فرصة الصدر الأخيرة.. والأسد الرابض

يرى الصدر أن البرلمان اليوم، بعد إزاحة الحلبوسي، بوضع متخلخل وإن هذا توقيت الانقضاض عليه.

من يتابع التطورات الدراماتيكية في مجرى ساحة الإصطراع التي تغلي في العراق يجد أن أمام السيد مقتدى الصدر الفرصة السانحة الأخيرة التي تعيد له هيبته، وربما تعيد له ترتيب الوضع السياسي العراقي من خلال سعي حثيث للوصول الى هدفه الأكبر وهو إسقاط الحكومة والبرلمان في آن واحد. فالوضع السياسي زاد من سخونته أمرأن مهمان. أولهما، دعوة الصدر لاتباعه لمقاطعة الإنتخابات المقبلة لمجلس المحافظات، والدعوة بحسب وزيره تشمل كل المناطق التي يتواجد فيها أتباع التيار الصدري، في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، ويكون بمقدورهم وفقا لهذا الأمر أو التوجيه من قبل السيد الصدر وقف مشاركة الآخرين في التصويت لانتخابات مجالس المحافظات، وهي، كما يؤكد محللون، الخطوة الأولى المرشحة للتصاعد الدراماتيكي للأوضاع بإتجاه مسارات أخرى يرى فيها السيد مقتدى الصدر فرصته لأن يعود الى الساحة العراقية بقوة من جديد. ولعله سيعمل على إسقاط الحكومة أولا ومن ثم البرلمان، ليطالب بإجراء إنتخابات مبكرة وفي أقرب وقت ممكن، وكما تعهد بها السيد السوداني ضمن برنامجه الحكومي الذي قدمه الى البرلمان لحظة ترشحه لرئاسة الحكومة، ولم يتم العمل به حتى الآن.

والأمر، أو الحدث الثاني الذي يساعد السيد الصدر هو إزاحة الحلبوسي من رئاسة البرلمان من خلال قرار للمحكمة الإتحادية، الذي قد حرمه من المشاركة في الإنتخابات المقبلة، كما يشير قانونيون. وهي فرصة يرى فيها الصدر ان البرلمان أصبح بوضع متخلخل، وربما آيلا للسقوط، وهو يحتاج فقط الى إستغلال الموقف المنهار لوضع تحالف إدارة الدولة الذي أصبح غير موجود لإزاحة أركانه التي إنهار أحدها، وهو ما يسهل على السيد الصدر أن يستغل حالة الفراغ وربما الغليان الداخلي للتيار الصدري وللجماعات التي دعت هي الأخرى لمقاطعة الإنتخابات، بالتحالف مع الكرد لإسقاط الحكومة والبرلمان في آن واحد لأن أحد كفة تحالف إدارة الدولة قد إنهار ولم يبق مع جماعة الإطار سوى الكرد الذين يتمنون سقوط الحكومة في أي وقت كونهم قد واجهوا مشاكل كثيرة ولم تتحقق أيا من مطالبهم ضمن تحالف ادارة الدولة الذي إنهار هو الآخر.

ومما يساعد السيد الصدر في تلك المهمة أيضا تخلخل الوضع الإقليمي لعلاقات العراق الإقليمية والعربية بعد إزاحة الحلبوسي من رئاسة البرلمان، وقد ترى الدول الخليجية ان تلك الإزاحة للحلبوسي من قبل الموالين للإطار هي موجهة لها قبل غيرها، وقد تفقد الكثير من حلفائها في العراق من المكون الآخر، إن بقيت الأوضاع تسير على تلك الشاكلة من التطورات التي تنبئ بمواجهات سياسية، قد تسير بالبلد الى ما لا يحمد عقباه، بحسب محللون، إن لم تتحالف دول الخليج مع السيد الصدر، لتعيد لها هيبتها هي الأخرى التي يبدو انها تعرضت لمأزق كبير.

الصدر المتربص كالأسد يرى في كل تلك التطورات أنها تسير الان في صالحه، والأحداث تتسارع اليه، لتؤكد له أنه أمام فرصة أن يكون سيد الموقف فهي فرصة لن تحدث بعد بكل هذا التخلخل والانهيار الذي بدت ملامحه، وهو ما يشكل لجماعة التيار الصدري ايضا فرصتهم الذهبية أن يتنفسوا الصعداء، وتكون المواجهة المباشرة بالنسبة لهم هي الاختيار الأمثل للفرصة السانحة وبأقل من الخسائر، لاعادة وجودهم الفاعل والمؤثر في الساحة العراقية بغد غياب، عاني منه الصدريون كثيرا، وهم بأمس الحاجة لكي يعود لهم ثقلهم السياسي الكبير بعد تلك الغيبة غير المبررة.