حملة دولية لحماية 30 مليون طفل دون مأوى

حملة دولية لحماية أطفال الشوارع في افريقيا تنطلق من قمة أفريستي المقامة في المغرب وبدعم من الملك محمد السادس.
أطفال الشوارع يعانون من الفقر والتهميش والأمراض
أطفال الشوارع فريسة سهلة للانحراف
ارساء مبادرة الرباط دون أطفال في الشوارع

الرباط - سلطت منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية "أفريستي" الضوء على أطفال الشوارع في افريقيا ووضعت إستراتيجية واضحة المعالم لحماية الطفولة دون مأوى.
وانطلقت الثلاثاء بمراكش أشغال الدورة الثامنة لقمة "أفريسيتي" تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وجمع هذا المنتدى الإفريقي بنسخته الثامنة نحو 8100 مشارك، من بينهم وزراء ومسؤولون سياسيون وخبراء اقتصاديون أفارقة في القمة الممتدة من 20 إلى 24 تشرين الثاني/نوفمبر.
صرح أخصائي الحماية في صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إيف أوليفيي كاسوكا بأن ثلاثين مليون طفل إفريقي يعيشون في الشوارع.
ويعتبر الشارع الملاذ الوحيد والاضطراري لأطفال تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 15 سنة، وهم فريسة سهلة للاستغلال المادي والجنسي ويمكن اقحامهم بسر ودون عناء في عالم الجريمة بكافة أشكالها.
وغالبا ما ينجم عن تواجد الأطفال في الشوارع تعرضهم لسوء المعاملة والاستغلال بكافة أنواعه واصابتهم بالأمراض الخطيرة.
وعادة ما يكون أطفال الشارع عرضة لسوء المعاملة والمضايقات والإعتقالات من طرف الشرطة والإنحراف وتعاطي المخدرات وتجارتها والتسول والسرقة والإعتداءات المسلحة.
ويدق خبراء ناقوس الخطر من الظروف الصحية لأطفال الشوارع، فالعديد منهم يعانون من مجموعة من الأمراض الجلدية واضطرابات الجهاز التنفسي، فضلاً عن الأمراض المنقولة عبر الاتصال الجنسي. 
وفي السينغال على سبيل المثال يطلق على الأطفال دون مأوى اسم "تاليبي" وفي بوركينافاسو، ومالي، وساحل العاج يسمونهم بـ"غريب".
وتنادي جمعيات ومنظمات ناشطة في حقوق الانسان والطفل بحماية حقوق الاطفال الذي يعانون من التهميش ويفتقرون للسند والمأوى بالحفاظ على سلامتهم الجسدية والمعنوية والنفسية والنهوض بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وابعادهم عن مستنقع الانحراف والانحلال الاخلاقي والاستغلال المادي والجنسي. 
وتبدو اشكالية الأطفال في وضعية الشارع معقدة بالنظر للعوامل المتسببة فيها من بينها الفقر والهجرة القروية وتشغيل الأطفال والهدر المدرسي أو ضعف إجراءات الرعاية.
واطلقت الدورة الثامنة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية "أفريسيتي" والمنظمة تحت رعاية الملك محمد السادس حملة لحماية أطفال الشوراع في افريقيا.
و"أفريسيتي" تعد أكبر تجمع في القارة الإفريقية، وتنعقد كل ثلاث سنوات.
ورفعت الدورة الحالية شعار "لانتقال نحو مدن ومجالات ترابية مستدامة: دور الجماعات الترابية الإفريقية".
وتعمل الدورة الحالية على مناقشة السياسات والاستراتيجيات المشتركة التي ينبغي وضعها وتفعيلها على المستوى المحلي والوطني والإقليمي، بهدف تحسين ظروف عيش الأفارقة، كما تهدف إلى تشجيع التفاعلات والشراكات بين كافة الفاعلين في مجال التنمية لتحقيق وحدة وأمن إفريقيا.

