الوباء بداية فعل يمهد لأفعال قادمة ستضر البشرية
البشرية جمعاء تعاني من فزع يتجاوز حدود المعني المعجمي الدقيق لمفردة "فزع"، وما يمر به العالم الآن أقسي عليه مما سبق في سياق جهل الأمم.
فالبشرية لم توظف ما توصلت إليه من اكتشافات علمية شتى، ومن تطور حياتها، ومن مستجدات حداثتها التوظيف الذي يمكن أن يحقق لها الأمن والسلامة.
بل إن بعض حكومات العالم قامت بتوظيف هذه المكتشفات العلمية المستجدة من أجل إحداث فوضي مفروضة بمنهجية صارمة؛ عبر إنتاج الأسلحة التي تفتك بالبشر في سويعات، بل وقد وصل الحال بعالمنا الآني إلى أن يستخدم القوي بسلاحه وعلمه وما توصل إليه من تقنيات وتكنولوجيا لإرهاب شعوب الأرض، وابتزازها، والحصول علي مقدرات الشعوب المسالمة وخيراتها!
وكان وباء "كورونا" مكملًا لهذا التدني من الفعل البشري للحصول علي مكاسب مادية، أو الارتقاء إلي زعامة دولة علي حساب باقي شعوب الأرض!
ولا يخفي الكاتب عمارة إبراهيم علينا هواجسه التي تقول إن هذا الوباء هو بداية فعل يمهد لأفعال قادمة ستضر البشرية، بل ستبيد الملايين من البشر، بما فيهم الكثير من شعوب الدول التي تسعى إلي زعامة العالم بترهيب الشعوب، بل.. وإبادتها.
هذا ما أكده لنا الشاعر والكاتب المصري عمارة إبراهيم، وهو يقول إن ما يشغله الآن في ظل هذه الأزمة المفتعلة مثل مثيلاتها من الأزمات المتكررة عبر التأريخ الممتد، هو أن يكون للثقافة والإبداع الدور المتعاظم لاستنهاض طاقاتنا الإبداعية في محاربة هذه الأفعال التي ستوصل إلي شيطنة البشرية فوق الأرض، موضحًا أن لا رابح من وراء ذلك سوى أعداء الإنسانية على امتداد تاريخ وجودها.
محاولة العودة إلي القيم الاجتماعية الصحيحة التي غيبتها عن شعوبنا أنظمة مثل "العولمة"، و"العالم الرقمي"، الذي تحول إلي مادة صماء تجمع الأموال علي حساب القيم التي نادت بها الكتب السماوية
ويرى أنه لا بد من أن يكون للإبداع وللثقافة وللفكر الصوت التوعوي حتي تنتصر إنسانية الشعوب علي جموح حكامهم الذين لا يكلون ولا يملون في إيذاء البشر، وكأنهم الآلهة التي تعبث، وتحول الأرض إلي شيطان يدمر نفسه بنفسه، ويرمي نفسه بنفسه إلي جحيم أبدي!
ومن هنا يرى عمارة إبراهيم أنه لا مناص من إبداع الأدب الذي يعيد للكون جماله، في الوقت ذاته الذي يعيد فيه للإنسان خصائصه الإيجابية التي تسعى إلى التأكيد على تزاحم الفضائل على حساب السوالب التي أرَّقت حياة الإنسان.
وهو يرى أن الإبداع والفكر أعادا البشرية، في حُقَب زمنية متفاوتة، إلي اللحمة الاجتماعية، وأنتجا الثورات ضد حكومات فشلت في أداء وظائفها السياسية والاقتصادية لتنتج عملًا يمنح الامتياز المادي والأدبي لحفنة من البشر على حساب أمن وسلام مليارات الناس.
فهل يعقل أن يملك سبعون رجلًا في العالم ثلثي ما تمتلكه الدول من أموال؟!
ويتساءل من جديد: "وهل يعقل أن ينتج هؤلاء والدول التي تساعدهم الأمراض والأوبئة للبشرية حتي يقيموا مصانع وشركات لتصنع أدوية يتربحون منها على حساب الضحايا، ومرض البشر، وجوعهم وفقرهم؟!"، و"هل نعلم أن أمراض السرطان والكوليرا وكثير من الأمراض التي انتشرت بين شعوب الأرض هي صناعة هؤلاء، هم وتلك الدول التي تدعمهم لتحصل علي المنافع؟!"
