مسرحيو تونس ساخطون على 'لا هكا لا هكا' في مهرجان قرطاج

مسرحية جديدة للممثل الشاب نضال السعدي تثير الغضب في صفوف مسرحيين يطالبون ببرمجة أعمال فنية جادة وهادفة في أعرق المهرجانات التونسية.

تونس - أحدثت برمجة مسرحية جديدة للفنان والممثل التونسي المقيم في فرنسا نضال السعدي في مهرجان قرطاج الدولي موجة من الغضب والسخط والغليان في صفوف  المسرحيين التونسيين.
واعتبر نقاد ان أعرق المهرجانات في الوطن العربي وفي تونس يعمد لتغييب المسرح الهادف وفتح الباب على مصراعيه أمام أعمال فنية تجارية بالاساس على غرار مسرحية "لا هكا لا هكا" لنضال السعدي.
تأسس مهرجان قرطاج الدولي في عام 1964 ليصبح بمرور السنين أقدم المهرجانات التونسية وأكثرها جماهيرية.

وعبر العديد من المسرحيين على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من تغييب المسرح الجاد والهادف في برمجة المهرجانات الصيفية الوطنية والدولية وفي مقدمتها مهرجان قرطاج. 
وشدد عدد منهم على أن برمجة أعمال "الوان مان شو"، و"الستاند آب" التجارية إهانة للمسرح وللمسرحيين. 
وكتب المسرحي التونسي المعروف أنور الشعافي تدوينة على صفحته الخاصة على فيسبوك عن برمجة نضال السعدي في مهرجان قرطاج الدولي. 
وقال الشعافي إنه يحمّل المسؤولية مباشرة لمديري المهرجانات الذين كرّسوا نجوم الورق التي أنتجتها القنوات التجارية.
واعتبر أن هذه العروض لا تدعمها الدولة، بحكم أنها تجارية وغير مكلفة إنتاجيا، لكن المهرجانات التي برمجتها مدعمة من المال العام. وليس دورها برمجة العروض التجارية، وإذا كانت المهرجانات تبحث عن الربح المادي فعليها أن لا تطلب دعما من سلطة الإشراف.
واعتبر المسرحي التونسي أن "لاهكا لا هكا" لا علاقة لها بالمسرح وتأتي برمجة هذا العمل في إطار سياسة التهميش واقصاء المسرح الجاد في المهرجانات الصيفية. 
و"لا هكّا لا هكّا" مسرحية من نوع "الوان مان شو" وقد استلهم نضال السعدي سيرته الذاتية لتكون مادة فنية في عمله الجديد.
وعاد نضال الى ذكريات طفولته التي عاشها في تونس ثم هاجر بعدها إلى فرنسا في سن العاشرة ليعود لبلده الأم وهو في مرحلة الشباب.
ومكنت رحلة نضال بين ثقافتين مختلفتين من تكوين تجارب حياتية متعددة جسدها في مواقف هزلية وكوميدية ساخرة تطرح مواضيع عديدة كالحب والعنصرية كما قارن بين طباع وسلوك التونسيين والفرنسيين.
وطرح الممثل الشاب مقارنة بطريقة ساخرة بين التعليم في تونس وفي فرنسا، وتطرّق إلى صعوبة تأقلمه مع الحياة الدراسيّة في بلد المهجر.
وقال نضال السعدي إنّ عنوان عمله "لا هكا لا هكا" يعكس حالة الانفصام في الشخصيّة التي يعيشها التونسي والبحث عن الهوية، وعدّد بعض المواقف التي عاشها بعد عودته إلى تونس منها العلاقات العاطفية التي تغلب عليها المصلحة والأهواء وعلاقة سيارات التاكسي بالحرفاء والضيافة وغيرها.
وألقى نضال الضوء في هذا العمل على قضايا الرشوة والفساد والبيروقراطية وواقع الإعلام اليوم، كما تطرّق إلى ظاهرة الميز العنصري بأسلوب هزلي.
والممثل الواعد تمكن من خطف الأنظار إليه ونيل اعجاب شريحة واسعة من التونسيين في المسلسل التونسي الرمضاني الأكثر شعبية "أولاد مفيدة".
ولعب نضال دور "بيرم" في المسلسل وهو شاب مغرم بالأوشام ومولع بجمع المال وإثارة المشاكل ومعروف بطمعه الشديد وتغليبه المادة حتى على حساب أفراد أسرته.
في حين اعتبر نقاد ان دور "بيرم" في المسلسل الرمضاني باجزائه المختلفة يروج للانحراف والرذيلة.
وحاز نضال السعدي الذي انفرد بالبطولة في أول عمل سينمائي يقوم به على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "في عيني" للمخرج التونسي نجيب بلقاضي، وذلك في الدورة 17 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
واعتبر متابعون للشأن الفني أن نضال مجرد ظاهرة فنية عابرة صنعتها وسائل الإعلام الخاصة وموهبته مازالت بحاجة الى الكثير من التقويم والخبرة والعمل والاجتهاد.
وقال مدير المهرجان مختار الرصاع في مؤتمر صحفي إن برنامج الدورة الجديدة يشمل 32 عرضا تشمل جميع الفنون الموسيقية والغنائية والمسرحية.
وفي حين اصطدمت مسرحية "لا هكا لا هكا" بانتقادات كثيرة، أجمع النقاد على كسب مهرجان قرطاج الرهان ببرمجته عرض "ملوك الطوائف" وطالبوا بمزيد تقديم مادة فنية تليق باسم وتاريخ التظاهرة التونسية.

وعلى مستوى العروض المسرحية قدم المهرجان يومي 15 و16 يوليو/تموز النسخة الثانية من المسرحية الغنائية اللبنانية "ملوك الطوائف" لمنصور الرحباني من إخراج مروان الرحباني وبطولة هبة طوجي وغسان صليبا.
وفي واحدة من أكثر السهرات امتاعا حتى الآن بمهرجان قرطاج تابع الجمهور "ملوك الطوائف" الذي يفتح نافذة على التاريخ ليستنبط قراءة نقدية جديدة للواقع المعاصر.
والعرض الذي قدم على المسرح الأثري الروماني في قرطاج من بطولة هبة طوجي وغسان صليبا وإخراج مروان الرحباني. وشارك في تلحينه وتوزيعه غدي وأسامة الرحباني.
وقدم منصور الرحباني النسخة الأولى من الملحمة الغنائية في عام 2003 ليعيد الجيل الثاني من الرحبانية تقديمه برؤية حديثة في مهرجان قرطاج. وتدور الأحداث خلال القرن الحادي عشر عندما قامت دويلات صغيرة متناحرة في الأندلس أدت في النهاية إلى سقوطها.
والمسرحية آخر تحفة فنية قدمها منصور الرحباني قبل رحيله، وتتناول الصراعات التي دارت بين ملوك الطوائف في الأندلس في القرن الحادي عشر من أجل السلطة والهيمنة والتوسع، عندما قامت دويلات صغيرة متناحرة في الأندلس أدت في النهاية إلى سقوطها.