أطفال
الدعم ضروري

أشاد العاهل المغربي الملك محمد السادس بإطلاق "حملة مدن إفريقية بدون أطفال في وضعية الشارع"، كما نوه بمبادرة "الرباط مدينة بدون أطفال في الشوارع".
واعتبر العاهل المغربي أن من بين 120 مليونا من أطفال الشوارع في العالم، هناك 30 مليونا يكابدون مرارة العيش في شوارع قارتنا. وهو ما يعني أن ربع عدد أطفال الشوارع في العالم هم أفارقة واعتبر انه "بالإضافة إلى ما يثيره هذا الرقم المهول من قلق شديد، فإنه يعكس واقعا يتعارض مع القيم العريقة لمجتمعاتنا الإفريقية، القائمة على التضامن وسمو الأسرة".
وأكد الملك محمد السادس أنه "مثل باقي دول إفريقيا والعالم التي تواجه التحدي المرتبط بمشكلة الأطفال بدون مأوى، فإن المغرب لا يحيد للأسف عن هذه الظاهرة".
 واضاف أنه "لا ينبغي الاكتفاء بإطلاق هذه الحملة، ولا الاقتصار على تدشينها دون المضي بها إلى تحقيق الغاية منها. فلا بد من التنزيل الفعلي والمنظم والمستدام لالتزام المدن بالتخفيف من وطأة هشاشة الأطفال في أجل لا يتجاوز ثلاث سنوات".
وقال "نحن نطمح من خلال هذه الحملة إلى تعبئة أكبر عدد من المدن والمناطق الإفريقية، وارساء تدابير وإجراءات ملموسة، ومبادرات عملية على الصعيدين الوطني والقاري لحماية الطفولة المهمشة".
وأضاف العاهل المغربي أن "المسؤولية تقع على عاتقنا جميعا، نحن الأفارقة، لاستثمار الشراكة العالمية التي تبلورت حول أهداف هذه الخطة، من أجل المضي قدما على درب التنمية المستدامة، وتأمين أسباب الرقي للشعوب بشكل عام، وشروط التنشئة السليمة للأطفال بشكل خاص".
وأضاف "يتوقف مستقبل مدننا وأوطاننا على ما نقدمه اليوم لأطفالنا، بمن فيهم أطفالنا الذين يعانون من الهشاشة. فلا مجال للتغاضي عن حقيقة وجودهم".
وتظافرت العديد من الجهود الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في المغرب لحماية الطفولة بالمغرب، وارساء مبادرات مثل برنامج "اندماج" للقضاء على ظاهرة الأطفال الذين يعيشون أو يعملون في الشوارع.
وخلص الملك محمد السادس إلى أن "إفريقيا لن تتمكن من كسب رهان اللحاق بركب القوى الصاعدة ما لم توفر الحماية لأطفالها. ولن يكون بامكانها أن تستفيد من العائد الديمغرافي دون تعزيز الحماية لفائدة الأجيال المستقبلية".
وعبرت رئيسة شبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا، سيليستين كيتشا كورتس عن قلقها من تزايد أعداد أطفال الشارع في إفريقيا وقالت أن "كل الأطفال هم أطفالنا وليسوا غير مرئيين".
وحضرت الأميرة للا مريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل بمراكش  حفل الإطلاق الرسمي للحملة الإفريقية بدعم من صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونسيف).
وترأست للا مريم حفل التوقيع على ثلاث اتفاقيات تهدف لحماية حقوق الأطفال.
واعتبرت لمياء بزير المديرة التنفيذية للمرصد الوطني لحقوق الطفل أن المرصد يلتزم بتعبئة المدن الإفريقية ومواكبتها من أجل صون كرامة الأطفال في وضعية الشارع.

ونوهت وزيرة الأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي بالنموذج المغربي في مجال حماية الطفولة، كما دعت المشاركين في قمة "أفريسيتي" إلى الإقتداء بالمغرب بحكم التقدم الكبير في هذا المجال.
قالت أنه "ليس من باب إطلاق الشعارات بل من باب تحقيق الأمن والاستقرار والحماية في وقت تعددت مصادر الاعتداء على الأطفال، من اعتداءات جنسية وتشغيل للقاصرين أو الاستغلال في المواقع الرقمية".

ومن المتوقّع أن يرتفع عدد السكان في المدن الإفريقية الكبرى التي تعاني أصلا من اكتظاظ سكاني وأوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة وطفولة مهمشة  في مناطق كثيرة منها من 500 مليون نسمة إلى مليار سنة 2040. وإفريقي واحد من كلّ اثنين سيعيش في المناطق الحضرية.
قال جان-بيير إلونغ مباسي إن "الرهان الديموغرافي هو أكبر الرهانات في إفريقيا لأن النموّ السكاني يزداد. وعلينا الانتظار حتّى العام 2060 قبل أن نشهد تراجعا في عدد السكان".