الوحش الذي طالب الغرب بقطع رأسه 

كتاب جديد يفسر أسباب نجاة بشار الأسد بعد قرابة ثمانية أعوام من الدعوات للإطاحة به.
استمرار قبضة الأسد على السلطة تؤكده حقيقة أعلنها ترامب حين قال إن إيران "تفعل ما يحلو بها في سوريا"
الدعم الروسي للنظام السوري يعني أن بشار الأسد سيظل في السلطة

بعد قرابة ثمانية أعوام من الدعوات للإطاحة بالرئيس السوري، سلم وزير الخارجية البريطانية جيريمي هنت، للمرة الأولى، بأن الدعم الروسي للنظام السوري يعني أن بشار الأسد سيظل في السلطة.
وسبقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي صرح في ديسمبر/كانون أوال الماضي عن سحب ما تبقى من القوات الأميركية في سوريا وقوامها ألفا جندي، تاركا الأسد في السلطة ووجودا عسكريا إيرانيا كبيرا فاعلا في سوريا.
عدد من الدول العربية، سلمت أيضا بأن الأسد نجا من حرب أهلية استمرت ثماني سنوات وأعادت - أو تستعد لإعادة - فتح سفاراتها في دمشق. على رأس هذه الدول السودان والإمارات والبحرين والكويت وموريتانيا.
لكن هل بشار الأسد، الوحش الذي طالب الغرب يوما بقطع رأسه، ظل في السلطة فقط بسبب الدعم الذي يتلقاه من روسيا؟
استمرار قبضة الأسد على السلطة تؤكده حقيقة أخرى أعلنها ترامب حين قال في أوائل يناير/كانون الثاني الجاري أن إيران "تفعل ما يحلو بها في سوريا". واعتبر ترامب أن سوريا ليست ذات نفع بالنسبة للولايات المتحدة "لأننا نتحدث عن رمال وموت، ولا نتحدث عن ثروة طائلة".
لكن الكاتبين المصريين "أشرف علام وصلاح صابر" يقدمان صورة أكبر ويعرضان لعوامل أخرى تفسر بقاء الأسد في السلطة في كتابهما الصادر باللغة الإنجليزية بعنوان  "Assad's survival: The Symbol of Resisting the Arab Spring".
أو "بقاء الأسد: رمز مقاومة الربيع العربي" باعتباره الرئيس الوحيد الباقي في السلطة من بين خمسة رؤساء شهدت بلادهم ما يسمى بثورات الربيع العربي وهم رؤساء تونس ومصر وليبيا واليمن.
الكتاب الصادر عن دار "لمار للنشر والتوزيع" يقدم إجابة عن سؤال رئيس: ما هي العوامل التي سمحت ببقاء نظام بشار الأسد رغم الحرب الأهلية التي استمرت كل هذه السنين؟  

دراسة بنية النظام السوري
الرئيس الوحيد الباقي في السلطة 

وللإجابة عن هذا السؤال، درس الباحثان كلا من بنية النظام السوري من الداخل والسياق الإقليمي والدولي. وخلص الباحثان إلى عدد من العناصر المحلية والإقليمية التي مكنت بشار من البقاء في السلطة.
على المستوى المحلي، استمر بشار في التعويل على دعم جماعات المصالح والمجموعات الطائفية. فقد واصل أغلبية العلويين دعمهم لبشار. كما أن قوات الأمن والجيش كانت تقف في الصدارة دفاعا عنه.
وظلت عائلة الأسد في السلطة لأسباب من بينها التضامن بين أفرادها لا سيما بوضع نفر منهم في مراكز السلطة.
في المقابل كانت قوى المعارضة السورية منقسمة بشدة ولم تظهر وحدة في هدفها ولم تكن تكن تحت قيادة موحدة. كما أن تنوع المعتقدات الدينية والجماعات العرقية في المجتمع السوري تسبب في حال من التفتت وأثّر سلبا على الانتفاضة السورية. كما أن مسألة التدخل الأجنبي عمقت الخلاف السني الشيعي.
وارتكبت الانتفاضة السورية عددا من الأخطاء فهي لم تمنح الأقليات فرصة الانضمام وهو ما جعلها تصطف مع نظام الأسد. كما كوّن بشار مجموعة منتقاة باختياراته للمناصب الرفيعة، اختارهم بعناية من الدائرة الضيقة لعائلته علاوة على مؤيديه من الشيعة.
علاوة على ذلك، فإن النظام التراتبي للحكومة كان له دور حاسم في استمرار النظام السوري ذي القبضة الحديدية. وبناء على الخصائص الشخصية لقائده، كانت تصدر كثير من قرارات النظام السوري، ولا أدل على ذلك من أن السمات الشخصية لبشار انعكست على إدارة الصراع وحولت الانتفاضة السورية إلى حرب أهلية.
إقليميا، استفاد نظام بشار من الانقسامات وحال عدم اليقين بين دول المنطقة تجاه الوضع في سوريا. فدول الخليج انتقدت جملة بشار على خصومه السنة، في حين أن دولا عربية أخرى كانت كارهة للضغط على بشار ومتخوفة من مآلات ذلك على سوريا.
الآن وبعد قرابة ثماني سنوات، زالت الأخطار الرئيسة من على رقبة النظام السوري. لكن على الرغم من هذا التمني لم ينته الصراع في سوريا بعد ولا يزال ثلث البلاد خارج سيطرة النظام.
إن الفرضيتين اللتين وضعهما الباحثان ثبت صحتهما. فقد طور نظام بشار خبرة في التعامل مع الضغوط المحلية والدولية سمحت له بتحمل ضغوط الحرب الأهلية.
وكان السياق الإقليمي والدولي في حال من التفتت والافتقار إلى العزم والحسم لا سيما في الإدارة الأميركية ما سمح للأزمة السورية بأن تطول دون تسوية في الأفق لأكثر من سبع سنوات. ولم يكن الفائز الوحيد من ذلك في نهاية المطاف وبوضوح إلا بشار الأسد.