صفحات من تاريخ الحرب والثورة في مصر

ابتسام عبدالفتاح عنايت تسعى لرصد أهم المواقف المؤثرة في التاريخ  المصري والعربي.
خير وسيلة للتخلص من الصليبيين، هي توحيد البلاد الإسلامية تحت لواء صلاح الدين
بينما كانت أزمة الميزانية قائمة، كانت هناك وحوش رابضة على الشطر الآخر من البحر الأبيض المتوسط، تراقب فريستها

في كتابها "صفحات من تاريخ الفدائية المصرية" تسعى الباحثة ابتسام عبدالفتاح عنايت، لرصد أهم المواقف المؤثرة في التاريخ  المصري والعربي، لما كان لمصر من دور مهم منفتح على سائر البلدان العربية، خاصة وأنها كانت خاضعة للحكم العثماني ومن بعده للحكم الإنجليزي.
لكن الباحثة ترجع بالتاريخ إلى زمن العصر الأيوبي وما فعله صلاح الدين حين تعرضت الدول الإسلامية للخطر الصليبي. فرأى البطل صلاح الدين الأيوبي حاكم مصر أن خير وسيلة للتخلص من الصليبيين، هي توحيد البلاد الإسلامية تحت لوائه، فضم بلاد الشرق الإسلامي إلى حكمه، وتصدى للصليبيين فهزمهم شر هزيمة. لكن بدأ الأيوبيون يكثرون على شراء المماليك، الذين أخذوا يفكرون في فرض سيطرتهم على السلطات الحاكمة، والانفصال بالولايات.
تتوقف الباحثة عند تاريخ (1512- 1520)  حين بدأت استراتيجية الدولة العثمانية تتغير ويتجه زحفها اتجاهًا شرقيًا لحماية العالم السني من الزحف الأوروبي، فانتقل المشرق العربي إلى حكم الإمبراطورية العثمانية، وانتقلت الخلافة الإسلامية إلى آل عثمان.
وفي عام 1801 تنازع الإنجليز والفرنسيون والمماليك السيطرة على مصر، لكن صلابة الشعب المصري ووطنيته قادته إلى اختيار عمر مكرم؛ ليقودهم في الكفاح. ثم تولى محمد علي الحكم وجاء من بعده الخديوي إسماعيل، الذي لم يدرك خطورة الموقف الاقتصادي في عهده، بعد أن أغرق مصر في الاستدانة من الأجانب بفوائد باهظة، مما أضعف مصر من الناحية السياسية. ووقفت إنجلترا وفرنسا على أهبة الاستعداد للتسلل إلى الأراضي المصرية.
تم عزل الخديوي  إسماعيل، وتولى الخديوي توفيق الحكم، وقامت ثورة أحمد عرابي لإنقاذ البلاد وتحققت آمال عرابي وسقطت وزارة رياض، وتولى شريف الوزارة الذي أسرع بالعمل من أجل إقامة حياة نيابية، ووضع دستور، وفيه حرم مجلس النواب من حق مناقشة الميزانية، خشية تدخل الأجانب.
تقول المؤلفة: بينما كانت أزمة الميزانية قائمة، كانت هناك وحوش رابضة على الشطر الآخر من البحر الأبيض المتوسط، تراقب فريستها، وتتحين الفرصة لتنقض عليها. إذ أرسلت إنجلترا وفرنسا «المذكرة المشتركة» في (7 يناير/كانون الثاني 1882) إلى الخديوي توفيق، وفيها وعدتاه بتأييده وبدأتا استعدادهما التام لمقاومة كل أسباب المشكلات الداخلية والخارجية، التي قد تهدد النظام القائم في مصر، بل والتدخل المسلح إذا لزم الأمر. وقبل الخديوي المذكرة وشكرهما. فزاد سخط الشعب عليه، بل زاد تآلف القوى الوطنية وتكتلها ضد الخديوي، والتدخل الأجنبي المنتظر.
وبحجة تدعيم سلطة الخديوي وحفظ الأمن والنظام في مصر، دخل الأسطول الفرنسي الإنجليزي المشترك إلى مياه الإسكندرية، وقدمت «مذكرة مشتركة» جديدة لإسقاط الوزارة، وإبعاد عرابي عن مصر مؤقتًا.
تكشف الباحثة أن الإنجليز دخلوا  مدينة القاهرة في (15 سبتمبر/أيلول 1882)، بل وسيطرت إنجلترا أيضًا على السودان بعد توقيع اتفاقية عام 1899، وفيها تشترك مع مصر في حكم السودان. وبدأ الاحتلال البريطاني الذي جثم على مصر ما يقرب من ثلاثة وسبعين عامًا. وبدأ معه نضال الأبطال المصريين الذين ملأت سجلات التاريخ بأسمائهم ومواقفهم الوطنية. واشتد الوعي القومي لتحرير أرض مصر من يد الطغاة.
تروي الكاتبة كيف قام البطل مصطفى كامل بعملية توعية كبرى، فألهب حماس الشباب بحب الوطن. ووجه اهتمامه إلى إنشاء المدارس الأهلية لتعليم الشعب، كذلك أنشأ الحزب الوطني وجريدة اللواء، ودعا إلى إنشاء جامعة مصرية أهلية. قام مصطفى كامل بشن حملات وطنية داخل مصر وخارجها للمطالبة بحقوقها.
أما في حادثة دنشواي عام 1906، فإنه قام بشرح فظائع الإنجليز في مصر للشعوب الأوروبية كلها، بعد أن نصب الإنجليز المشانق للمصريين أمام الأهالي، والتي كان الغرض منها أن يثبتوا للمصريين سيطرتهم الكاملة على كل جزء في مصر، كذلك استحالة تركهم الأراضي المصرية.
توفي الزعيم مصطفى كامل عام 1908، وجاء من بعده محمد فريد، الذي كان دوره مكملاً لدور مصطفى كامل، إلا أن السلطات الإنجليزية قبضت عليه ونفته خارج مصر، وظل فريد يؤيد الحركة الوطنية، وهو خارج البلاد عن طريق سكرتيره خليل مدكور، فكان يرسل المساعدات المادية والأدبية للوطنيين.
كثرت المناقشات والمفاوضات عن جلاء القوات الإنجليزية، لكن تأكد المصريون أنها مجرد وعود كاذبة لتثبيط عزم المصريين ووقف نضالهم. حكم الإنجليز مصر حكمًا استبداديًّا بواسطة المندوب السامي البريطاني والموظفين الإنجليز، الذين أخذ عددهم يتزايد في جميع المصالح الحكومية، فكانوا بمثابة أداة لتنفيذ سياسة حكومتهم الاستعمارية في مصر.
يذكر أن كتاب صفحات من تاريخ الفدائية المصرية” لمؤلفته ابتسام عبدالفتاح عنايات صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. (وكالة الصحافة العربية)