درنة تتحرر، والإسلام السياسي يحتضر

هناك تسمية واحدة ممكنة لمجرمي-ثوار درنة: المهزومون.

عندما شعر الاسلام السياسي بمختلف مكوناته الاجرامية بدنو اجله من خلال نتائج انتخابات العام 2014 اعلن عدم اعترافه بنتائجها، سارع وبكل ما يملك الى الهجوم على المطار الدولي للعاصمة والأحياء السكنية القريبة منه، فكان ان شردت آلاف العائلات ودمرت مئات المباني العامة والخاصة ناهيك عن تدمير المطار بما حوى من معدات وطائرات حديثة فأصبح قطاع النقل الجوي اثرا بعد عين. استولى على العاصمة، تربع على العرش، لكنه ظل ينظر الى انتفاضة العسكر والجماهير المغبونة في شرق الوطن على ان نهايته ستكون قريبة على ايديهم. عمل ما بوسعه من اجل واد الانتفاضة حيث سيّر مئات الجرافات من موانئ الغرب الليبي التي بسط سلطته عليها محملة بالمرتزقة والأسلحة والمؤن الى بنغازي ودرنة. تحررت بنغازي رغم الجراح الاليمة، ولم ينفع التباكي على المجرمين هناك وبالأخص في قنفودة حيث قاموا بلطم الخدود وشق الجيوب ومراسم العزاء والصلوات على الغائبين لاستدرار عطف اولئك الذين اتوا بهم ليعيثوا في البلاد فسادا.

درنة آخر معاقلهم بشرق الوطن، لم تفلح الوساطات من اجل اخراج المجرمين من المدينة وتجنيب اهلها ويلات الحرب والدمار. استنفذت كل الاوقات المستقطعة وكان لزاما على العسكر تحرير المدينة بأي ثمن، فكانت ذكرى انطلاقة عملية الكرامة ايذانا ببدء تحرير المدينة. تساقطت الاحياء الواحدة تلو الاخرى في زمن قياسي ينم عن مدى الخوف والهلع الذي اصاب المجرمين، لأنهم يدركون جيدا مصيرهم المشئوم فالبحر من امامهم والعسكر من خلفهم فلا مفر.

وكعادتهم عندما تدور بهم الدوائر، يعمدون الى حرق الحقول والموانئ النفطية التي تمثل ايراداتها قوت الشعب الليبي، في محاولة منهم لتخفيف الضغط على شراذمهم المحاصرة، عند هزيمتهم في بنغازي، لم يطب لهم المقام في الموانئ النفطية، فارتحلوا يجرون اذيال الهزيمة بعد ان احدثوا بعض الاضرار في المجمعات البتروكيماوية. هذه المرة يبدو انهم استجمعوا قواهم المشتتة في الصحراء. المؤكد انهم لن يقووا على الصمود طويلا. الضربات الجوية والبرية انهكتهم. الراعي الرسمي المتمثل في المجلس الرئاسي، اعلن في بيان مقتضب تبرؤه مما يقومون به وبأنه لم ينسق معهم، فلعنات شهداء مجزرة براك الشاطئ تطارد الرئاسي كما العصابات الاجرامية، نتائج التحقيق تم حجبها لأنها تؤكد تواطؤ الرئاسي مع مجرمي بنغازي التائهين في الفيافي والقفار.

الطلب الذي تقدم به رئيس مجلس الدولة الى مجرمي-ثوار درنة بتغيير اسمهم لم يعد يجدي، فالذين تم اسرهم اعترفوا بأنهم يتبعون القاعدة وتنظيم الدولة وهم من جنسيات مختلفة. اما الليبيون منهم فإنهم كانوا مطلوبين من قبل الاجهزة الامنية بالنظام السابق لانخراطهم في تنظيمات ارهابية، ومن كان مسجونا منهم لم يقم النظام السابق بإطلاق سراحهم وتسليحهم لان الشرق انشق باكرا عن النظام، فمن قام بالتدريب والتسليح هم من استقوى بهم الاخوان على بني جلدتهم.

المضحك المبكي هو التفوه المستمر لمتصدري المشهد من الاخوان والمقاتلة، بأنهم ضد التدخل الخارجي في شؤون البلاد، وانه في حالة جلوس الليبيين الى بعضهم دونما وصاية او رقابة من الخارج فستحل المشاكل بأسرع ما يمكن، أليسوا هم من طلب التدخل الخارجي وتدويل الازمة الليبية؟

درنة اوشكت على التحرر والتخلص من اراذل البشر. شرق الوطن قاب قوسين او ادنى من اعلان النصر، وتبقى العاصمة تئن وتنتظر تخليصها من براثن وحوش لم تبقي ولم تذر، قد يشدد الاسلامويون من قبضتهم على العاصمة لأنها اخر معاقلهم، وأيام من ضنك العيش والبؤس والشقاء تنتظر سكان العاصمة. الاوصياء علينا يبدو انهم ضاقوا ذرعا بالأزمة الليبية، اوكلت المهمة الى فرنسا صديق العدو اللدود، الإسلام السياسي يحتضر.

اننا ننتظر وبفارغ الصبر اللحظات التي يساق فيها هؤلاء الذين يدعون المدنية وقبول الرأي الاخر، الممولين الاساسيين لكافة العمليات الارهابية، الذين تفرش لهم البسط الحمر ويستقبلون استقبال رجال دولة، وهم في الحقيقة من دمر الدولة ومؤسساتها، وشرد شعبها وأهدر اموال الشعب الذي اصبح افقر شعب غير قادر على سد رمقه، ننتظر ان يساق هؤلاء الى العدالة زمرا ليقول فيهم القضاء كلمته. نتمنى ان يكون ذلك قريبا.