قرداحي وأزمة النخب

مال أم بي سي يصنع نجما يستكمل نجوميته باستعراض سياسي هو مثال للتوهان الفكري.
وزير إعلام في حكومة لا تمثل الا مرحلة فشل مستمر ومتصاعد

منذ ظهور برنامج "من سيربح المليون"، لم يقتنع الكثير بجورج قرادحي حين لبس قناع الشخصية النخبوية المثقفة اثناء عمله كمقدم لبرنامج اعتمد فيها للشهرة على مال القناة التلفزيونية العريقة التي رأت فيه حينها الشكل والحضور الاستعراضي المناسب ليحتل فراغا مطلوبا في هذا البرنامج. فقد مثل القناة المشغلة له في توزيع العطايا المستحقة على الجمهور حينها، واستخدم كل طاقاته الجسدية واللغوية والنفسية ليظهر كالمانح الفعلي وصاحب القرار والنفوذ في البرنامج الذي ذاع صيته، مما ساهم هذا البرنامج في مساعدته في النفخ ودون قصد لتشويه شخصيته الحقيقية الاستعراضية والمعتمدة على الشكل والصوت اصلا ودون اية مقومات فكرية او ثقافية.

ولكن ما أن انتهى دوره في البرنامج وتم الاستغناء عن خدماته، حتى بدء جورج قرداحي بالبحث عن تعبئة الفراغ النفسي واستغلال ما تم تراكمه على شخصه بسبب شهرته حينها وبدأ في تكريس نشاطاته في لبنان للحفاظ على المكتسبات المستحدثة واستخدامها وتدويرها وتضخيمها، وهي التي كانت بدايتها ومركزها الفرصة الذهبية في قناة ام بي سي الذهبية.

ولا عجب انه اتجه يحمل اسفارا الى مراكز القوى القائمة في لبنان والتي تتمثل بما يسمى "تيار المقاومة" ليلبس عباءتهم ويدخل مهللا ومطبلا لقطيع الشبيحة حاملا معه إرثا من التوهان الفكري والتصريحات المعدة مسبقا كسيرة ذاتية له مطابقة لحاجات محور الخراب في لبنان. فهذه النوعيات تبيح لنفسها استخدام جميع الوسائل لتصل الى مقدمة الركب ودون شعور بالذنب حين يمارس الرذيلة السياسية والغباء الثقافي. وهذا ما أتاح له أن يحتل منصب وزير إعلام في حكومة لا تمثل الا مرحلة فشل مستمر ومتصاعد... حيث كان ذلك بالنسبة له هدفا كامنا يدغدغ كل اطرافه وجعله يطلق التصريحات الصفراء والسوداء ليقتحم عالم الحكومات والوزارات.

لقد وجد نفسه وزيرا يجلس على كرسي بين الوزراء ومتحدثا رسميا باسم دولة فاشلة ودون أن يدرك ذلك. فالدولة في عهد الرئيس الحالي اصبح لها شخصيتها العبثية. فقد استوزروه ودون إدراك منه بأن دوره الحقيقي اكبر من حجمه المنتفخ بأضعاف. وحين بدأت مهماته اصبح ينطق بما لا يفهم معتمدا فقط على دفتر تعليمات التشغيل الخاص بالمحور المتنمر مما جعله يغرد بضوضاء لها رائحة البلاهة وعلى الشاشات وبغض النظر عن ماهية الموضوع للدفاع لا التراجع عن مواقف قبل وبعد تنصيبه وزير إعلام الدولة، فلقد تعود أن يبدأ البث بما يملك من تعليمات من دفتر التشغيل الخاص بالمحور الإيراني، والذي لا وجود لغيره في مخيلة هذا الوزير صاحب الفراغ الثقافي والسياسي.

وخلال ظهوره المتكرر مارس مقدم البرامج السابق دوما السبعة وذمتها في كل الحقائق وجيرها لصالح المحور المختل شخوصا وبرنامجا وهدفا، فهو يتحدث عن بشار الاسد كملاك وعن الحوثيين كأنهم طيور الجنة وكتاكيت المنطقة وهم فقط الشعب اليمني. كما أنه أيد تكوين انقلاب عسكري في لبنان كونه مقاوم...الخ، ولو رفع رأسه قليلا وسمع أو شاهد او قرأ لعرف وقتها ان ما ينطق به هو مخرجات تلقائية من ماكينة صنع برنامج تشغيلها في الضاحية الجنوبية.

لقد تكاثر الذين يلتقطون الحجارة النجسة ليرموها في البئر اللبناني والذي لن تنجح كل نخب لبنان العريقة في اخراج هذه الحجارة التي لوثت البئر وجعلته بئرا موبوءا ومهجورا بالنهاية.