رعاية ليبيا... هل نحن قصّر وفاقدي اهلية؟

الفئة المثقفة التي كنا نعول عليها، اثبتت انها غير قادرة على تسليط الضوء على ما يحاك ضد الوطن من مؤامرات وتوعية الجماهير.

ما انفك المساهمون في تدمير البلد وعلى مدى سبع سنوات في اقامة مؤتمرات (مؤامرات) حول ليبيا بدءا بمؤتمر اصدقاء ليبيا ذي النسخ المتعددة وانتهاء بمؤتمر صقلية المزمع عقده قريبا. حجتهم في ذلك هو التوفيق بين افرقاء الصراع المختلفين اختلاف الاجندات التي يمثلونها ومن ثم اعادة اعمار ما تهدم، وفي حقيقة الامر انما يسعى هؤلاء الى صب المزيد من الوقود وليس الزيت على النار ليستمر اوار الحرب ويزداد لهيبها لتقضي على كل شيء حي. بمعنى محاولات دنيئة في وجه التقارب الذي قد يحدث بين ابناء الوطن الواحد وبالأخص الشرفاء منهم الذين لاشك انهم اخذوا يستشعرون الخطر الذي يحدق بالبلاد وادّى الى انهيار كافة المؤسسات التي وان قال البعض عنها بأنها لم تكن موجودة في السابق لان ابصارهم وبصائرهم لم تعد تنظر للأشياء والأمور كما هي. فالشواهد على وجودها كثيرة ولا تحصى، بدءا بالقطاع الامني الذي كان يؤمن الحدود من الاختراقات الاستخباراتية الدولية، مرورا بالصمود لما يقارب الستة اشهر في وجه الاعتداء الخارجي وعملائهم على الارض، وان تم بحجج واهية وهي حرية الرأي والتعبير وحماية المدنيين، ونعرج على الكم الهائل من خريجي الجامعات والدراسات العليا والتعليم المجاني، وصولا الى مئات الالاف من العمائر، اضافة الى شبكات الطرق التي جعلت لخير الانسان، لا شك ان وراء اقامة هذه الاشياء الملموسة ادارات (مؤسسات) فاعلة، لن تحجبها الخرق البالية ذات الشعارات الزائفة التي يرفعها العملاء.

السنوات الاخيرة وبالأخص بعد غزوة المطار تشهد البلاد اصنافا متعددة من الظلم والقهر والجور والفقر، والشعب لم يحرك ساكنا؟ترى هل تم تخذير الشعب؟ام انه فقد ثقته بأولئك الذين اوصلهم الى سدة الحكم؟ فالكثير من هؤلاء المنتخبون أعلنوا انهم في حل ممن انتخبهم فأعلنوا استقالاتهم (التنصل من العقد الاجتماعي)، وأصبحوا يلهثون وراء مصالحهم الشخصية. ام ان الشعب لم يعد يطمح بالتغيير وارتضى لنفسه الذل والمهانة والاحتقار؟ الأوضاع المعيشية اصبحت لا تطاق وما يقال عن خطة اصلاح اقتصادية ما هي إلا حلول مؤقتة لازمات متفاقمة قد يستفيد منها بعض شرائح المجتمع واعني بهم المرضى صحيا، ولكنها بالمجمل تصب في صالح التجار الذين ما انفكوا يطالبون بتعديل سعر الصرف ليزدادوا غنى.

بعض دول الجوار والغرب ينظرون الى الشعب الليبي على انه قاصر لم يبلغ سن الرشد بعد، بمعنى انه غير قادر على ادارة شؤون البلد المتعدد الموارد الى ان يشب عن الطوق، البعض الاخر من تلك الدول تنظر الى الشعب على انه فاقد للأهلية وبالتالي عليها تولي اموره الى اجل غير مسمى، فمن وجهة نظرها لا امل في تعافي الشعب وتتمنى ان تسير الامور على ماهي عليه الان.

الفئة المثقفة التي كنا نعول عليها، اثبتت انها غير قادرة على تسليط الضوء على ما يحاك ضد الوطن من مؤامرات وتوعية الجماهير، بل نرى غالبية هؤلاء المثقفين يسعون الى تحقيق مصالحهم الشخصية، بدءا بتزييف الحقائق ومرورا بالتملق، لم يعد لدى الكثير منهم شيء اسمه الوطن وما يعانيه اهله، بل نلاحظ انهم لا مانع لديهم من تغيير جلودهم كما تغير الحرباء جلدتها، ويعلنون بأنهم حديثو الولادة متنكرين لماضيهم، وانتهاء بعملهم كأبواق للسلطة الحاكمة (من شب على شيء شاب عليه) الجاثمة على صدور الليبيين.

لم يعد امام الجماهير إلا التحرك السلمي والخروج الى الشوارع وإسقاط كافة الاجسام التي انتهت صلاحيتها وتمسكها بالسلطة اطول مدة ممكنة وشهادة المندوب السامي الاممي خير دليل، الذين جعلوا البلد اضحوكة بين دول العالم، والعمل على انتخاب الاصلح والخروج من المأزق الذي سببه تدخل من قبل دول لم نكن نعيرها أي اهتمام او نحسب لها قيمة، ولكن التخاذل والعمالة عادة ما يكون ثمنها باهظ.لنثبت للعالم اننا لسنا قصر او فاقدي اهلية، وأننا قارعنا الاعداء رغم ندرة الموارد، وقلة الامكانيات، وحققنا استقلالنا بالتضحية بما لا يقل عن نصف عدد السكان آنذاك، استتبعه طرد القواعد والقوات الاجنبية وبقايا المستعمرين الطليان فأصبح البلد حرا طليقا.انه لمن المعيب على الشعب الابي ان تتحكم فيه شراذم من البشر مدفوعة الاجر، فلينتفض الشعب ولتسقط كافة رموز العمالة والخيانة من عسكريين ومدنيين ومثقفين.لنثبت للعالم اننا لسنا قطيعا من الحيوانات يحتاج الى راعي او مجموعة رعاة، وما نراهم إلا حفنة رعاع، بل بشر لنا ماضي وتاريخ وننشد مستقبلا زاهرا.