"للرحيل طقوس أخرى" وصورة الرجل

حنان باشا طوفت بالقارئ في مجموعتها القصصية على تحولات موقف المرأة العربية من الرجل.
عناية الكاتبة تبدو بما ستقوله وبالطريقة التي ستقوله بها، وبالإطار الذي ستضعه فيه واضحة منذ عتبة النص المفتوحة على إيحاءات عميقة
حنان باشا استطاعت أن تقنع القارئ منذ إطلالة عنوان المجموعة بأنها تكتب بلغة الروح قصصها

"للرحيل طقوس أخرى" هو عنوان المجموعة القصصية الصادرة عن دار دجلة ناشرون وموزعون عام 2014 للكاتبة الأردنية حنان باشا.
طوفت حنان باشا في هذه المجموعة بالقارئ على تحولات موقف المرأة العربية من الرجل، ورسمت فيها له صورة مضمخة بالعاطفة النقية المتزنة التي تحمل موقف المرأة العربية من الرجل في زمن ادلهمت فيه أمور الحياة، واشتدت فيه الصعاب، وتجمعت فيه الشدائد الاقتصادية والاجتماعية على المجتمعات العربية.
وتبدو عناية الكاتبة بما ستقوله وبالطريقة التي ستقوله بها، وبالإطار الذي ستضعه فيه واضحة منذ عتبة النص المفتوحة على إيحاءات عميقة مرتبطة بالرحيل الذي يستفز كل ما يرتبط به من تعب وحزن وغياب وفقد ويثير عواصفه ويستدعي آثاره في النفس. ومرتبطة بالطقوس التي يستدعيها مشهد الإعداد والوداع والبكاء والتلويح والمراقبة والانتظار والترقب والبحث عن آخر نظرة وما بعدها، وبما حملته لفظة "أخرى" من كسر لحدود التوقع لتداعيات هذا الرحيل وطقوسه.
 وامتدت عناية الكاتبة بالمشاهد التي ستنقلها لنا إلى العنوانات الفرعية التي جاءت هي الأخرى مكثفة موحية، وحملت دلالات عميقة من القص والسرد، وكانت جزءا فاعلا فيهما، ولم يكن وضعها اعتباطيا وكماليا.
لقد استطاعت حنان باشا أن تقنع القارئ منذ إطلالة عنوان المجموعة بأنها تكتب بلغة الروح قصصها، وبأن عليه أن يعد نفسه لمواجهة ما يكتنه هذه الروح من تحولات بندولية بين الوضوح والغموض، والقلق والهدوء، والخوف والإطمئنان، والحب والكره، والمثالي والمرفوض، ونبّهته على أنه سيقرأ قصصا كتبت بلغة القلب والروح فيها أنفاس شعرية لطيفة موزعة بين رمزية غائرة في المعنى، وإيحاءات لطيفة تنتشر على أطراف الكلمات والجمل، وبساطة ترتدي ثوب الرقة والدقة لا المباشرة الممجوجة، ولا الخطابية المنبوذة، وبتقنيات سردية متنوعة تقلّبت بين الحوار والمونولوج، والسرد، والأسئلة، والوصف، وبكثافة واعية، وبأسلوب ماتع يميل إلى جعل الحياة تنتقل بسلاسة بين الجمل العابقة بالحياة اليومية والمشاهد المنتقاة من أعمارنا.

الكاتبة حنان باشا رسمت في هذه المجموعة صورة الرجل الذكوري الذي يستخدم قوته وخبرته وعضلاته في تعامله مع المرأة، وبنت هذه الصورة بروية وذكاء وحنكة

فما أن يبدأ القارئ بقراءة الخمس والثلاثين قصة التي توزعت بين القصة القصيرة والقصة الومضة حتى يشعر أنه أمام كاتبة تنسج بنول إبداعي له نمطه الخاص ونقشه الخاص، وطريقته الخاصة في النسج، وأن غزلها مميز عالي الجودة، وخيطها ساحر، وأن نقشَها لوحاتٌ منمنمة من البوح الشفيف الذي يحمل مواقف من حياة الأسرة  وبخاصة العلاقة بين الزوج وزوجته، والرجل والمرأة، وهي بنتْ هذه القصص على أساس واضح من الفقد والرحيل والانتظار فاضت بها قصص المجموعة.
