عبدالمهدي.. آخر عنقود العملية السياسية

تشكيلة الوزارة العراقية الجديدة تجعل العراقيين ينتظرون الوزارة القادمة بعد الانتخابات القادمة من الآن.

لم يكن ما كنت قد أشرت اليه في مقالي السابق تحت عنوان "العراقيون.. والمهدي المنتظر" قد جاء بجديد، سوى أنني أشرت الى أن على العراقيين أن يغسلوا أيديهم من أية حكومة يتم تشكيلها لإنقاذهم من محنتهم التي طال إنتظارها.

والرجل عادل عبدالمهدي أظهره الكثيرون على أنه هو آخر عنقود العملية السياسية وخاتمة مطافها. فأما أن  تنجح هذه المرة، أو أن يشيعوها الى مثواها الأخير.

وما إن تم الإعلان عن وزارة عبدالمهدي، حتى صعق كثير من العراقيين لما ظهر فيها من أسماء، وبدت وكأنها ليست أكثر من حكومة ترقيعية  لا تقدم ولا تؤخر، ولا يمكن أن يثق بها العراقيون، وليس بمقدورها أن تنقل حياة هذا الشعب الغارق في بحور الأزمات والمعاناة الى ما يتمناه من حالة أفضل.

أما برنامج الحكومة فقد تكفل به النائب فائق الشيخ علي، وقال عنه ما يستحق، وهو كما يبدو من مضامينه، لا يستند على أساس في الواقع، بل لا يعدوا كونه سوى من نسج الخيال.

والطامة الكبرى أن الأميركان سرعان ما يباركون لأية حكومة يتم تشكيلها في العراق، بعد أن ضمنوا ما يريدونه من فرض شخصيات تابعة لهم، وكذا الحال مع بقية الكتل الكبيرة، بالرغم من ان العراقيين ساخطون عليها من رأسها حتى قدميها.

أما الإيرانيون فقد قبلوا بها على مضض، ودول الجوار من عرب الخليج تراقب المشهد السياسي، وإن أعلن البعض تأييدهم لها، فهو لأغراض تجارية تخدم مصالحهم هم، وليس لها علاقة بما وصلت أليه أحوال العراقيين من تردٍ وانحطاط في مختلف المجالات، فهم يعرفون أنفسهم أنهم كانوا جزءا مما حل بالعراقيين من آلام ومصائب وما حل بهم من نكسات.

ولا يدري العراقيون كيف تكون هناك أحزاب إسلامية، ووزير عدلهم ليس بمقدوره أن يطبق القوانين الاسلامية التي يشرعونها كما هم يدعون. ولو تم استيزار مسيحية لوزارات الأعمار والري والموارد المائية وللهجرة أو لأمانة بغداد لكان أجدى وأفضل من أن تقود مؤسسات قضائية وعدلية يقولون هم عنها أنها تطبق الشريعة الاسلامية.

أما المثقفون والنخب المثقفة والإعلاميون والفنانون جميعا فقد صدموا لما تم عرضه من وزير لوزارتهم، ولا يدرون من تم ترشيحه.. أين كان.. وعند أي حلاق يحلق.. وراحت الأسماء اللامعة للنخب العراقية تندب حظها العاثر، لأن تم معاملتها باستخفاف وإحتقار بهذه الطريقة التي تم تغييب نخبها وهي كثيرة.. ووزارات أخرى ليست أقل حظا من وزارة الثقافة تعاسة.

أما الإخوة الكرد فهم وحدهم الذين يفوزون بالوزارات وهم من يفصلون ويفرضون من أسماء، وهم وحدهم لهم حصة الأسد من الوزارات والمناصب السيادية التي يختارونها، رغما عن أنوف قادة العملية السياسية، وبلا مناقشات.

وما على العراقيين إلا إنتظار السنوات الأربع المقبلة، ليقرروا بعدها كيف يكون بمقدورهم، أن تكون نهاية تلك السنوات العجاف.. وفيما اذا كان هناك سبع سنابل خضر بعد إن كن خمسة عشر يابسات. وربما ينطبق المثل العراقي المعروف على حكومة عادل عبدالمهدي "تيتي تيتي..منين ما رحتي جيتي."

ترى هل يعبر العراقيون المحنة هذه المرة، أم أن يودعوا العملية السياسية الى مثواها الأخير؟