'القضية 460' نقلة نوعية في الدراما التونسية

مسلسل المخرج مجدي السميري ينفرد بتصور عالي الجودة وينافس أفلام هوليوود من الناحية التقنية، ومشاركة نائب من البرلمان تثير الجدل.

تونس - يعتبر المسلسل التونسي الجديد ''القضية 460'' للمخرج الشاب والواعد مجدي السميري نقلة نوعية في تاريخ الدراما التونسية، وقد أشاد نقاد بموضوعه المحكم والمختلف عن السائد وبجودته العالية في التصوير التي تنافس أفلام هوليوود على المستوى التقني بالخصوص.
 وتم تصوير العديد من مشاهد المسلسل التونسي في روسيا، وتدور قصته حول جريمة قتل غامضة ومتشابكة في فترة الأربعينات من القرن الماضي.
 والمسلسل من بطولة ثلة من ألمع نجوم الدراما التونسية على غرار نجيب بلقاضي وعائشة بن أحمد ومحمد مراد ومحمد علي النهدي. 
ويعالج العمل الرمضاني الجديد مجموعة من القضايا على غرار الجريمة والحب ويتطرق الى قضايا اجتماعية وسياسية.
وفوجئ المشاهدون التونسيون بظهور النائب والقيادي في حركة "تحيا تونس"، مصطفى بن أحمد، في الحلقة الثالثة عشرة من مسلسل ''القضية 460'' الذي يبث عبر قناة "التاسعة" التونسية الخاصة.

ولعب بن أحمد دور سجين في السجون التونسية يلتقي ''يوسف" بطل المسلسل لتربط بينهما علاقة صداقة.
وقال النائب في تصريحات للصحافة المحلية إنه شارك في العمل عن طريق الصدفة، حيث التقى بالمخرج مجدي السميري في أحد المقاهي وأخبره بأنه بحاجة إلى شخص بمواصفاته لأداء دور في المسلسل. 
وتفاعل الإعلام التونسي ومواقع التواصل بطرق متعددة ومتباينة مع مشاركة بن أحمد، فالبعض أثارت اهتمامه التجربة، بينما استغربها البعض الآخر وسخروا منها.
وانتقد نشطاء مشاركة النائب المعروف في المسلسل، مقابل غيابه المتكرر في البرلمان، حيث تم تسجيل نسبة حضور 54 في المائة في اللجان القارة بالبرلمان و11 في المائة فقط في اللجان الخاصة وفقا لاحصائيات. 
وقال بعضهم بلهجة متهكمة إن النائب يقوم بدوره الطبيعي في الواقع وهو "التمثيل".
في حين رد النائب بلهجة صارمة وبثقة وأكد أنه لا يكترث للانتقادات، وأنه "يعيش حياته كما يريد".
وشكر مصطفى على حسابه على فيسبوك، مخرج المسلسل الذي "مكّنه من خوض تجربة رائعة".
ويقول أحد المدونين إن النواب انشغلوا في التحضير للأعمال الرمضانية بدل مناقشة القوانين المكدّسة في رفوف المجلس.
وليس بن احمد أول نائب يظهر على الشاشات التلفزيونية  التونسية في الأعمال الرمضانية، حيث سبقه في ذلك النائب علي بنور الذي لا يظهر بكثرة في البرلمان التونسي وفقا لمتابعين للشأن السياسي.
وشهدت أشغال البرلمان التونسي في الدورة الحالية تراخيًّا ملحوظا، بسبب تراجع حضور النواب في أشغال الجلسات العامة واللجان الخاصة، وتسبب غياب العديد منهم بصفة متكررة في اجهاض او فشل مشاريع قوانين والتأثير سلبا على استمرارية العمل داخل المجلس. 
ورغم ما أثير من جدل حول المسلسل فانه تمكن من نيل إعجاب المشاهدين وحصل على إشادة واسعة من النقاد كما شد انتباه الشركة الأميركية العملاقة نتفليكس.
واقترحت شبكة نتفليكس العالمية على قناة التاسعة مبلغ 18 مليون دينار تونسي (حوالي 9 ملايين دولار)، وذلك لشراء حقوق بث مسلسل "القضية 460".
وتقول تقارير صحافية تونسية إن رغبة نتفليكس في شراء حقوق بث المسلسل تعود إلى ضخامته كعمل درامي، علاوة على تميز المخرج الشاب مجدي السميري الذي أخرج العمل الفني بصورة وتقنيات عالية ومتطورة تحاكي وتنافس أفلام هوليوود.
ومجدي السميري فنان متعدد المواهب، فهو مخرج وممثل ومنتج ومغني راب، بدأ حياته الفنية كمغني راب واختار لنفسه اسم "ماغي" قبل أن يدخل مجال التمثيل في الفيلم التونسي "آخر فيلم" للمخرج نوري بوزيد، وبعد حصوله على شهادة تخرجه من المعهد العالي لفنون السينما، سافر إلى فرنسا للعمل في شركة إنتاج، ثم عاد إلى تونس وأنشأ مؤسسة الإنتاج السمعي البصري الخاصة به في العام 2007.
وقام مجدي أيضا بإخراج عدة مسلسلات تونسية ناجحة كـ"ليلة الشك" و"بوليس حالة عادية" بأجزائه الثلاثة، والمسلسل المصري "اختيار إجباري"، كما كتب ولحّن مقدمات مسلسلات مثل مسلسل "نجوم الليل" بمواسمه الأربعة، والذي شارك فيه بدور "فريد".
وتحدّث الممثل محمد مراد بطل "القضية 460"، في حديث لاذاعة "اي أف أم" الخاصة عن التوجّه العام لهذا العمل 
وقال ان المسلسل يدور حول قضية رئيسية منها تتفرع العديد من الأحداث التي تركز على سنة 1940 
واشار الى ان القصة غير خاضعة لأحداث تاريخية محددة وهي تدور فقط في حقبة الأربعينيات بالتزامن مع الحرب العالمية الثانية التي تؤثر على بعض الأحداث.
وقال ان المخرج تعمّد تغييب الإضاءة في مختلف مراحل التصوير سعيا منه الى الابتكار والتفرد.
واعتبر المخرج والممثل التونسي المعروف نجيب بلقاضي أن المسلسل يمثل نقلة نوعية في الدراما التونسية لتقديمه صورة فنية مغايرة للسائد.
وأفاد أن تشابه وتطابق أفكار العديد من المسلسلات في تونس دفع بالعديد من المشاهدين إلى الهروب من الدراما التونسية. 
وأشاد بتطور المشهد السينمائي والدرامي في تونس بعد الثورة التونسية.
وكتب الاعلامي التونسي المشهور سمير الوافي على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "حسب ما شاهدت وما أعرف.. مسلسل مجدي السميري سيصنع الحدث في تونس وسيرفع مستوى التصوير والاخراج الى مقاييس عالمية لم نعهدها من قبل".