كما تفيض قصص هذه المجموعة بروح الأنثى في سعيها للحياة، وبحثها عنها، فتبدو صورة المرأة في هذه المجموعة القصصية واضحة في صراعها العاطفي والاجتماعي والإنساني والحقوقي مع الشريك والحياة والمجتمع الذي يحاصر أنوثتها بإحباطات كثيرة ومعيقات ذكورية وأنثوية ومادية ومعنوية عديدة فقد ظهرت في قصص المجموعة صورة المرأة المضحية والمحبة والمصدومة والمنكسرة وصاحبة القرار والمكافحة والمتعبة من الهم والحزن والفقد والخذلان، وصورة المرأة التي تصر على أن تبقي قلبها نديا بالحب عابقا بالجمال، ومتطلعا إلى الأجمل والأفضل والأكمل، لا تحبطه المحبطات، ولا تعيقه العقبات عن نبضه الجميل المليء بالحب.
ومقابل هذه الصورة التي رسمتها حنان باشا للمرأة العربية في مجموعتها القصصية "للرحيل طقوس أخرى" رسمت صورة الرجل العربي وهو يسعى في هذه الحياة في مواجهته لكل إحباطتها ومعيقاتها، أو في انصياعه لذكوريته الطائشة أو المتعالية، أو في انحيازه إلى شريكته ورفيقته في السعي والكد والمواجهة والبناء، أو في غيابه وحضوره، وقسوته ولينه.
ومما يلحظ أن صورة الرجل في هذه القصص لم تحمل صفة واحدة غطّت بروحها على القصص كلها، ولا يمكننا أن نقول إن نمطا وحيدا من الرجال هو الذي جمع شخصيات الرجال في القصص، وإنما تعددت الصور وتعددت وظائف الرجل فيها، واختلفت إيحاءات وجودهم ودلالاته فيها. وكل ذلك، كما يرى الكاتب، مرتبط برؤية القاصة التي لم تسمح لموقفها من الرجل أن يظهر للعلن واضحا في قصصها فهي بنت صورة كلية للرجل في ذهن القارئ من غير أن تقف موقفا علنيا حاسما مؤيدا كان أو معارضا. وأكد ذلك  النص الذي افتتحت به المجموعة القصصية "أما قبل" الذي ألقت فيه علينا مجموعة من الأسئلة السابرة التوجيهية، وكثفت فيه ومضات  عن الحياة والحرية والحب والاستقلال، ووضعت أمامنا أسئلة عما يمكن أن يقوله الرجل، وعما يمكن أن تقوله الأنثى. 
وبنيت المجموعة القصصية على أثر الفقد والغياب والرحيل والغربة والانتظار، وكانت صورة المرأة فيها هي المسيطرة والراعية والموجهة والمغيرة والمضحية، وأظهرت اعتماد الرجل الكبير على المرأة، وحاجته إليها، وأنه في طبيعته الذكورية يتصف بصفات الجفاف والقسوة ولا تغير طبيعته هذه إلا المرأة. ففي قصة "سراب حيث ينتمي" تنبئ عتبة النص عن السراب المتشكل من رجل في صورة عاشق خذل حبيبته وغاب حتى امتصه الدهر، ولما عاد إلى الظهور بشيبه كان أكبر همه معاودة اللعب بعواطف حبيبته مرة أخرى؛ فهو تمنى أن يلعب ابنه مع صغيري حبيبته السابقة التي رآها صدفة وتمنى لقاءها ليحقق رغبته برؤيتها، ولم يفكر لحظة بشعورها، ولا حدّث نفسه عن مشاعرها، ولا فكر بسؤالها عن أحوالها، فهو يلعب بنبضات الحب، ويعبث بها ويلهو كما يلعب الأطفال بألعابهم ويلهون ويعبثون، ولا هدف له غير ذلك، ولهذا جعلت الكاتبة مكان اللقاء ملاعب الأطفال بما توحيه من عبثية وبحث عن المتعة المتحللة من كل الالتزامات.
وأما في قصة "طاعن في الحزن" فقد صورت الكاتبة الرجل المثالي المحب الوفي الذي يحفظ الود والحب والعشرة ويرفض الخيانة، ولا يفتأ يذكر زوجته الراحلة. يقول: "ماذا ستقول عني...خائن؟".
يوحي ظاهر النصوص التي حوتها هذه المجموعة القصصية أن الكاتبة حيادية في موقفها من الرجل فقد أعطت لكل شخصية ما يناسبها من كلام عليها وفق الحال التي وضعتها فيها ووفق الموقف الذي وضعتها فيه، وتكثر أمامي الصور المختلفة التي رسمتها الكاتبة للرجل في هذه المجموعة القصصية التي جعلتني أقول بأن الكاتبة بذلت جهدا ذكيا في رسم صورة ذهنية قاتمة عن الرجل انعكست عن إلحاح ذكي على صور سلبية للرجل أساسها الجفاف والقسوة والجمودـ وظهرت في أكثر من لوحة ومشهد وسرد وحوار، استخدمت الكاتبة لبثها في عقل القارئ تقنيات سردية كثيرة منها: المنولوج، والأسئلة، والحوار، والسرد، والوصف. ومن ذلك أن أكثر الشخصيات الذكورية في قصص المجموعة جاءت من غير أسماء، ولا يكون ذلك في القصص القصيرة إلا لغاية وهدف وجزء من حديث النص مع القارئ.  
حملت قصة "لا يتقن الحب" نفسا غاضبا من الرجل ظهر في العنوان، وامتد إلى أحداث القصة ومفرادتها تقول: "تهرع لتحضير الحّمام لسيد البيت قبل أن يبدأ رحلة عبوسه المعتاد وهمهماته غير المفهومة - لا لسبب -؟" اختارت الكاتبة مفرداتها بعناية وقصدية  في هذه القصة؛  فهي اختارت لفظة "سيد" من بين كلمات كثيرة كانت متاحة أمامها لتوحي بالقسوة والقوة والطغيان، وتقول: "أي رجل هو (حازم) اسم على مسمى!" وتقول: "هل عمله في الإدارة جعله يصبح جافا وحادا هكذا؟" وتقول: "ولكنه بخيل في شيء واحد .. الحب", وتقول: "ولم تعرف حتى الآن على الرغم من مرور خمس سنوات على زواجها منه إن كان يحبها أم لا ". 
وفي قصة "ليته يتزوج بأخرى" يوصل الرجل المرأة بوجومه وجفاف تعابير وجهه إلى أن تطلب منه أن يلقي بحمله على أخرى، تقول: "وكفت عن المحاولة". وفي قصة "على فتيل.." يقف الرجل غير مكترث جامدا ساكنا جافا وهو يراقب نجاح زوجته وتفوقها، تقول: "أم هي محاولة للتخلص من فكرة أنه قد يكترث ولو للحظة لمعرفة سبب خروجها ليلا وهو غارق بدفء مقعده!" وتقول: "وعادت الدكتوره إلى بيتها الخالي المعتم علّها توقد فيه شمعة". وتقول: "يااه لبرودك! كل حطب العالم لا يكفي لإشاعة الدفء من حولك ... كل شيء يفقد هالته معك، أنت غريب الأطوار". 
وتعرض موقف الرجل في هذه الجملة: "أجل يا قوم .. إنها الدكتوره فلنصفق لها وقد عادت أخيرا لبيتها المعتم فلتذهبي للنوم، وكفي عن الهراء!" 
وفي قصة "تباً للباب" تظهر صورة رجل غضبه محتدم، ومزاجه متفجر، كثير الصراخ. تقول: "تخشى عليه من غضبه المحتدم ... من مزاجه المتفجر". وفي ومضة "كيمياء" تقول المرأة: "كيف لها أن تعانق رجلا من ثلج".

The Jordanian Story
رحيل الرجل وغيابه المستمر 

وفي حين تظهر المرأة في القصص مضحية محبة قادرة على اتخاذ قرارتها كما في قصة "على فتيل" حين تقول الزوجة "أنا لا شيء دونك"، يظهر الرجل بلا عواطف إيجابية مؤثرة في علاقته مع المرأة في أكثر القصص، أو يظهر بصورة الذي لا تتحرك عواطفه إلا بعد حدث عميق مؤثر فيه، ويتبين أنه كان له ومن أجله. فهو لم يتحرك في قصة "على فتيل" إلا بعد أن "سارت إليه ومدت ذراعيها تحتضن الجذع وتلقي برأسها على خافق أرسى مراكبه على كتف الصفصاف مكبلا بأتون العناق.. وكحجر .. هزه فيض التنور كعذب فرات لانت قسماته ..".
وفي قصة "لا يتقن الحب" لم تتحرك عواطف الحب عند الرجل إلا حين رأى دمها ودموعها. تقول: "للمرة الأولى يلحظ دموع زوجته .. للمرة الأولى يشعر بخفقة تهز ضلوعه .. كان حازم يتحول في تلك اللحظة من كائن إلى آخر، كمن يخلع جلده ويتحول". ومن ذلك أيضا أن تظهر الكاتبة الرجل عاجزا عن إيجاد الحل وعن إقناع المرأة بأنه قادر على التغير والتحول، فهو يظهر في قصة "للرحيل طقوس أخرى" القصة التي حملت عنوان المجموعة عاجزا عن إقناع المرأة  بالعدول عن خلعه، وأظهرتها قوية وهي تتخذ قرار الخلع بوعي وهدوء وثقة وصلابة وحب. وفي قصة "للسعادة دروب تختلف" تغير الزوج دماء بثينة التي اختلطت بالصابون من حال الهدوء إلى حال الفوضى الروحية.
وصورة الرجل الذي لا يشارك زوجته مشاعر الفرح بنجاحها، ويقف عقبة أمام استمرار هذا النجاح حتى يجبرها على التخلي عن أحلامها ونجاحها تظهر جلية في هذه المجموعة. ففي قصة "على فتيل" يمطر الزوج، الذي تخفي الكاتبة اسمه بقصدية واضحة، زوجته الدكتورة بسيل من الأسئلة العتابية والشكائية والاستهزائية والتوبيخية، تقول: "وهل يهمك سوى نجاحاتك؟ ظهورك المستمر على الفضائيات؟ حفلاتك التي لا تنتهي؟ والجوائز التي تنهمر عليك كالمطر؟ ولأي شيء؟ ويظل سادرا في جفافه وقسوته حتى تقول له زوجته "قدمت استقالتي".
وفي قصة "لا يتقن الحب" تصور الكاتبة الرجل المحبِط الذي لا يكف عن انتقاد إبداع زوجته تقول الكاتبة على لسانه: "وهل تظنين أن خربشاتك فن قد يود الجمهور إضاعة وقته بالنظر إليها". وتبقى صورة الرجل الوفي المحب في قصة "على جذوة حب" مفتوحة على احتمالين: الأول أنه كان وفيا ومحبا وظل كذلك "فه" فجأة في غرفة الصغير يهدهد سريره، أو على باب خزانتها يعانق ملابسها، ويغرق في ذكريات محمومة .. أو منكبا على سجادتها بدموعه، أو يضم مخدتها ويغفو، ويتملكه الوهم أنه يعتصرها بين ذراعيه، وأنها بين أحضانه. وكلما بهتت رائحة المخدة رش قطرات من عطرها ليتجدد حضورها الذي هيمن على البيت، والثاني أن فقدها قد أيقظ فيه هذا الحب. وليست الذكريات التي استدعاها الرجل إلا ذكريات منتقاة من باب اذكروا محاسن موتاكم، مما طبع عليه الإنسان. 
وتطغى على كثير من قصص المجموعة صورة الرجل الطاغي القاسي ففي قصة "لا يتقن الحب" تقول: "احتجت باستياء فلم يكن مسموحا لها أن تغضب فكانت تلك سمته وحده، ولا يحق لها أن تشاركه بها". وفي قصة "للسعادة دروب تختلف" تعطي صورة أخرى لهذا النوع من الرجال: "كان يصرخ وهي تحدق به ولا تراه". وهذه الصورة القاسية تسم الرجل حتى في ردات فعله اللا إرادية ففي قصة "لا تستبق الأمور" يصفع الرجل زوجته التي قالت له "كنت أمزح": "مد يده وصفعها بقوة جعلتها تترنح .. وصرّ على أسنانه بشدة: إياك أن تعودي لمثل هذا المزاح ثانية.. وضمها بحنق معتذرا".
ومن صور الطغيان والقسوة التي صورتها القصص صورة الرجل المحب للتملك وتسيير الأنثى وفق رغابته وهواه وموقفه ورأيه ففي قصة "منحوتة" تقول: "مذ وقع بصره عليها قرر أن يعيد تشكيلها .. فقط لو مرر عليها بعض أصابعه، وأضاف إليها بعض لمساته، وداعبها هنا وهناك، لخرجت إلى العالم بوجه لا يضاهيه جمال ..". 
وفي قصة "تبا للروتين" تنفجر المرأة بعد أن تعبت من الخطوط الحمراء الكثيرة التي وضعها لها الرجل المتحكم المستبد. وفي قصة "تبا للوعيد" تنفجر المرأة من كثرة استخدام زوجها للجملة الشرطية المعروفة المشهورة "إن لم تفعلي ذلك فأنت طالق أو إن فعلت ذلك فأنت طالق". 
ومن صور الرجل الطاغية التي ظهرت في هذه المجموعة القصصية صورة  القاتل الذي يقتل أخته بدعوى غسل العار: "تمد يدها هامسة بدهشة .. "أخي" لماذا قتلتني؟ ومن صور القسوة والطغيان التي ظهر بها الرجل صورة الأناني المدمن، ففي قصة "إدمان" صورة الرجل الذي لا يأبه إلا لإشباع نهمه وحاجته فهو يذهب للدكان ليتزود بثلاث علب سجائر لتكون زاده في تلك الليلة بدل أن يشتري ما يفيد زوجته وأولاده أو يفرحهم. ومن تلك الصور أيضا صورة الرجل الذي يفتعل الشجار ليكسر رتابة الروتين. كما في قصة "صباحات مختلفة". 
ومن صور قسوة الرجل في المجموعة القصصية رحيل الرجل وغيابه المستمر أو إعلانه الرغبة بالرحيل، ففي هذه المجموعة القصصية وجدت كثيرا من الرجال الغائبين والراحلين، ففي قصة، تبا للغياب "وقفت الزوجة" بينه وبين الباب رافضة إعطاءه المفتاح، وفي قصة "تبا للغربة" تقول المرأة: "لماذا يراودني شعور أنك تخلع جذورك وترحل". وفي ومضة "احتكار" تقول: "وكلما سافر كان ينسى، ويأخذ قلبها معه. وفي قصة "أقدار" إيحاء بعمق أثر الغياب في المرأة: "تأخر كثيرا، أنهكها الانتظار. ومن صور القسوة ما فعله الرجل بزوجته مستغلا طيبتها وبساطتها وعفويتها وقلة خبرتها، ففي قصة "حين تعثر الياسمين" أجبرها على شرب الشمبانيا، وسار بها وفق قاعدته التي جلبها معه من الغرب "اللذة لا تكون إلا في المحرمات". فهو كما جاء في القصة "يعشق نزواته، مهووس إلى حد المرض، لا يكف عن إيجاد وسائل لإشباع رغبات مجنونة ماجنة". 
رسمت الكاتبة حنان باشا في هذه المجموعة في عقل القارئ صورة الرجل الذكوري الذي يستخدم قوته وخبرته وعضلاته في تعامله مع المرأة، وبنت هذه الصورة بروية وذكاء وحنكة، واستطاعت أن تنفذ بريشتها وقلمها إلى روحه وقلبه فتصف نبضه، وطريقة تفكيره، وحركة روحه، وكل ذلك بلغة بسيطة مكثفة، وأسلوب ماتع، وسرد لطيف ماتع.