إنها حكومات الأرض التي أدارت مقدرات الشعوب ولا تزال لتستولي عليها، أو تستعمرها.
ويرى عمارة إبراهيم أن المؤهل لمواجهة هذا الفساد وقمعه إنما هو الإبداع والثقافة والفكر لتوعية الشعوب بما يحاك لها من مخاطر بفعل هذه الحكومات، وتلك الحفنة من الأرستقراطيين الذين يتحكمون في كل شيء، يستطيعون من خلاله أن يفزعوا، أو يقتلوا، أو يبيدوا به البشر.
وقد قرأ عمارة إبراهيم عديد من الآثار الأدبية التي تناولت تلك المآسي التي تعرضت لها البشرية، وبخاصة بعد الثورات التي تمخضت عن الكثير من الأحداث التي تتشابه مع الأحداث التي عانت منها شعوب الأرض في ظل الألفية الجديدة، وآخرها هذا الوباء الذي حلَّ بمعظم دول العالم.
ويرى ضيفنا أن أثرًا مهمًا أحدثته تلك الكتابات في بعض دول أوروبا مثل: فرنسا، وألمانيا، والمجر،.. وغيرها، وبعض دول أميركا الجنوبية وشرق آسيا.
ولكن في البيئة العربية لم تحظ هذه المسألة بما كان لها من اهتمام في دول العالم تلك، باستثناء بعض مبدعينا القلائل، وربما كان هذا بسبب معاناة المبدع العربي، وخوفه من بطش الكثير من حكامنا في تاريخنا الحديث.
ويعترف عمارة إبراهيم بأن حياته الشخصية تأثرت كثيرًا بسبب تبعات هذا الحدث الجلل على المستوى الأسري، والعائلي، والاجتماعي بوجه عام.
وذكر أنه لا يستطسع إخفاء خوفه من اليوم، والغد، وبعد الغد، على صحته الشخصية، وعلى سلامة وصحة أولاده وباقي أفراد أسرته، وعائلته، بل وعلى مستوى مصر وشعبها، وشعوب العالم قاطبة.
وذكر أنه يتابع أخبار العالم كله لحظة بلحظة، ويترقب مثل غيره علّه يجد نبأ إنتاج اللقاحات الرادعة لهذا الوباء.
ويصرح بأنه سيفشي لنا سرًا؛ فهو من شدة خوفه وترقبه للحظة أمل وجد نفسه وهو في نومه، يرتجل قصيدة جديدة تعايشت مع هذا الواقع الذي يرصده ليعيشه في عقله الباطن حتي ينتج قصيدة لم يسمعها أحد سوى صديقه الناقد الدكتور حسام عقل، فقد أسمعه عبر الهاتف جزءًا منها وهي لا تزال، بعد، قيد التدقيق.
وعن الاختلاف الذي رصده في سلوك الناس من حوله خلال هذه الجائحة، يقول:
رأيت هلعًا كبيرًا من المحيطين بي، نتجت عنه محاولة العودة إلي القيم الاجتماعية الصحيحة التي غيبتها عن شعوبنا أنظمة مثل "العولمة"، و"العالم الرقمي"، الذي تحول إلي مادة صماء تجمع الأموال علي حساب القيم التي نادت بها الكتب السماوية. ورأيت بعض الذين يملكون القليل من المال يعطفون به على مَنْ لا يملك قوت يومه بسبب الإغلاق والحظر والتوقف عن كسب لقمة العيش، ورأيت حكومة مصر، وبعض الحكومات العربية تقدم لشعوبها ما عجزت عن تقديمه حكومات دول أخرى أكبر بكثير لشعوبها.
ورأيت الله وهو يقف مع الفقراء يحفظهم من هذا الوباء، ويترك من صنعه أو من أسهم في صنعه، أو من يملك المال الذي وفرَّه من مص دم فقراء شعوب العالم، ومرضاهم حتي يتعظوا، لكن هيهات!