد الثقافات والهويات حتى أصبحت ظاهرة إنسانية متعددة الأوجه تعكس الجمال الإنساني في الأعمال الروائية. 

'طريق مولى مطر'
عادات وطقوس حضرمية واحدة في استجلاب المطر

نص عبدالرزاق قرنح: 

"كانوا يقدمون التضحيات من أجل استجلاب المطر. كان كبار السن في القرية يأخذون الأرز أو الدقيق، والحيوانات أحيانًا، إلى الضريح الموجود على الجُرف. حيث يمكنك في الليل سماع الأشباح. هذا ما اعتقدناه عندما كنّا صغارًا، أنا وأخي. أحيانًا كنا نسمع خطوهم عبر القرية، يجرون من خلفهم سلالهم من أجل القرابين". 

نص عمار باطويل:

 "أما في الأزمان البعيدة فكان أهل هذه البلاد وقبائلها يأتون بالظباء والوعول ويذبحونها على مرقد مولى مطر، كان دم الحيوان مقدساً والحياة مقدسة أيضًا، فكلما طلبوا الحياة من السماء قدسوها بالدم لعظمته عند الله. فكانوا يذهبون إلى الأودية والجبال ويضعون الشرك للظباء والوعول ويصطادونها حية، ويأتون بها إلى مولى مطر، وتحضر النساء والرجال اللحظة المقدسة في مناجاة الله، وينعشن النساء أثناء الرقص وكلما نعشن ثارت أشجانهن وتحركت دموعهن وسالت. فتستجيب السماء للدموع، فتتحرك السحب نحو مولى مطر، وتصب السماء بمطر لا نظير له".

وبهذه الطقوس نجد ذواتنا فيها ونجد فيها قرنح الحضرمي وكذلك قرنح الإفريقي الذي يشبه جذوره الحضرمية وكذلك يشبه مسقط رأسه زنجبار، وهذه التشابه لم يأتي بالمصادفة بل هي طقوس صوفية  وحكايات هاجرت مع أصحابها لتستقر في مواطن مختلفة ويعيد أجيال الأبناء كتابتها بشكل إبداعي فني كما فعلت شخصيات عبدالرزاق قرنح في "ذاكرة الرحيل" وكذلك شخصيات عمار باطويل في رواية "طريق مولى مطر".