تعديل وزاري.. وزير مفوض للميلشيات

ينبغي إعادة تأهيل أفراد الميليشيات نفسيا وعمليا وليس تحويلهم إلى قوة نظامية تستمر في ممارسة التخريب الذي تمارسه اليوم.

لا نعلم ان كان التعديل الوزاري يعد استباقا لما قد يتمخض عن اجتماعات مجلسي النواب والدولة بشان السلطة التنفيذية واظهار حكومة الوفاق الوطني على انها فاعلة ومتوازنة جهويا وتلبية للمطالب المتعددة بشان الخروج من عنق الزجاجة وبالأخص المشكل الاقتصادي، ام مجرد ذر للرماد في العيون الى حين اجراء الانتخابات التي يسعى جميع الافرقاء بمختلف توجهاتهم الى تأجيلها لتطابق مصالحهم، وقد اطمأنت الحكومة الى عدم اقالتها.

الملفت للنظر ان يتم ضم المليشيات الى وزارة الداخلية التى من ضمن مهامها راحة المواطن في حله وترحاله، ندرك بان افراد هذه الميليشيات هم ابناؤنا ونعترف بأننا لم نحسن تربيتهم، بل دفعنا بهم الى اتون حرب اهلكت كل شيء. انهم في حاجة ماسة الى علاج نفسي ومن ثم الى اعادة تأهيل ليساهموا مستقبلا في اعادة اعمار البلد والنهوض به ويتطلب ذلك زمنا لا بأس به وإمكانيات مادية، أما ان نقوم بإعادة تدويرهم والزج بهم في اعمال مدنية صرفة فذلك يعد نوعا من الاستهتار واستمرارا لزمن الاجرام الذي نعاني منه وبالتالي نجني على انفسنا بعد ان جنينا على ابنائنا.

لقد عايشنا ولا نزال تصرفات "أبنائنا" عن قرب بالبنوك ومحطات توزيع الوقود فهم يقذفون بألسنتهم حمم كلام غاية في البذاءة تذيب عقول الحضور وتجعلهم مجرد دمى تتحرك عفويا، بدلا من القول الطيب، اياديهم تمسك بالسلاح وأصابعهم على الزناد، فكثيرا ما كانت هناك حوادث قتل نتيجة رصاصات (عقول) طائشة، بدلا من مساعدة كبار السن والنساء في الحصول على احتياجاتهم. وكذلك تواجدهم بالشوارع والميادين فهم لا ينظمون حركة السير بل يربكونها.

اعدادهم تربو على المائة وخمسين الف، يتقاضون منذ سنوات رواتبهم المغرية من الدولة (أي انها تدفع رواتب للمخربين-من ليبيا يأتي الجديد)، أي ان جزءا كبيرا من الميزانية يذهب الى جيوب هؤلاء للاستمرار في طغيانهم، بدلا من تخصيص هذه الاموال لإقامة مشاريع انتاجية او توفير قطع الغيار اللازمة لاستمرار بعضها التي شارفت على التوقف، مثل منظومة النهر الصناعي التي فقدت ثلث انتاجيتها بفعل سرقة الالات والمعدات اللازمة للتشغيل، او تخصص في تقديم خدمات تعود بالنفع على الجميع.

ان انضمام هذا الكم الهائل من افراد الميليشيات الى وزارة يفترض انها تسعى الى بسط الامن، يجعل منها وزارة مختصة بعمليات الاجرام من سرقة وحرابة وإهدار للمال العام، وينم عن مدى استهتار السلطات (المتغولين) بعقول المواطنين الذين ينشدون الامان وبناء الدولة، ولعل تكليف احد رموز فجر ليبيا التي دمرت البلد بمهمة وزير الداخلية والذي يعتبر نوع من المكافأة، يقطع الشك باليقين بان الامور تسير نحو الاسوأ.

هناك بعض التساؤلات (الاستفسارات) تستوجب التوضيح. هل هذه التعديلات تحقق المطالب التي نادى بها المجتمعون في كل من الزاوية وترهونة؟ وبالنسبة لدعاة تحرير العاصمة من الميليشيات هل الدماء التي سالت والمباني التي هدمت والضحايا الذين سقطوا بفعلكم، كل ذلك كان قربانا على مذبح الذل والهوان وشرعنة الميليشيات (يبدو انكم جزء منها)؟ والى المواطن العادي، الى متى تظل تهادن وترضى بالدنية وبؤس العيش؟فهؤلاء لن يرقبوا فيك إلا ولا ذمة.

الحديث يدور عن ظهور تكتل جديد بمجلس الدولة تحت مسمى كتلة الوفاق ذات الاتجاه الوطني. الوطنيون هم اولئك الذين سلموا الامور لسلطة منتخبة (كتلة 94)، اما الباقون فهم من طيف سياسي مؤدلج (اخواني) ومؤلل(مسلح)، الامر لا يعدو لإثبات ان المجلس يحوي اتجاهات سياسية وفكرية مختلفة لئلا يصابوا بالحسد. اين الوطنية طيلة هذه المدة؟ انهم ابعد ما يكونون عن الوطنية. لقد ضيعوا الوطن وأصبحنا مثار سخرية العالم.