انكشاريو اردوغان في ليبيا تتار العصر

أمام الغزو التركي، لم يعد امام الليبيين إلا مساندة قواتهم المسلحة.

خلال سنوات حكمه عمل ما في وسعه للانضمام للاتحاد الاوروبي، لكن سجله في حقوق الانسان كان له بالمرصاد، حاول ان يجعل من نفسه زعيما للعالم الاسلامي، ذرف دموع التماسيح في دافوس على الفلسطينيين، صدقه بعضنا، بينما يقيم امتن العلاقات مع كيان العدو ويجري معه مناورات مشتركة، ويمده بالمياه العذبة المعلبة من السدود التي اقامها على نهر الفرات، بينما سوريا والعراق تكادان تصابان بالجفاف.

 لقد مهّد لغزو ليبيا عندما قال ذات مرة، بأنه يوجد في ليبيا ما يربو على المليون نسمة من اصول تركية (انكشاريون)، طالبه بعضهم العام 2011 بالتدخل لحمايتهم بزعم تعرضهم للإبادة من قبل النظام الحاكم انذاك، قدم لهم الحماية على مدى عقد من زمن، استولوا على السلطة، حولوا الاموال التي نهبوها الى تركيا للاستثمار الشخصي، قدموا له الهبات لتحسين وضعه الاقتصادي لكن السيد ترامب ابى الا ان يقدم له صفعة قوية جعلت العملة المحلية تهوي الى الحضيض.

اذنابه او لنقل رعاياه وان كانوا يحملون الجنسية الليبية، كانوا على وشك السقوط، استغل الفرصة، وقع معهم اتفاقيتي التنقيب عن النفط والغاز والتعاون في المجال العسكري والأمني، امدهم بما يمكنهم من الصمود بمختلف انواع الاسلحة والخبراء الاتراك، اضافة الى آلاف المرتزقة السوريين، تولى الاتراك وباعترافهم قيادة العمليات العسكرية ضد الجيش الوطني، وأصبحت المعركة في ليبيا بين الجيش الوطني والأتراك ومرتزقتهم واذنابهم، ما يعد غزوا مسلحا ضد دولة تقع تحت الفصل السابع، اي ان شعبها يفترض ان يكون تحت الحماية الدولية، بينما الامم المتحدة تغض الطرف عن ذلك بل نعتبرها مشاركة في جريمة اسقاط النظام وانهيار الدولة، وتشريد الشعب وإلحاق الاذى به من خلال افتقاره الى ابسط الحقوق للعيش الكريم، اضافة الى اعمال القتل والتدمير الممنهج لمقدرات الشعب.

مع تدخله السافر في الشأن الليبي، رأينا بأم اعيننا وعبر المشاهد المصورة التي انتجوها بأنفسهم، وأودعوها شبكات التواصل الاجتماعي، بشاعة تصرفات الانكشاريون الهمجية بحق السكان المدنيين الامنين بالمناطق التي استولوا عليها عنوة بقوة السلاح (صبراته، صرمان الاصابعة)، حيث اعمال القتل والتعذيب والخطف والتمثيل بالجثث وانتهاك الاعراض، ما يؤكد على ان هؤلاء ليسوا من جنس البشر...انهم تتار العصر الحديث، احفاد اولئك الذين دمروا كل ما وقع تحت ايديهم وصولا الى عين جالوت التي كانت محطتهم الاخيرة بفعل مصر العروبة والبطل سيف الدين قطز.

حقيقة وأمام هذه الاوضاع المأساوية، لم يعد امام الليبيين إلا مساندة قواتهم المسلحة، وحمل السلاح للذود عن اعراضهم، وإسقاط حكومة الصخيرات التي نصبها المستعمر، فجلبت المرتزقة وأغدقت عليهم الاموال الطائلة، بينما الشعب يقف في طوابير امام البنوك لأجل الحصول على رواتبه التي لم تعد تكفي لسد الرمق، والافتقار الى ابسط الخدمات الطبية ومياه الشرب والكهرباء، وأكداس القمامة التي تملا الشوارع، وتسبب في انتشار الامراض.

ربما تأخذ عملية استرجاع الوطن بعض الوقت، يسقط المزيد من الشهداء، وتزهق بعض الارواح البريئة، ولكنها جد ضرورية لقيام الدولة الحديثة، فالأعداء المتربصون بالشعب الليبي الطامعون في ثروته، الساعون الى تفكيك وحدته وبث الفرقة والفتنة بين مكوناته جد كثّر، الحقوق تفتك لا توهب او تستجدى، وما ضاع حق وراءه مطالب، والخزي والعار للعملاء الذين اوطانهم بطونهم، وتحقيق مصالحهم الخاصة، وستظل ليبيا بارادة الشرفاء من ابنائها دولة موحدة ذات سيادة، وليذهب رعايا اردوغان اشباه الرجال، الى الجحيم.