الراب التونسي يطوي صفحة تهميشه في مهرجانه الأول

تنظيم مهرجان الراب في دورته الأولى بعد الغاء حفلات لنجوم الفن الثائر والمتمرد في مهرجان قرطاج الدولي العريق.

تونس - احتفت تونس بولادة مهرجان الراب في دورته الأولى التي ستكون تجريبية لقياس مدى إقبال الجمهور على حضور حفلات نجوم الفن الثائر والمتمرد.
وعبر العديد من نجوم الراب في تونس عن استيائهم بعد إلغاء حفلات لهم كانت مبرمجة في مهرجان قرطاج في دورته الاخيرة، وطالبوا بحقهم في الغناء بين محبيهم وفي وطنهم وهو ما دفع وزارة الثقافة التونسية الى تلبية طلبهم وإقامة منصة فنية خصيصا لهم.
وأعلن وجدي طرابلسي المدير الفني لمهرجان الراب في دورته الأولى أنّ هذا المهرجان تم بالتنسيق مع وزير الثقافة التونسية التي تفهمت غضب فناني الراب بعد الغاء حفلات لهم في مهرجان قرطاج العريق.
وكانت السهرة الأولى يوم 4 سبتمبر/ايلول وقدّمها كلّ من دي جي دارك وكافون كساترو ارمستا وعلاء، والسهرة الثانية كانت يوم 5 سبتمبر/اغسطس من تقديم كلاي بي بي جي وسمارا وسنفرا وماستر سينا ورادي.
وأشار محمد الهادي الجويني المدير العام للمؤسسة التونسية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية أنّ وزارة الشؤون الثقافية تقوم بدور كبير خاصة بالنسبة للعروض المدعومة وأنّ الفكرة تتركز أساسا على إقامة مهرجان للراب والمراهنة على تحقيقه الإشعاع الوطني والدولي مع مرور الوقت.
ويأتي تنظيم المهرجان في دورته الاولى بعد مخاض عسير لا سيما وان مشاهير الراب طالما امتعضوا من تهميشهم وطالبوا بحقهم في احياء حفلات من الوزن الثقيل لكنهم اصطدموا بحواجز إدارية وتنظيمية كثيرة.
بلطي والجنرال وكافون وكلاي بيبيجي وسانفرا وسمارا وعلاء هم الأسماء الأكثر متابعة على الساحة الفنية الغنائية في تونس.
وبعد ان بقي الراب حبيس الجدران الضيقة تفجّر هذا الفن الجامح، وانتقل إلى العلن، وتصدّر المشهد الموسيقي في تونس، ليحتل جميع الحفلات والسهرات الخاصة ومنصات التواصل.
وكان للثورة التونسية الفضل في انتشار موسيقى الراب وخطف الأنظار والأضواء اليها بعد أن تجرأت على انتقاد الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي مما جعل مغني الراب عرضة للملاحقات الأمنية، وهو ما أكسبه شعبية كبيرة.
وتم تأسيس أول نقابة وطنية لفناني الراب في تونس بعد خضوع بعضهم الى المحاكمة وقبوعهم في السجن بسبب أغانيهم. 
وتعهدت النقابة بحماية حقوقهم وبأن تكون همزة الوصل بينهم وبين وزارة الثقافة التونسية.
وشهدت تونس عدة محكامات لفناني الراب من أبرزها محاكمة علاء "ولد الكانز" بسبب أغنية "البوليسية كلاب" وأيضا المغني احمد بن احمد كلاي المعروف بـBBJ والذي اصدرت المحكمة في حقه حكما يقضي بسجنه لمدة عام وتسعة أشهر مع النفاذ العاجل.

نقابة للدفاع عن الراب في تونس
نقابة للدفاع عن الراب في تونس

ويقتحم فن نجوم الراب قلوب الشباب والمراهقين وحتى الأطفال خاصة من أبناء الأحياء الشعبية والأوساط الاجتماعية المهمشة والفقيرة ليعبر عن واقعهم بلغة ثورية ومتمردة.
ولا يتردد نجوم الراب في تونس في فضح الواقع وتعرية ما فيه من سلبيات والنبش في القضايا الاجتماعية كالفقر والبطالة والهجرة غير الشرعية وأوضاع السجون السيئة والعلاقات العاطفية المتلونة والمتغيرة إضافة إلى انتقاد الوضع السياسي ومحاربة الفساد بكلمات مباشرة وصريحة وحتى فضة.
ومن المنع والقمع إلى الفن الأكثر استماعاً عند الشباب في تونس، حيث احتلت موسيقى الراب   مكانة مرموقة في تونس وأصبحت تمثل جزءا من الحقل الثقافي خلال الأعوام الأخيرة بعد أن صارت من أكثر الأنماط الموسيقية طلباً في الحفلات.
وتحول الراب في تونس الى ظاهرة فنية وموسيقية وثقافية تستقطب حتى أبناء الطبقات الراقية.
 ويرى نقاد فنيون أن هذه الموجة أحدثت ثورة على الموروث الموسيقي الكلاسيكي، وباتت منافسا جديا للأنماط التقليدية المعروفة في الغناء، رغم محدودية الإمكانيات المادية لهؤلاء المغنين الذين ينحدر معظمهم من الأحياء الشعبية والفقيرة.
ورغم شعبيتها الجارفة وصعودها الصاروخي في الحفلات والمهرجانات وفي رحاب وسائل التواصل الاجتماعي، فإن انتقادات عديدة توجه لموسيقى الراب على اعتبار أنها نمط دخيل والعديد من كلمات أغانيها تنحدر إلى مستويات سفلى تسيء إلى الضوابط الأخلاقية المجتمعية.