هل نحن في المسار الصحيح أمام الكورونا؟

في مواجهة غول الوباء، يبرز سؤال غير اخلاقي: ماذا لو تركناه يأخذ حصته منا؟

تتواصل الإجراءات الإحترازية لمنع أو تخفيف انتشار فيروس كورونا في كل دول العالم حيث كان اخرها إعلان الرئيس الاميركي ترامب حالة الطوارئ الوطنية وتخصيص مبلغ خمسين مليار دولار لإجراءات التصدي لهذا التغول الوبائي في الولايات المتحدة مع محاولة تأخير انتشار المرض وتهيئة المستشفيات والمراكز الصحية لاستقبال اعداد المرضى المتوقع اصابتهم.

وكذلك قام العديد من الدول بالحجر السكاني الجماعي التدريجي حيث تعطلت معظم مظاهر الحياة تدريجيا بعد تقنين وتجميد معظم رحلات الطيران بين دول العالم، وكذلك تم تعطيل المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية المرادفة وقامت العديد من الشركات باللجوء الى تسريح للعمال والموظفين وتحويلها الى عمل منزلي لبعض الوظائف، وبدأت شركات كبرى تنهار بعد الخسائر المهولة المترتبة على هذه الحالة الاستثنائية... وانهارت اسواق المال والسندات العالمية وتوقفت مشاريع الانتاج والتطوير... حيث خلقت هذه الحالة صدمات اقتصادية وسياسية وأجتماعية مهولة ما زلنا نجهل نتائجها ونتائج التصدي لها على ارض الواقع.

كان وما زال ذلك يقوم على مقاومة دخول هذا الفيروس ألى مضاجعنا والتصدي لإنتشاره كي لا يطال المزيد من الضحايا المحتملين... ومع ذلك ما زلنا نرى إزديادا وانتشارا متلاحق في كل دول العالم لهذا الوباء مع توقعات بوصول النسبة المستهدفة للفيروس حتى 70 بالمائة من سكان العالم.. مما يعني ان ما تقوم به الحكومات هو تاخير الوصول لهذه النسبة الى ابعد تاريخ ممكن مع تمنيات بايجاد اللقاح المناسب لهذا الفيروس خلال هذا الوقت.

ولكن وأمام هذا التسارع في انتشار الوباء بالإضافة الى الخطوات الجريئة أو ربما المتهورة احيانا والتي قامت بها الدول لمكافحة انتشاره مع التفرغ الاعلامي لأخبار هذا الفايروس ومقارعته... بدأت تلوح بالافق مظاهر تشوه كامل في النمط الحياتي البشري والرديف الاقتصادي لهذا النمط المحكوم بالفوضى المدمرة بالنتيجة... ولا بد من التوقع بنشوء اعراض جانبية مادية ونفسية وردات فعل غير محسوبة تلقائية منفردة أو جماعية بحكم عقلية القطيع الغالبة على المجتمعات المتمترسة بروابط جامعة والتي ستنتج الهلع والإرباك وقلة الحيلة. بسبب التغير الاجباري في الحياة المعيشية ومصادرها وفقدان الأمان الصحي والأجتماعي.

هذا التغير الحاصل تدريحيا وغير المحسوب على جميع الاصعدة سيخلق بالتالي مصائب وكوارث ربما أكبر من مصائب انتشار المرض وسيطرته على مناحي الحياة المختلفة بالعالم... والمشكلة الكبرى هنا أن ذلك يتم دون التأكد من أمكانية استبدال الخطر الوبائي بخطر خلخلة المجتمعات بسبب مقاومة الانتشار، بل يبدو ان ذلك سيكون مرافق له ومضاعف لنتائجه الكارثية ربما، فاللاسف لا يملك العالم الان وسيلة فعالة مجدية لإيقاف هذا الوباء وما يقوم به هو بناء سدود هزيلة متفرقة وسط هذا الطوفان الجارف وليس أمامه... فقد صحى العالم على هذا الغول ونحن في وسطه لا أمامه... والطوفان حاصل لا مفر منه ولا مرد له ولا نملك وسيله إلا تأخيره بثمن باهظ وبالنتيجة لاحقا بقبوله واقعا جديدا ومرضا شائعا يجب ان نتكيف عليه مؤقتا لحين الوصول الى مفتاح مصله الذي سيستغرق وقتا اطول من وقت الحلول الكامل للفيروس على عالمنا وتمترسه في كياننا على ما يبدو.

وهنا قد يبرز السؤال غير الاخلاقي ربما: ماذا ستكون النتيجة العامة لو استسلمنا الان له وأدرنا ظهورنا شكليا للبحث عن روادع وأمصال تصفيته وتركناه ببعض الهدوء يأخذ دورته وحصته من البشرية (والتي يبدوا انه سيحصل عليها بأي شكل من الأشكال) ودون التخلص من الحمولة الزائدة والغير زائدة ايضا؟!

وعلينا أن نفكر الان كنوعا من التسلية على الأقل في زمن الكورونا: أليس ما نقوم به هو قذف أجزاءنا بالنار حتى لا يأكل بعضها الغول؟