حراك الخارج وضياع الداخل في العراق

الانفتاح على مصر والأردن خطوة دبلوماسية جيدة. ماذا عن الانفتاح على الكتل السياسية العراقية؟
هل يعقل ان ترتب الحكومة حوارا خارجيا ومعاهدات وتفشل في حلحلة المشاكل مع كردستان
حكومة مصطفى الكاظمي لا تملك التصرف باتفاقيات دائمية لانها ببساطة حكومة انتقالية

القمة الثلاثية المؤجلة والمزمع عقدها نهاية الشهر الحالي في بغداد بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والحوار الاستراتيجي المقرر الشهر المقبل مع الولايات المتحدة يعطيان مؤشرا إيجابيا على سياسة خارجية محترفة تتعاون مع دول الاقليم وتسعى الى بسط السيادة واخراج المحتل عبر آليات الحوار والمصالح المتبادلة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يعقل ان ترتب الحكومة حوارا خارجيا ومعاهدات مع دول عربية إقليمية وتفشل في حلحلة المشاكل مع اقليم كردستان وهو جزء من العراق؟ وهل يعقل ان نحاور محتل على جلاء قواته من الارض وتسليمه الأجواء عبر عنوان التعاون في محاربة الارهاب كما صرح السيد رئيس مجلس الوزراء مؤخر؟

وللإجابة حول هذا الحراك الخارجي لا بد ان نفهم الوضع في الداخل، لقد عجزت الحكومة بعد عشرين يوما من الدعوة الى حوار وطني شامل من تحريك ساكنا بشأنه، كما ان الحكومة لا تملك التصرف باتفاقيات دائمية مع دول مجاورة لانها ببساطة حكومة انتقالية لا تمتلك صلاحية ربط البلاد بتكتل اقليمي مع دول عربية جارة وعزيزة على العراق، كما ان ذات الحكومة غير مخولة بحوار واشنطن حول الوجود العسكري سوى الالتزام ببنود قرار البرلمان بإخراج كافة القوات الاجنبية برية وبحرية وجوية من البلاد وهو قرار ملزم للحكومة من اعلى سلطة تشريعية في البلاد تم اقراره بداية 2020.

وبدلا من الحراك الخارجي الذي تقوده الحكومة ابتداء من محاولة تأسيس كتلة الشرق الجديد بين العراق والأردن ومصر، ومحاورة الاميركان في بغداد الشهر المقبل على رحيل القوات الاميركية وبقاء التحالف الدولي والتعاون معه جويا بشكل اكبر... كان يفترض بالحكومة الانتقالية ترتيب الوضع الداخلي وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات المبكرة وتطبيق قرار البرلمان بإخراج القوات الاجنبية من تحالف وأميركية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا التركيز على الخارج وإهمال الداخل؟

على ما يبدو ان الحكومة الانتقالية قد خرجت عن كافة تعهداتها التي صرحت بها تحت قبة البرلمان يوم تم منحها الثقة، فقد عجزت عن إرضاء الداخل الساخن بل زادت اموره المعيشية سوءا، كما انها فشلت في تثبيت موعد محدد للانتخابات المبكرة ولم تستطع السيطرة على السلاح المنفلت ولم تتمكن من ترتيب الاوراق السياسية الداخلية لتحقيق الإجماع الوطني حول القضايا المهمة، لذلك اتجهت الحكومة الى العمل بالملف الخارجي هروبا من مشاكل الداخل اولا؛ واستقواء بالخارج على خصوم الداخل ثانيا؛ والرغبة بالبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة ثالثا.