تاورغاء.. عندما يتحكم السفهاء

ترويع الآمنين بحجة وجود مطلوبين لا يقل جريمة عما اقترفه المجرمون.

اُخرجوا عنوة من مدينتهم بجريرة بعض ابنائهم. من اجبرهم على الخروج يتبع سياسة الكيان الصهيوني: العقاب الجماعي. ربما لا يلام كيان العدو على فعلته لأنه يرى في وجود خصومه مسالة وجود وليست حدودا. قالها ذات مرة احد ساسة العدو: ان ما نرتكبه بحق الفلسطينيين لا يكاد يذكر اذا ما قورن بما يرتكبه الساسة العرب تجاه شعوبهم.

الحكومات المتعاقبة اثبتت ولا تزال عجزها عن حل قضية نازحي تاورغاء. الاتفاق بين ابناء تاورغاء ومهجريهم رغم ما به من اجحاف لكنه لم يطبق. المدينة تفتقر الى ابسط الامور الضرورية للعيش. كان حريا بالسلطات العمل على صيانة وترميم المنازل وشبكات المياه والكهرباء طوال المدة الماضية التي كانت كافية لبناء تجمعات سكنية حديثة متكاملة الخدمات، ان كانت هناك النية لعودة المهجرين.

بعض المهجرين الذين اثروا البقاء بالمخيمات رغم قسوتها على الرجوع الى المدينة الى ان يتم اعادة اعمارها، لم يسلموا يوما من التنكيل واقتحام المخيمات من قبل اناس يدعون تبعيتهم لحكومة الوفاق بحجة ارتكاب بعض ابناء المخيم لبعض الاعمال الاجرامية. وعلى افتراض صحة ذلك فهل يجوز انتهاك الحرمات بهذه الطرق البشعة؟ ألا توجد آليات للقبض على المجرمين دون ترويع للأهالي؟ هل يجوز اجبار السكان بالخروج من المخيم دون سابق انذار وإيجاد بديل ملائم؟ ام انها محاولة لإجبارهم على الخروج واستغلال المكان لأغراض اخرى كما جاء في بيان التبرير الذي يعتبر اقبح من الذنب الذي ارتكبه معدّوه، والحديث عن ضرورة عودة المهجرين الى مدينتهم في ظل الظروف الراهنة قد يلحق الضرر بالعديد منهم فقد يكونون من المطلوبين وعدم قدرة الجهاز القضائي على العمل بمهنية تامة في ظل غياب المصالحة الوطنية التي ننشدها.

منظمات المجتمع المدني ودول العالم اعربت عن ادانتها للعمل الشنيع وضرورة ايجاد حل للمهجرين، بينما حكومة الوفاق لم تنبس ببنت شفة. لا نستغرب ذلك، فمن قام بالعمل الاجرامي يعتبرون الجناح العسكري لحكومة الوفاق الموقرة، او لنقل جسمان متداخلان يكملان بعضهما البعض، يعملان وبحركة دءوبة على اهدار المال العام وإذلال وتحقير البشر. فالميلشيا فرضت نفسها بقوة السلاح اما الحكومة فقد فرضها الغرب على الشعب.

ما نستغربه ان يقوم بعض المشايخ والأعيان وما اكثرهم بالتغطية على اعمال المجرمين (ابناءهم) من التعدي على الاخرين بحجة وجود مجرمين بمناطق معينة (ورشفانة، النواحي الاربع والقره بوللي، العجيلات وغيرها). نقول لهؤلاء المشايخ والأعيان من كلف ابناءكم بمحاربة الجريمة في مناطق اخرى؟ بالتأكيد المجلس الرئاسي وما نراه فعل ذلك إلا لإحداث الفتنة بين المناطق. فلو كان المجلس الرئاسي صادقا في محاربة الجريمة لكوّن فرقا امنية تضم افرادا من مختلف المناطق لمحاربة الفساد والقبض على المجرمين، عندها لن تشعر المناطق المستهدفة بالغبن والكراهية تجاه المناطق الاخرى.

نقول للمشايخ والأعيان، من يقومون بالعمليات الاجرامية هم ابناؤكم، عليكم بسحبهم من المليشيات التي ما انفكت تقوم بالأعمال الاجرامية وسوّدت وجوهكم وجعلت جباهكم لا تندى، ام تراكم لا تقوون على فعل ذلك وان ابناءكم فكوا منكم الحكم؟ ولا نقول تباركون افعالهم، وبالتالي تنبطحون امامهم وتمهدون لهم الطريق لاقتراف المزيد من الاجرام.

 عندما يتحكم السفهاء.. ينبطح العقلاء.. فتعانق هامات المظلومين السماء، فدعوتهم مستجابة.

 ونقول لهؤلاء:ان لم تشدوا على ايدي ابناءكم وتمنعوهم، فلا محالة ان البلد سيلحقه الدمار، امتثالا لقول الرب: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ".