ماذا لو لم تُهزم داعش؟

بقاء داعش في قلب فرص إيران وتركيا والغرب في التحكم بالعرب.

ماذا لو لم تُهزم داعش؟ سؤال مشروع، قد لا يتوقع احد طرحه في خضم الأحداث الدموية المتسارعة التي تدور رحاها على أرضنا ويعاني شعبنا جراءها الويلات العظام، سؤال موجه إلى كل الحكام العرب الذين أسهموا بقصد أو بدونه في وصولنا إلى حافة الهاوية.

حكامنا الميامين الأجلاء ظل الرب في الأرض،هم الذين دمروا العراق وساهموا في عودة الاستعمار إليه، لم يكن على عهد صدام أي تواجد لعناصر إرهابية مسلحة. أصبح العراق موطنا للمجرمين من كافة أنحاء العالم، دمروا سوريا بعد أن كانوا يقيمون مع نظامها أوثق العلاقات، والتحقت سوريا بالعراق في ركب الدمار والبؤس والشقاء والتشرد بفعل المساعدات السخية للتكفيريين الذين أتوا بهم من كل أصقاع الأرض. اليمن السعيد، وبسبب الفقر الذي كان بالإمكان القضاء عليه بمساعدات العرب، صار مأوى لتنظيم القاعدة. شمال إفريقيا أصبح مرتعا للإرهابيين. ليبيا صارت في مقدمة الدول الراعية للإرهاب، فمن يحكمونها اليوم بفعل انقلابهم على نتائج صناديق الانتخابات هم أكثر فظاظة من أي مستعمر حلّ بالبلاد، حيث القتل على الهوية وأكثر من ثلث السكان خارج الوطن.

قوتان عظميان كانتا تتحكمان في العالم القديم هما الفرس والروم. نلعن إيران بسبب تدخلها في العراق بل نمعن في ذلك وننعتها بأنها فارسية. من الذي جعل إيران تتدخل في العراق وسوريا ولبنان واليمن؟ اليس بني يعرب الذين يقودهم الغرب ويمسك بخطامهم كالبعير. ماذا حقق العرب على مدى العقود الماضية حيث نالوا استقلالهم المزيف واستمروا في تبعيتهم للغرب. ثروات العرب الطبيعية وتعدادهم يفوق فارس. نحن نستورد كل شيء، وساهمنا في فرض حظر اقتصادي على إيران لكنها استطاعت أن تتكيف مع الواقع وتنتج ما عجز العرب عن تحقيقه. أو ليس من حق إيران أن تعمل لأجل مصالحها كما يعمل الآخرون؟

الأتراك القوة الثانية في المنطقة احتلونا على مدى أربعة قرون وبنوا أمجادهم بأموالنا وعرقنا ودماءنا. عندما اجبروا على الرحيل أبوا إلا اقتطاع جزء عزيز من سوريا انه لواء الاسكندرونه. وللأسف فإن حكومات سوريا المتعاقبة لا تزال تخدع شعبها بان لواء الاسكندرونه يتبعها. تركيا اليوم تعلن الحرب على داعش وإمكانية احتلال الأراضي السورية المجاورة لها وإقامة منطقة عازلة. تركيا تسيطر على مقاليد الأمور في ليبيا وتحاول جاهدة أن تبقى تونس في أحضانها. استطاعت مصر أن تفلت من قبضتها بفعل جيشها المغوار فصب سلطان اسطنبول جام غضبه على قيادة مصر، لأن السلطان أيقن أن حلمه في إحياء إمبراطوريته قد ولّى إلى غير رجعة.

اليوم عاودت الأمتان نشاطهما وتحاولان جاهدتين استرجاع أمجادهما. إنهما قوتان إقليميتان لا يستهان بهما ويحسب لهما ألف حساب وحساب. فالغرب لا يعترف إلا بالأقوياء.

أصبحت معظم دولنا ترزح وتئن تحت سيطرة العصابات التكفيرية الإجرامية التي أنشاها الغرب في منطقتنا، ويختار لكل مرحلة اسم: القاعدة وداعش والبقية تأتي. قويت شوكة العصابات وأصبحت تهدد مصالح الغرب في منابع النفط وأصدقائهم عرب الخليج. نعاود طرح السؤال: ماذا لو لم تهزم داعش؟.داعش لن تهزم او هكذا يريدون لها ان تبقى. الغرب يتحدث عن أن الحرب على الإرهاب/داعش ستطول وان إعداد المعارضين السوريين وتجهيزهم لأجل الإطاحة بالنظام ستأخذ وقتاٌ، بمعنى أن بلداننا ستكون ساحة لقتال مستمر وسيزداد عدد اليتامى والأرامل والمشردين، وستكون بناتنا سبايا للآخرين، وستذهب مقدرات دولنا لتغذية الصراع الطائفي المذهبي وسندفع تكلفة الحرب القذرة، ونعود إلى سابق عهدنا عراة حفاة جهلة، لم نستفد بنعم الله علينا، وحتما لن يطول المقام بأصحاب المعالي والجلالة فسيجدون يوما أنفسهم كما غيرهم من الحكام العرب إما قتيلا أو طريدا أو خلف قضبان. أو ليس كذلك أيها العرب؟ فماذا تنظرون؟