متى يتوقف نزيف الحيوانات الضالة في تونس؟

مقاطع فيديو عديدة لتعذيب وقتل وتشويه الحيوانات السائبة تغزو مواقع التواصل في تونس، ونشطاء يطالبون بتعديل قانون يجرم تعذيب الحيوانات.

في العصر الحالي ورغم هوسنا بالتكنولوجيا والانترنت وانشغالنا بالعالم الرقمي والافتراضي وغزو الروبوتات والذكاء الاصطناعي لكافة نواحي الحياة لا سيما في الدول المتقدمة مازالنا نعتبر الحيوان الأليف الرفيق الدائم والودود والوفي لنا وكاتم أسرارنا والشاهد على ادق تفاصيل حياتنا وعلى لحظات فرحنا ووجعنا.
وأفادت دراسات علمية ان تربية الحيوانات الأليفة لها منافع صحية عديدة اذ انها تساهم في الوقاية من ضغط الدم المرتفع وتعدل نسبه الكولسترول في الدم كما تطرد كوابيس المشاعر السلبية مثل القلق والاكتئاب والضغط العصبي.
ويقبل الكبار والصغار على تربية الحيوانات الأليفة وعلى توفير جميع مستلزمات الحياة الكريمة وحتى الرفاهية لها ويصيب أي واحد منهم الهم والكمد اذا فقد قطته المبجلة او كلبه المدلل.
وبادرت شابة تونسية مولعة بالحيوانات في الضاحية الشمالية لتونس العاصمة على سبيل المثال الى افتتاح نزل بخمسة نجوم للحيوانات الأليفة من الكلاب والقطط. 
ويوفر نزل "بيت هوس" خدمات الأكل والنظافة والإقامة والرعاية الصحية للكلاب والقطط أثناء غياب أصحابها بمقابل لا يتجاوز 15 دولار لليلة الواحدة.
وقد نالت التجربة الاولى من نوعها في تونس استحسان نشطاء في مجال الرفق بالحيوان. 
لكن ماهو مصير الحيوانات الضالة التي تفترش الأرض مكانا لها والسماء غطاء لها ولا تجد مأوى يقيها من برد الشتاء وحرارة الصيف الحارقة؟.
وتعتبر معاناة الحيوانات الضالة مضاعفة اذا انها تحت رحمة بشر تختلف طباعهم وسلوكياتهم.
وتتعرض الكلاب والقطط في كثير من الاحيان في شوارع تونس للضرب والتشويه والحرق وللطعن او حتى الدهس بالسيارات بشكل متعمد.
وتتعدد حوادث تعذيب الحيوانات المشردة في تونس وتغزو مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو عديدة لعمليات تعذيب أو قتل للحيوانات السائبة.

أهمية زرع ثقافة الرفق بالحيوان
أهمية زرع ثقافة الرفق بالحيوان

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس مقطع فيديو صادماً يظهر مجموعة من الشباب يعذبون كلباً ضالاً حتى الموت بطريقة بشعة، من خلال رميه لآخر شرس من النوع الخطير، الذي نهش لحمه حتى الموت.
وأذن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمحافظة نابل، شمال شرق تونس، بإيقاف أربعة أطفال أعمارهم بين 14 و15 عاماً وإيداعهم الإصلاحية بسبب تهييج كلب من نوع "بيتبول" على كلب آخر، ما أدى إلى موته.
وينص الفصل 317 من المجلة الجزائية على السجن لمدة 15 يوماً لكل من يعذب حيوانا، لأن تعذيب وقتل حيوان يعدّ جريمة.
ويطالب حقوقيون بتعديل القانون القديم وتسليط عقوبات اشد على من يقوم بتعذيب وقتل الحيوانات. 
وأثارت مثلا حادثة مروعة تمثلت في قتل أكثر من 20 كلباً في ملجأ للحيوانات، بجزيرة جربة جنوب شرقي البلاد، من جانب شباب من المنطقة، استياء واسعاً بين المدافعين عن حقوق الحيوان في تونس.
ونظمت خلالها جمعيات ناشطة في مجال الحيوانات وقفة احتجاجية في العاصمة للتنديد بالانتهاكات التي تتعرّض لها.
وتقع الكلاب السائبة بين مطرقة السلطات البلدية وسندان شباب غلاظ الطباع ومتحجري القلب يجدون متعة في تعذيب حيوانات بريئة ولا ناقة ولاجمل لها في كل ما يحدث.
ويهاجم نشطاء الخطط الحكومية لإزالة الكلاب الضالة والسائبة من الشوارع ويستهجن الكثير منهم طريقة القضاء عليها عبر القنص بالذخيرة من قبل وحدات الشرطة البلدية.
ويعتبرون أن هذه الممارسات غير إنسانية ووحشية وإن الدولة مطالبة بالحفاظ عليها وحماية الثروة الحيوانية من نزيف سفك دماء الكلاب السائبة واللجوء إلى حلول أخرى غير القتل، على غرار التلقيح وتجميع الحيوانات الضالّة في أمكان مخصصة لها.
وتؤكد الشرطة البلدية في محافظات تونس أنها مضطرة الى القضاء على الكلاب السائبة التي تكاثرت في السنوات الأخيرة وأصبحت مصدر إزعاج للمواطنين كما انها يمكن ان تلحق بهم الاذى.
وقتلت الشرطة البلدية في تونس عام 2018 وفقا لاحصائيات غير رسمية ما يناهز 40 ألف كلب ضال الا انها تخلت بعد ذلك عن طريقة القنص واستبدلتها بتعقيم وتلقيح الحيوانات السائبة ونسجت على منوالها بلديات اخرى. 
على الجانب الاخر دقت تقارير إعلامية ناقوس الخطر من انتشار الكلاب السائبة وخطرها على الصحة واعتبرت أن عشرات الآلاف من التونسيين تعرّضوا لمهاجمة حيوان مشبوه. 
وأفادت احصائيات لجمعيات ناشطة في المجال الصحّي ان عدد التونسيين الذين تلقوا العلاج الوقائي ضد داء الكلب إثر التعرض لمهاجمة حيوان مشبوه في العام 2018 بلغ قرابة 50 ألف شخص مقابل 47 ألفاً عام 2017، ويمثل الأطفال النسبة الكبرى من المستهدفين بنسبة تقدر بنحو 40 بالمائة بحسب.
ويصنف داء الكلب كمرض قاتل، ويمكن تجنبه في حال توفر طرق الوقاية اللازمة، وشهدت تونس حوادث وفيات بسبب إصابات بداء الكلب.
وتسعى منظمات ناشطة في مجال الرفق بالحيوان الى انقاذ الحيوانات الضالة من الارهاب الذي تتعرض له، وتعمل على حمايتها من الأذى والمعاملة السيئة.
 يدير بعض النشطاء عددا من الملاجئ الخاصة والأماكن لحيوانات تخلى أصحابها عنها.
وتجابه الملاجئ تحديات عديدة ابرزها صعوبة  الحصول على اعتراف قانوني لها وتصطدم باجراءات  قانونية طويلة وشائكة للحصول على الترخيص، الى جانب قلة التمويل المخصص لها.
ويطالب العديد من المدافعين عن الحيوانات خصوصاً السائبة منها الحكومة بتأسيس ملاجئ "حكومية" تشرف عليها الدولة بالتعاون مع المجتمع المدني تجمع فيها الحيوانات السائبة من أجل الاعتناء بها ومداواتها.
ويؤكد خبراء على أهمية زرع ثقافة الرفق بالحيوان حتى يتربى الناشئة على حب الحيوان والعطف عليه.